دراسة كندية ترجّح انتقال «كورونا» عبر الرحم

آثار العدوى رُصدت في المشيمة ولدى الوليد

دراسة كندية ترجّح انتقال «كورونا» عبر الرحم
TT

دراسة كندية ترجّح انتقال «كورونا» عبر الرحم

دراسة كندية ترجّح انتقال «كورونا» عبر الرحم

على الرغم من المعلومات المؤكدة عن وجود فيروس كورونا المستجد، بشكل أساسي في الجهاز التنفسي، إلا أن العديد من التقارير الطبية رصدت وجوده في جميع أجهزة الجسم الأخرى، وهو الأمر الذي يفسر ظهور أعراض مختلفة للإصابة تبعاً لكل جهاز.
- أعراض جديدة
على سبيل المثال، ظهرت أعراض تشبه النوبة القلبية أو جلطة الشرايين التاجية في بعض الحالات كانت في معظم الأحيان تنتهي بالوفاة. وعلى الرغم من ندرة هذه الحالات، إلا أنه لا يمكن إغفالها، خصوصاً أن جميعها تختلف عن أعراض الجهاز التنفسي المتعارف عليها، سواء أعراض الجزء الأعلى منه، مثل احتقان الحلق والسعال، أو الجزء الأسفل، الذي يحمل علامة الخطورة لتطور المرض نحو الإصابة بالالتهاب الرئوي والفشل التنفسي. وبالطبع أجريت العديد من الدراسات لمعرفة الطرق المختلفة لنقل العدوى وإمكانية تفاديها.
أحدث دراسة تم نشرها في مجلة «الرابطة الطبية الكندية» (CanadiaS Medical Association Journal)، في منتصف شهر مايو (أيار) من العام الحالي، عن طرق انتقال العدوى، أشارت إلى احتمالية أن ينتقل الفيروس للجنين من خلال الأم المصابة، حيث تم تشخيص رضيع حديث الولادة في مستشفى «جبل سيناء» بتورنتو بكندا.
وعلى الرغم من أن هذه الولادة لم تكن هي الحالة الأولى لتشخيص الرضع بفيروس «كوفيد - 19»، إلا أنها تختلف عن بقية الحالات في أن الرضيع وُلد عن طريق إجراء جراحة قيصرية. وهو ما يعنى أن الفيروس لم ينتقل عبر مهبل الأم إلى الطفل، ولكنه انتقل من خلال الرحم عبر المشيمة، حيث إن الأم كانت تعاني من الأعراض المعروفة لفيروس كورونا المستجد، من ارتفاع في درجة الحرارة، وآلام في العضلات، وفقدان للشهية، وسعال بدون بلغم (dry cough)، وضعف عام.
وأثناء الولادة، تم الالتزام بالإجراءات الوقائية المعروفة للأم من ارتداء الكمامات والقفازات الواقية، حتى تقل احتمالية نقل العدوى للرضيع إلى الحد الأدنى.
ومع أن الرضيع ولد بعد حوالي 36 أسبوعاً من الحمل (أقل قليلاً من الميعاد المحدد وهو من 37 إلى 39 أسبوعاً)، وعلى الرغم من تأكيد اختبار الفيروس عن طريق إجراء مسحة من الأنف، تمت وقت الولادة، ثم اليوم التالي لها، ثم بعد أسبوع، التي أكدت جميعها إصابته، إلا أن وزنه كان طبيعياً، وبصحة جيدة، وأيضا لم يعانِ من صعوبة في التنفس. وهو ما يعني أن اكتساب المرض يمكن أن يكون نوعاً من العيوب الخلقية في المستقبل في حالة إثبات تلك الفرضية العلمية.
تجدر الإشارة إلى أن الدراسات السابقة التي رصدت إصابة الرضع لم تتمكن من معرفة السبب الأكيد في انتقال العدوى، وهل تمت من خلال الولادة الطبيعية، أم من خلال الرذاذ، أثناء حمل الأم للرضيع، أو من خلال الرضاعة الطبيعية عبر ثدي الأم.
- عدوى في الرحم
أوضح الباحثون أنهم غير متأكدين من الآلية التي أدت إلى إصابة الرضيع بالعدوى، ولكن حينما تم فحص خلايا المشيمة ظهر وجود نوع من الالتهاب الناتج عن العدوى الفيروسية الأصلية، وهو ما يوضح أن العدوى يمكن أن تنتقل بشكل رأسي (vertical) (يتم إطلاق هذا اللفظ على آلية انتقال الأمراض من الأم الحامل للجنين). وتعتبر هذه النتائج شديدة الأهمية في حال إثباتها بشكل قاطع، خصوصاً وأن علماء من جامعة «ستاتن إيلاند» (Staten Island University) بالولايات المتحدة، أوضحوا تعليقاً على هذه الولادة، أن الفيروس ربما يستهدف أماكن أخرى من الجسد، بعيداً عن الجهاز التنفسي، مثل رحم الأم أو المشيمة. وأشاروا إلى أنه على الرغم من ندرة هذه الحالات، إلا أنه يجب أن يتم عمل مسح للرضع حديثي الولادة، حيث إن هناك إمكانية أن تكون الأم مصابة بالفيروس، ولا تظهر عليها أعراض المرض، ولكنها حسب الدراسة ربما تكون ناقلة له لأبنها.
وأكدت الدراسة على أهمية إجراء التحاليل المحددة للإصابة عن طريق أخذ مسحة من الحلق، أو الأنف، من الأم الحامل في الشهور الأخيرة، واتباع الإجراءات الكافية للوقاية من الفيروس في حالة التأكد من إصابة الأم. وينطبق هذا الكلام على الأم والطاقم الطبي، على حد سواء، وتجهيز الرعاية المركزة للأطفال في حالة احتياج الرضيع لها نتيجة للمضاعفات في الجهاز التنفسي وفشله. وألا يتم خروج الطفل والأم من المستشفى إلا بعد التأكد من سلبية التحاليل، أو عدم وجود خطورة للذهاب إلى المنزل. يذكر أنه في بعض حالات الإصابة بـ«كورونا»، تظل النتائج إيجابية لمدة تصل إلى 45 يوماً، على الرغم من اختفاء الأعراض، بشكل كامل، أو المعاناة من أعراض بسيطة جداً.
وأوضح العلماء أن إجراء تحليل لوجود أجسام مضادة للفيروس في دم الرضيع ربما يكون مفيداً في التشخيص. وهناك نوعان من هذه الأجسام «IgG» وأيضاً «IgM». ومن المعروف أن الأجسام المضادة «G» تمر عبر المشيمة من الأم للجنين، بينما تكون الأجسام المضادة «M» أكبر حجماً من أن تعبر المشيمة، ولذلك في حالة وجودها في دم الرضيع، يعني أن الرضيع قام بتصنيعها حديثاً، إما داخل الرحم نتيجة للعدوى أو عدوى أثناء الولادة من الأم، أو البيئة المحيطة به، سواء الطاقم الطبي أو المستشفى.
في النهاية، لم يستطع العلماء تأكيد أو نفي انتقال الإصابة، ولذلك وجهوا النصيحة مجدداً للأمهات الحوامل بضرورة اتباع طرق الوقاية، وإجراءات السلامة، والبعد عن أي تجمعات يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالمرض، وعدم الاحتكاك بالمصابين بأعراض نزلات البرد العادية، وأيضاً عدم الذهاب إلى المستشفيات إلا في حالة الضرورة القصوى.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

صحتك الأمهات الجدد يمكنهن استئناف ممارسة الرياضة بالمشي «اللطيف» مع أطفالهن (رويترز)

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

تشير أكبر دراسة تحليلية للأدلة إلى أن ممارسة أكثر من ساعة من التمارين الرياضية متوسطة الشدة كل أسبوع قد تقلل من شدة «اكتئاب ما بعد الولادة».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك الحمل قد ينشط فيروسات قديمة خاملة في الحمض النووي للأمهات (رويترز)

الحمل قد ينشّط فيروسات قديمة خاملة في الحمض النووي

اكتشفت مجموعة من الباحثين أن الحمل قد ينشّط فيروسات قديمة خاملة في الحمض النووي للأمهات، وذلك لزيادة الاستجابة المناعية التي تزيد من إنتاج كرات الدم الحمراء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مريضة بالسرطان (رويترز)

وسيلة لمنع الحمل قد تزيد خطر إصابة النساء بسرطان الثدي

أكدت دراسة جديدة أن النساء اللاتي يستخدمن اللولب الرحمي الهرموني وسيلةً لمنع الحمل قد يكون لديهن خطر أعلى للإصابة بسرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
صحتك توصي الإرشادات الدولية النساء الحوامل بالحد من كمية القهوة التي يقمن بتناولها (أ.ب)

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة في إصابة أطفالهن بفرط الحركة؟

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة -حقّاً- في إصابة الأطفال ببعض الاضطرابات العصبية، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال الحمل قد تؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد (أ.ب)

مرض الأم خلال الحمل قد يصيب الطفل بالتوحد

توصلت دراسة جديدة إلى أن إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال الحمل قد تؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.