ملف المغيّبين والمختطفين يزيد أعباء حكومة الكاظمي

قوى سنيّة عراقية تتحدث عن اختفاء 12 ألف شخص في المناطق المحررة

صورة أرشيفية لنازحة فرت من المعارك مع «داعش» في الموصل (أ.ب)
صورة أرشيفية لنازحة فرت من المعارك مع «داعش» في الموصل (أ.ب)
TT

ملف المغيّبين والمختطفين يزيد أعباء حكومة الكاظمي

صورة أرشيفية لنازحة فرت من المعارك مع «داعش» في الموصل (أ.ب)
صورة أرشيفية لنازحة فرت من المعارك مع «داعش» في الموصل (أ.ب)

إلى جانب التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية الخطيرة التي تواجه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تبرز قضية المغيّبين والمختطفين ضمن ملفات أخرى لا تقل صعوبة عن مجموع التحديات التي يواجهها الكاظمي وتتطلب منه اتخاذ إجراءات عاجلة ومحددة، لتطمين أسر الضحايا، سواء للمفقودين في المناطق المحررة من قبضة «تنظيم داعش»، أو أولئك الذين خطفوا في انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وضمن مساعيه لمعالجة هذا الملف، أصدر الكاظمي قبل أيام توجيهاً لوزارة الداخلية بالكشف عن مصير المغيبين والمختطفين، وهو من بين أكثر الملفات تعقيداً، نظراً إلى أنه لم يرتبط بجماعات الحراك الاحتجاجي فحسب، بل ارتبط أساساً بالأشخاص الذين اختفوا في ظروف غامضة في المحافظات المحررة من قبضة «داعش» بعد 2014.
وتتحدث شخصيات وقوى سنيّة مختلفة عن آلاف المغيبين ومجهولي المصير في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى. ولم يتمكن رئيسا الحكومتين السابقتين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي من إحراز تقدم يذكر في ملف المغيبين والمختطفين، ما يضع أعباءً إضافية على الكاظمي الذي أوعز بـ«تشكيل لجنة تتولى وضع قائمة دقيقة بأسماء الشهداء والجرحى والمعوقين من الذين سقطوا في الاحتجاجات الشعبية، سواء من المحتجين أو قوات الأمن».
ورغم الأحاديث الكثيرة عن المغيبين والمختطفين، غير أن أعدادهم الحقيقية والجهات التي تقف وراء عمليات اختطافهم ظلت على طول الخط غامضة وغير واضحة. لكن أصابع الاتهام غالباً ما أشارت إلى جماعات «موازية» لأجهزة الدولة وبعض الميليشيات المسلحة التي عملت تحت مظلة «الحشد الشعبي». وفي المقابل، هناك أيضاً مشكلة تحويل بعض عناصر «داعش» من قبل عائلاتهم إلى ضحايا ومغيبين، فيما قد يكونون من بين صفوف المقاتلين وربما قتلوا في المعارك أو فروا إلى جهات مجهولة.
وأصدرت «جبهة الإنقاذ والتنمية» بياناً للرد على حديث رئيس الوزراء أمام كبار الضباط في وزارة الداخلية بشأن المختطفين والمغيبين. وقالت الجبهة التي يتزعمها رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي وتضم طيفاً واسعاً من القوى السنيّة، إنها «منذ نشأتها كان أحد أهم أهداف الجبهة حسم ملف المختطفين والمخفيين قسراً، وفي سبيل هذا الهدف اجتمع رئيس الجبهة برئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وأرسل كتباً ومذكرات حول هذا الموضوع الذي يتضمن مصير 12 ألف مواطن عراقي».
وأضافت أنه من خلال متابعات جبهة الإنقاذ والتنمية تأكد لها أن حالات الاختطاف والتغييب القسري جرت في أماكن لم يكن لـ«تنظيم داعش» الإرهابي وجود فيها، وهناك لجان تحقيقية شكلت في مراحل سابقة واشتركت فيها أطراف عدة، توصلت إلى أسماء الميليشيات التي نفذت عمليات الإخفاء القسري وعناوينها وفصائلها وأماكن عملها.
ولفتت إلى أن «كل الجهود التي بذلت خلال المرحلة الماضية لم تقد إلى معرفة مصير الآلاف من هؤلاء المواطنين، ولم يقدم للقضاء أي مجرم شارك في هذه الجرائم المضادة للإنسانية، كونها جريمة إبادة جماعية لمواطنين كل ذنبهم أنهم من مكون مختلف عمن نفذوا هذه الجرائم».
ودعت الجبهة رئيس الوزراء إلى «حسم هذا الملف الإنساني الخطير عبر كشف الحقائق وتعويض المتضررين ومحاسبة كل من ساهم في هذه الجرائم التي تصدم أصحاب الضمائر وتشكل علامة سوداء توصم مرتكبيها بالخسة والوحشية».
ويقول عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي إن «إجمالي الشكاوى والبلاغات المقدمة إلى المفوضية في المناطق المحررة عن ادعاء فقدان منذ بداية عام 2017، بلغت 8615 شكوى، معظمها في محافظة نينوى». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مجموع من تم الكشف عن مصيرهم حتى الآن بلغ 125، حالة فقط، تراوحت بين الاعتقال أو الحكم أو الوفاة في السجن، وبعضهم مطلوب بقضايا إرهاب أو جرائم أخرى».
ويعترف البياتي بصعوبة قضية المغيبين والمختطفين، ذلك أنه «لا يمكن معرفة مصيرهم، سواء كانوا مطلوبين بأحكام قضائية أو معتقلين أو محكومين أو قتلوا في المعارك، وبعضهم يمكن أن يكون قد اختفى في مقابر (داعش) الجماعية أو هربوا خارج العراق». أما المخطوفون من الناشطين وجماعات الحراك فإن «العدد الموثق يبلغ 75 ناشطاً، أطلق سراح 25 منهم».
وجدد عدد كبير من الكتاب والمثقفين، أول من أمس، مطالبتهم بالكشف عن مصير الناشر والكاتب مازن لطيف الذي اعتقل في ظروف غامضة مطلع فبراير (شباط) الماضي، والصحافي توفيق التميمي الذي يعمل في جريدة «الصباح» شبه الرسمية واعتقل أمام منزله في بغداد في مارس (آذار) الماضي.
ويعتقد البياتي بعدم إمكانية إنهاء ملف المغيبين أو المختطفين «في حال لم تقم الحكومة بالتعاون مع المؤسسات الوطنية الأخرى بإعداد قاعدة بيانات مركزية لمراكز الاحتجاز والسجون والنازحين وإنهاء ملف المقابر الجماعية والمطابقة الجينية مع ذوي المفقودين والاستعانة بالشرطة الدولية (الإنتربول) أيضاً لمعرفة تفاصيل من هربوا خارج العراق سواء للهجرة خوفاً من (داعش) أو للانتماء إليه».
وأضاف أن «من لم يثبت وجوده في هذه المواقع وهناك معلومات أو ادعاءات بالإخفاء القسري من الجهات الحكومية أو العاملة معها، فالقضاء العراقي هو الفيصل كي يحقق ويحاكم الجاني وينصف المجني عليه حسب اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري التي وقع عليها العراق والتي تلزم الدولة بالقيام بالتحقيقات المطلوبة وتحقيق العدالة».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.