إسباني يروي تجربته مع «كوفيد ـ 19»: نفاني إلى العناية الفائقة 10 أيام

منذ أكثر من شهرين يتساقط ضحايا «كوفيد – 19»، بين متوفّين ومصابين ومتعافين، أرقاماً باردة من الشاشات وعلى أوراق الصحف، لا وجوه لهم ولا سير ذاتية باستثناء حفنة ضئيلة منهم كانت في دائرة الضوء قبل هبوب العاصفة الصامتة التي شلّت العالم.
المتعافون الذين كُتب لهم أن يعودوا من هذه الرحلة إلى عالم «كورونا» المجهول، يقولون إن الذي يخرج من غرفة العناية الفائقة بعد أسبوعين أو ثلاثة من الصراع يشعر «وكأن قطاراً حديدياً مرّ فوق جسده»، ولا يدرك خطورة ما عاشه إلا عندما يعود إلى أسرته أو ذويه.
خوسيه أنطونيو لوبيز، موظّف في حكومة مدريد الإقليمية، عاد من تلك الرحلة أواخر الشهر الماضي وقبِل أن يتحدّث إلى «الشرق الأوسط» للمرة الأولى عن تجربته. التقيناه في بلدة إسكوريال الجميلة بالقرب من مدريد، حيث يمضي فترة نقاهته مع زوجته وابنتيه وبين أقرباء له ورفاق من زمن الطفولة.
يقول خوسيه أنطونيو إنه لا يعرف أين ومتى بالتحديد أصيب بفيروس كورونا، وأن العوارض الأولى ظهرت عليه في 21 مارس (آذار) الماضي عندما بدأ يشعر بارتفاع في الحرارة وإنهاك عام، وفقدان تدريجي لحاسة الشمّ مع سعال متقطّع وناشف.
في اليوم التالي توجّه إلى أحد مستشفيات مدريد «متردّداً بعد ما كنا نشاهده فيها على شاشات التلفزيون من اكتظاظ واحتشاد للمصابين في الأروقة وقاعات العلاج»، وبعد إجراء الفحوص الأولية قرّر الأطباء عودته إلى المنزل وإبقاءه تحت المراقبة عبر اتصال معه مرّتين في اليوم لمعرفة تطور حالته.
يقول خوسيه أنطونيو «بعد أسبوع تقريباً تجاوزت حرارتي 39 درجة وصرت أشعر بإنهاك شديد يعيق حركتي مع اشتداد السعال وفقدان تام لحاسة الشمّ وآثار دماء في البول، فقررت الذهاب إلى قسم الطوارئ في المستشفى، حيث قال لي الأطباء، بعد إخضاعي لفحوص عدة، إن حالتي خطرة وسأُنقَل إلى العناية الفائقة إن لم تتحسّن في غضون يومين مع الأدوية التي بدأت في تناولها». ويضيف «في اليوم التالي جاءني الطبيب وقال إن الإصابة في الرئتين تتسّع رقعتها ولا بد من إدخالي غرفة العناية».
عن الأيام العشرة التي أمضاها في غرفة العناية الفائقة، يقول خوسيه أنطونيو «خضعت لعلاجات بأكثر من دواء، لكن من غير تحسن في الأيام الأولى... كنت أشعر بأن طاقة الحياة التي وصفها المصريون القدامى كانت تذهب عني وأنني اقترب ببطء نحو نقطة النهاية... إلى أن بدأت أشعر بتحسّن طفيف في اليوم السابع وصرت أستعيد بعض قواي وارتفاعاً في معنوياتي التي كانت منهارة، خاصة عندما كان الممرضون يأتون إليّ بتسجيل من عائلتي وأصدقائي، يهدوني التصفيق والتشجيع الذي كانت إسبانيا كلها تطلقه للطواقم الطبية في الثامنة من كل مساء... وفي اليوم الحادي عشر نُقلت إلى غرفة المتابعة، حيث أمضيت أربعة أيام قبل أن قرّر الفريق الطبي أنه صار بإمكاني العودة إلى المنزل لمواصلة النقاهة».
وفي ختام حديثه الهادئ، قال خوسيه أنطونيو «هذه التجربة دلّتني على طريق السعادة الحقيقية التي نمرّ أمامها كل يوم ولا ندري بها. عناق الأحباء، حديث الأصدقاء، الخروج إلى الطبيعة ومراقبة النجوم وتفاصيل الحياة الصغيرة التي نادرا ما نلتفت إليها».