نفى المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، انسحاب قواته من محاور القتال في العاصمة طرابلس، وقلل من أهمية سيطرة القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، على قاعدة عقبة بن نافع (الوطية) الجوية غرب البلاد، في وقت أعلنت فيه قوات «الوفاق» دخولها بلدتين قرب الحدود التونسية.
وتأكيدا لما انفردت «الشرق الأوسط» بنشره أول من أمس، حول انسحاب منظم للجيش الوطني من القاعدة، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم حفتر والجيش، في مؤتمر صحافي طارئ عقده فجر أمس، إن حفتر أمر بالانسحاب «بعد تقدير الموقف الميداني، وتطور الأوضاع حول القاعدة، وبعد ما عرضه آمر المنطقة الغربية العسكرية».
وأضاف المسماري أن القرار «ليس وليد اليوم. فمنذ نحو أربعة أشهر سحبنا الطائرات وقطع الغيار، وإدارة القاعدة والمعدات الثقيلة، وبعدها صدرت الأوامر بانسحاب الأفراد تحت غطاء جوي، وقمنا بتأمين سلامة الأفراد، وغرف العمليات إلى منطقة التجمع الثانية». مشيرا إلى أن الجيش لديه «تدابير قوية لاستعادة القاعدة»، وأنه من المقرر «أن يتم إطلاق اسم أحد قادتها عليها، وليس اسما تركيا كما يشاع».
وتعليقا على تباهي قوات «الوفاق» بانتزاع السيطرة على القاعدة، ونشر فيديوهات وصور تؤكد ذلك، قال المسماري «ما رأيتموه من لقطات سبق أن فعلوه في بنغازي ودرنة، والآن هم موتى أو مطاردون. وهذه الحرب التي أطلقت لتحرير كامل الأراضي الليبية لم تتوقف، وما تزال مستمرة».
وأضاف المسماري أن «الجيش الوطني» ألحق خسائر مادية وبشرية كبيرة بالميليشيات خلال سلسة غارات جوية، قال إنها ستستمر على القاعدة بهدف حرمان الميليشيات من الاستفادة منها.
وبعدما سخر مما وصفه بدخول الميليشيات إلى الوطية، الذي ادعى أنه كلفهم كثيرا من الخسائر البشرية والمادية، أشاد المسماري بالصمود الأسطوري لقوات الجيش داخل القاعدة في مواجهة «الآلة العسكرية التركية»، وقال بهذا الخصوص: «كنا نقاتل الأتراك الذين استخدموا البوارج وطائرات (درون) والمقاتلة، بالإضافة إلى قطر التي اشترت بعض الذمم». مشددا على أن «هذه الحرب لن تنتهى إلا بقطع قرن كل تكفيري أو متطرف»، ومؤكدا أن القيادة العامة للجيش قررت إعادة تمركز بعض المحاور في طرابلس في إطار ما وصفه بعملية «تكتيكية تعبوية»، تستهدف فك الالتحام ببعض الأحياء المزدحمة بالسكان، حتى لا يتم استهدافهم خلال أيام عيد الفطر.
وتابع المسماري موضحا: «قوتنا ستنتقل إلى نقاط مهمة وجديدة، وعلى الميليشيات والأتراك والتكفيرين ألا يحاولوا الاستفادة من ذلك...فلدينا كل ما يلزم لإكمال المهام كما ينبغي».
وعقب هذا المؤتمر، أصدر المسماري بياناً مكتوباً، حذر بموجبه «من التأويل والتأليف والتحريف الذي أطلقته قنوات الإخوان المسلمين، وصفحات الميليشيات عن مزاعم ما سموه «الانسحاب الكلي من طرابلس». وقال إن ما جاء ذكره في المؤتمر «لا يحتوي على أي إشارة لانسحاب من طرابلس، بل إنه إعادة توزيع قوات، وتموضع في المحاور القتالية مع فك الاشتباك ببعض الأحياء السكنية المكتظة بمناسبة عيد الفطر، أي أنه أمر عملياتي تنظيمي بحت في نقاط محددة داخل نطاق العمليات. وها نحن نؤكد مجدداً، بكل عزم وإصرار وثقة خالصة، أن القوات المسلحة عازمة على استكمال مشوارها، الذي بدأته حتى النهاية».
بدوره، وصف المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» بالجيش الوطني إخلاء الجيش للقاعدة بأنها «عملية انسحاب تكتيكي ومناورة تراجعية اختيارية»، واعتبر أن ما حدث «كان دقيقا وسريا ومدروسا بشكل جيد»، لافتا إلى انسحاب 1500 جندي، دون أن تأسر الميليشيات أي واحد منهم، ومبرزا أن القاعدة «ليست ذات أهمية عسكرية حاليا، لكنها إنجاز معنوي مهم جدا للميليشيات».
ونقل المركز أمس معلومات عن وصول 20 من جثث عناصر الميليشيات إلى مستشفى زوارة، وجثث أخرى تابعة لميليشيا أسامة الجويلي، قائد قوات «الوفاق» للسيطرة على قاعدة الوطية، إلى الزنتان. بينما تم نقل عدد من الجرحى إلى مدينة زوارة.
وانسحبت قوات الجيش إلى مدينتي الزنتان والرجبان (على بعد 170 كيلومترا جنوب غربي طرابلس). واعتبر محمد القمودي، القائد الميداني بقوات «الوفاق»، أن «هذا النصر الاستراتيجي سيجعلنا في موقف ممتاز لاستكمال عملية تطهير غرب ليبيا بالكامل».
وقالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق»، إن قواتها دخلت أمس بلدتي بدر وتيجي (شمال غربي) قرب الحدود التونسية، وسط ما وصفته بـ«استقبال من الأهالي بالتكبير والتهليل».
ونقلت وسائل إعلام محلية موالية للحكومة أن قواتها نشرت آليات عسكرية في بدر بعد إحكام السيطرة عليه، وقال المتحدث الرسمي باسم قوات «الوفاق» إن سلاحها الجوي وجّه مساء أول من أمس أربع ضربات جوية في طريق الرواغة، جنوب مدينة سرت الساحلية، ما أدى إلى تدمير آليتين عسكريتين وسيارة محملة بالذخائر وأخرى بالوقود، وسقوط 5 من عناصر «الجيش الوطني»، ما بين قتيل وجريح.
في غضون ذلك، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن استقرار ليبيا من محددات الأمن القومي المصري، مشيراً إلى أن مصر «لم ولن تتهاون مع الجماعات الإرهابية ومن يدعمها».
وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أمس، إن الرئيس السيسي، شارك أمس، في اجتماع مجموعة الاتصال الأفريقية حول ليبيا على مستوى رؤساء الدول والحكومات عبر تقنية الفيديو (كونفرانس). موضحاً أن الاجتماع تناول التباحث بشأن آخر تطورات القضية الليبية، وأن الرئيس أكد خلال كلمته على استقرار ليبيا، وارتباطه بالأمن القومي المصري.
كما أكد السيسي على «موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية بالتوصل لحل سياسي للأزمة، والحفاظ على سيادة ليبيا وأمنها ووحدة أراضيها، والدعم الكامل لإرادة شعبها واختياراته»، مشدداً على «رفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الليبية».
«الجيش الوطني» يعيد تمركزه... و«الوفاق» تعلن دخول بلدتين
المسماري أكد استمرار حرب «تحرير» الأراضي الليبية
«الجيش الوطني» يعيد تمركزه... و«الوفاق» تعلن دخول بلدتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة