«قبائل سيناء»: مقتل 4 مدنيين في هجوم شنه «ملثمون»

مركبة تابعة لأجهزة الأمن المصرية خلال تحركها في سيناء (المتحدث العسكري)
مركبة تابعة لأجهزة الأمن المصرية خلال تحركها في سيناء (المتحدث العسكري)
TT

«قبائل سيناء»: مقتل 4 مدنيين في هجوم شنه «ملثمون»

مركبة تابعة لأجهزة الأمن المصرية خلال تحركها في سيناء (المتحدث العسكري)
مركبة تابعة لأجهزة الأمن المصرية خلال تحركها في سيناء (المتحدث العسكري)

أعلن «اتحاد قبائل سيناء»، وهو تجمع من أبناء القبائل المتعاونة مع السلطات المصرية في العمليات الأمنية بشمال سيناء، مقتل 4 أشخاص، وإصابة 13 آخرين، جميعهم من المدنيين من أبناء قرية قبر عمير في مدينة الشيخ زويد، عشية مساء أول من أمس (الاثنين)، وذلك خلال هجوم شنه «ملثمون مسلحون»، بحسب الاتحاد، وهو ما أكدته مصادر من أهالي القرية. وقرية قبر عمير ضمن مناطق عدة في شمال سيناء تشهد عمليات أمنية لقوات الجيش والشرطة انطلقت منذ فبراير (شباط) من عام 2018، لتطهير المنطقة من العناصر التكفيرية، وهي العملية التي تُعرف باسم «عملية المجابهة الشاملة - سيناء 2018». وقال أحمد أبو عجلان، وهو مزارع من أبناء القرية وأحد الناجين من الهجوم، لـ«الشرق الأوسط» إن «هجوم المسلحين استهدف منزل أحد الأهالي من أبناء عائلتهم (العجالين)، في غضون الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلى».
وبحسب محمد مسلم، ويعمل صياداً، فإن «المسلحين كانوا يريدون سرقة محتويات البيت كله، ويطلقون عبارات تهديد للأهالي الذين تصدوا لهم»، موضحاً أن المهاجمين «أطلقوا النار بعشوائية، وكان عددهم لا يقل عن 10 أشخاص، وجميعهم ملثمون يحملون أسلحة، وسمع بمحيط المكان إطلاق نيران، فيما يبدو أن آخرين من بينهم كانوا موجودين لتأمين دخولهم».
وأشار مسلم إلى أن فور فرار المسلحين «سُمعت أصوات طائرات وضربات جوية في مناطق باتجاه هروبهم جنوب القرية، كما سمعت أصوات إطلاق نيران بكثافة في الاتجاه نفسه».
وجاء في بيان اتحاد قبائل سيناء: «إن مجموعة ملثمة مدججة بالسلاح قامت بالتسلل إلى شمال الطريق، قادمة من جنوب المدينة بمنطقة ملف أبو عاصي القريب من العبيدات، وترجلت مسافة 700 متر باتجاه الشرق، حتى وصلت لتجمع بيوت العجالين، القريب من مدخل قبر عمير، وما إن وصلت حتى فتحت النيران على أحد البيوت».
وبحسب الاتحاد، فإن «الأهالي بدأوا في الخروج لمواجهة الموقف بعد سماع الصرخات وصوت إطلاق الرصاص العنيف ليتم استهداف باقي البيوت القريبة في الحي ذاته، وبلغ إجمالي ضحايا الهجوم 4 شهداء، بالإضافة إلى 13 مصاباً، بينهم إصابات خطرة». وقال مصدر طبى بشمال سيناء إن «القتلى والمصابين تم إجلاؤهم لمستشفى العريش العام، وإن من بينهم 4 حالات خطيرة».
ووصف النائب رحمي بكير، عضو مجلس النواب بشمال سيناء، الهجوم بـ«الإرهابى الغادر»، موضحاً أنه «فور وقوع الحادث، شهد مستشفى العريش العام حالة من التضامن مع ذوي وأسر الضحايا، وسارع العشرات من شباب مدينة العريش للتبرع بالدم لصالح الجرحى».
وتشير البيانات الرسمية لمحافظة شمال سيناء أن القرية تقع على مسار الطريق الدولي العريش - رفح، وهي من بين 14 قرية بمركز الشيخ زويد، وتبعد نحو 18 كيلومتراً عن مدينة العريش باتجاه الشرق. ويعد تجمع العجالين أحد التجمعات السكانية بالقرية، ويحمل اسم إحدى عائلاتها الذين يعملون بمجال الزراعة وصيد الأسماك.
وقالت مصادر قبلية وأمنية بشمال سيناء لـ«الشرق الأوسط»، فضلت عدم ذكر أسمائها، إن «الهجوم يعكس حالة الضعف، وفقدان العناصر الإرهابية لإمدادات الطعام بفعل الملاحقات الأمنية والهجمات المتلاحقة على أماكن وجودهم، إذ بدأوا في تنفيذ عمليات سطو على منازل المواطنين».
وأشار مصدر قبلي إلى أنه «سبق أن تم الهجوم على منزل جنوب قرية الجورة بالشيخ زويد، وسرقة أغنام ومؤن، وقبله اعتداء على منازل مدنيين بوسط سيناء، وسرقة ما بها من أغذية».
وقال الخبير الأمني العقيد حاتم صابر، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهجوم يؤكد أن مصر نجحت في قطع الدعم اللوجيستي عن (الإرهابيين) تماماً، بما لا يدع مجالاً للشك في إحكام السيطرة على الطرق كافة التي كانت تسمح بمرور الدعم والمؤن الغذائية في منطقة شمال شرقي سيناء».
وأوضح أنه بسبب «إغلاق الطرق كافة، وجدت عناصر التنظيم أنه لا مخرج من الحصار المفروض عليها إلا بمهاجمة المواطنين المدنيين لنهب المؤن الغذائية الخاصة بهم»، مستشهداً بما لجأت إليه تلك الجماعات قبل نحو 3 سنوات من «سرقة مبلغ مالي كبير من فرع لأحد البنوك بمدينة العريش في شمال سيناء».



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.