«آثار كورونا»... علم الأعصاب يشرح: لماذا نحتاج إلى عناق مُحكم الآن؟

اللمسة البشرية مُهمة بيولوجياً وتُشعر الناس بالهدوء والسعادة (وايرد)
اللمسة البشرية مُهمة بيولوجياً وتُشعر الناس بالهدوء والسعادة (وايرد)
TT

«آثار كورونا»... علم الأعصاب يشرح: لماذا نحتاج إلى عناق مُحكم الآن؟

اللمسة البشرية مُهمة بيولوجياً وتُشعر الناس بالهدوء والسعادة (وايرد)
اللمسة البشرية مُهمة بيولوجياً وتُشعر الناس بالهدوء والسعادة (وايرد)

تخترق أليس (31 عاماً)، مُخرجة من لندن، قواعد التباعد الاجتماعي مرة واحدة أسبوعياً، حين تمشي المرأة التي تعيش بمفردها إلى نهاية حديقتها لمقابلة صديقتها المُقربة لوسي، حيث يتعانقان بإحكام، في تصرف تقول عنه أليس إنه يجعلها تشعر بالتحسن، وأن «كل شيء على ما يرام».
بصرف النظر عن عناق لوسي، لم تلمس أليس أي شخص آخر منذ 15 مارس (آذار)، عندما بدأت في تطبيق عزل ذاتي بسبب فيروس «كورونا»، وتقول: «أشعر بالذنب بسبب العناق الخفي... أشعر أنه لا يمكنني إخبار أصدقائي الآخرين بهذا الأمر... لكني ممتنة للغاية لها لتفقدي... تعطيني مثل هذه الدفعة»، حسب ما نقلته مجلة «وايرد» (WIRED) الأميركية.
تعاني أليس ظاهرة عصبية تسمى «جوع الجلد»، تسبب «كورونا» في تفشيها، وتعني الحاجة البيولوجية للمس البشري. وبسببها يوضع الأطفال حديثي الولادة على صدور آبائهم العارية، وهي السبب في أن سجناء الحبس الانفرادي غالباً ما يبلغون عن شغفهم للاتصال البشري بشدة قدر رغبتهم في حريتهم.
وحسب تيفاني فيلد من معهد «تاتش» للأبحاث بجامعة ميامي، فإن «ملامسة الجلد تحفز أجهزة الاستشعار تحت الجلد التي ترسل رسائل إلى عصب في الدماغ يتسبب نشاطه في تباطؤ الجهاز العصبي، وخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم، كما تنخفض مستويات هرمونات التوتر، وتزيد موجات الاسترخاء».
باختصار، اللمسة البشرية مهمة بيولوجياً، وتجعل الناس تشعر بالهدوء والسعادة.
في المقابل، من دون اتصال باللمس يتدهور البشر، جسدياً وعاطفياً، حسب عالم الأعصاب ألبرتو جالاس الذي يقول: «نعلم من الأدبيات أن نقص اللمس يُنتج عواقب سلبية للغاية على سلامتنا»، موضحاً أن البشر مخلوقات اجتماعية بطبيعتها، أدمغتها وأنظمتها العصبية مُصممة لجعل اللمس تجربة ممتعة.
ويضيف: «لقد صممت الطبيعة هذه الطريقة الحسية لزيادة مشاعرنا المرهفة في البيئات الاجتماعية... إنها موجودة فقط في الكائنات الاجتماعية التي تحتاج إلى أن تكون معاً لتحسين فرص بقائها على قيد الحياة».
«الحياة شهور طويلة دون لمسة إنسانية أمر قاسٍ، بالنظر إلى أن جوع الجلد يُضعف أجهزتنا المناعية، مما يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا»، حسب تيفاني فيلد من معهد «تاتش» للأبحاث التي تقول أيضاً: «أنا قلقة للغاية لأن هذا هو الوقت الذي نحتاج فيه أكثر من لمسة بشرية».
وتشرح أن اللمس مفيد في تنشيط المناعة لأنه يقلل من مستويات هرمون الكورتيزول الذي تتسبب مستوياته المرتفعة في تثبيط نظام المناعة لأنه يقتل «الخلايا القاتلة الطبيعية»، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تهاجم الفيروسات.
وتقول فيلد إن اللمسة البشرية أظهرت زيادة في الخلايا القاتلة الطبيعية في مرضى فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والسرطان.
وبدوره، يشعر عالم الأعصاب ألبرتو جالاس بقلق عميق حيال الآثار الصحية والنفسية لجوع الجلد لفترات طويلة لأولئك الذين يعيشون بمفردهم، خاصة عند الوضع في الحسبان أن الجائحة العالمية الحالية في حد ذاتها حالة مرهقة مثيرة للقلق.
ويقول: «نستخدم اللمس من أجل الراحة... عندما نكون في خطر أو قلق، فإن اللمس هو شكل من أشكال المساعدة... يزيد عدم الاتصال من التوتر في المواقف». ويوضح أن الدراسات أظهرت أن الأشخاص يؤدون المهام بشكل أفضل عندما يربت أحد على ظهرهم مُسبقاً لأنه «شكل من أشكال الطمأنينة».
وفي بحث أجرته تيفاني فيلد وفريقها في أثناء عملية الإغلاق، شمل 100 شخص، أخبرهم 26 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أنهم يشعرون بحرمان شديد من اللمس، و16 في المائة يشعرون بالحرمان ولكن بشكل معتدل، فيما أبلغ 97 في المائة عن اضطرابات في النوم.
وتشرح فيلد: «عندما تحرك الجلد، فإنك تزيد من هرمون السيروتونين»؛ ويرتبط انخفاض السيروتونين بالأرق والقلق والاكتئاب. وتضيف: «إذا قمت بتحريك الجلد قبل الذهاب إلى الفراش، فسوف يكون لديك نوم أعمق».


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

«جنون تام» لاصطياد «سمكة قرموط» وزنها 68 كيلوغراماً

صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)
صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)
TT

«جنون تام» لاصطياد «سمكة قرموط» وزنها 68 كيلوغراماً

صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)
صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)

قال صيادٌ إنه بات «منهكاً تماماً» بعدما اصطاد سمكةً يأمل أن تُسجَّل بوصفها أكبر سمكة سلور (قرموط) اصطيدت في بريطانيا.

واصطاد شون إينغ السمكة، ووزنها 68 كيلوغراماً، من مزارع تشيغبورو السمكيّة بالقرب من منطقة مالدون بمقاطعة إسكس.

وفي تصريح لـ«بي بي سي»، قال إينغ إنّ الأمر استغرق ساعة ونصف الساعة من «الجنون التام» لسحبها إلى الشاطئ.

ولا تزال السمكة في انتظار التحقُّق الرسمي من «لجنة الأسماك المسجَّلة البريطانية»، ولكن في حال صُدِّق عليها، فسيتحطم بذلك الرقم القياسي الحالي الذي سجّلته سمكة قرموط أخرى اصطيدت من البحيرة عينها في مايو (أيار) الماضي، والبالغ وزنها 64.4 كيلوغرام.

كان إينغ يصطاد مع زوجته، كلوي، وأصدقاء، عندما التقطت السمكة الطُّعم. وقال الرجل البالغ 34 عاماً إنّ سمكة القرموط البالغ طولها أكثر من 2.4 متر، كانت قوية بشكل لا يُصدَّق، مشيراً إلى أنها كانت تقاوم بشدّة وتسحب الخيط بقوة.

وتابع: «كنتُ أملك كلباً. لكنّ الأمر بدا كما لو أنني أسير مع 12 كلباً معاً». وأضاف إينغ المُتحدّر من منطقة لانغدون هيلز، أنّ أصدقاءه لم يستطيعوا مساعدته للاقتراب بالسمكة من الشاطئ.

السمكة الضخمة (مواقع التواصل)

وأردف: «حتى بعد ساعة من المقاومة، كانت السمكة لا تزال تسحب الخيط. كنا نتساءل: (متى سينتهي هذا؟). كانوا ينظرون إلى ساعاتهم ويفكرون: (هل سنظلُّ هنا حتى الصباح نحاول سحبها؟)».

في النهاية، أخرجت المجموعة السمكة من الماء. والطريف أنها كانت ثقيلة جداً حدَّ أنها تسببت في ثني كفّة الميزان. يُذكر أنّ وزن سمكة القرموط عينها حين اصطيدت قبل 10 سنوات كان أقلّ من وزنها الحالي بنحو 9.1 كيلوغرام.

وأضاف إينغ: «إنها سمكة القرموط التي ضاعت من الجميع منذ وقت طويل»، مضيفاً أنّ هذا الصيد يُعدّ «مفخرة عظيمة» لمزارع تشيغبورو السمكيّة التي تطوَّع وزوجته للعمل بها.

بدوره، قال متحدّث باسم «لجنة الأسماك المسجَّلة البريطانية» (التي تُصطاد بالصنارة) إنّ اللجنة تلقّت طلباً بتسجيل سمكة شون إينغ.

وأضاف: «لم يُصدَّق عليه بعد، لكن سيُنظر فيه في الوقت المناسب».

يُذكر أنّ سمكة القرموط، التي كانت تُعاد إلى الماء بانتظام بُعيد عملية الوزن، قد أُطلقت الآن في بحيرة مخصَّصة لأسماك السلور في المزرعة السمكيّة.