في 23 أبريل (نيسان) الجاري أتم شكسبير عامة 456. وشأن الكثيرين منا، فقد احتفل بعيد ميلاده عبر الإنترنت.
انتشر عبر الفضاء الإلكتروني قراءات لسونيتات طالما استمتعنا بسماعها وترديدها، وشاهدنا مقاطع مصورة لحيوانات محنطة مصحوبة بقصائد قصيرة في وصف جمالها، وأخرى تظهر قطع الكعك مع عبارات مشكوك فيها منسوبة للشاعر الأسطوري.
وبعد البحث عن هاشتاغ #ShareYourShakespeare عبر منصات «إنستغرام» و«تيكتوك»، وجدنا ألعاباً مثل «بلاي موبيل» تحاكي شخصيات مثل «أوفيليا» المقتبسة من مسرحية «هاملت» وقد غرقت في حوض الاستحمام، وكذلك مسرحية «ذا تمبسيت»، أو العاصفة. وعبر منصة «تويتر»، قامت سلحفتان بأداء مشهد الشرفة من مسرحية «روميو وجولييت». فجأة أصبح العالم المتصل بالإنترنت مسرحاً كبيراً يعرض روائع شكسبير بعد أن وضعت في قالب كومبيوتري.
إذا عدنا بشكسبير والتكنولوجيا إلى الوراء، إلى بداية الستينيات، سنجد أن المبرمجين ابتكروا نسخاً من المسرحيات قابلة للقراءة آلياً، وفي الثمانينيات أصبحت الأعمال المجمعة متاحة على شكل أقراص مضغوطة، وفي التسعينات، حلقت المسرحيات بعيدا لتسافر عبر الإنترنت. وفي عام 1993. وتيمناً باسم «هاملت»، اختارت قناة مخصصة للدردشة عبر الإنترنت لنفسها اسم «هامنت» اشتهرت بإطلاق النكات.
في السنوات الأخيرة، تحديداً 2010. تم تعديل مسرحيات شكسبير لتتناسب مع الرسائل القصيرة ومنصة التواصل «تويتر». ونشرت شركة «رويال شكسبير كومباني» حلقات «روميو وجولييت» عبر «تويتر» و«يوتيوب»، و«فيسبوك».
الشهر الماضي، وبعد أن تسبب وباء «كورونا» في إسدال الستائر على جميع العروض الحية، انتشرت مقاطع مصورة وتسجيلات صوتية لأعمال شكسبير، لتجتذب هاشتاغات مثل #ShareYourShakespeare - علامة التصنيف التي ابتكرتها «شركة شكسبير الملكية» - ومكتبة «فولغر شكسبير» آلاف المشاركات وعشرات الملايين من المشاهدات.
في أسبوع عيد ميلاد شكسبير، شاركت بمشاهد تفاعلية من مسرحية «Tempest»، أو العاصفة، وبقراءة لمشاهد من مسرحية «الملك لير» وكذلك مقاطع مسموعة لسونيتات من مسرحية «ماكبث» بصوت الممثل البريطاني باتريك ستيوارت.
«لأن لا أحد يختلف على شكسبير؟» بحسب ويليام ورثن، الأستاذ بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب «شكسبير، التقنيات والمسرح»، فإن «هناك فترة من الزمن يشعر فيها الجميع بالحاجة إلى نوع من الارتقاء، وشكسبير هو الأجدر بشغل تلك الفترة».
منذ وفاة شكسبير، باتت مسرحياته وسيلة لإضفاء الشرعية على التقنيات الجديدة. وفي هذا الإطار، قال مايكل ويتمور، مدير مجلة «فولجر»، إن «أنماط وسائل الإعلام الجديدة يجري تجربتها في أعمال شكسبير». فعندما أراد ألكسندر غراهام بيل اختبار الهاتف، استعار عبارات من مسرحية «هاملت». وعندما أظهر جهاز مشغل الصوت «غرامافون»، طلب من والده تسجيل المزيد من المقاطع من المسرحية ذاتها على أسطوانة.
لقد منحت هذه المقتطفات سلطة إضافية لأعمال الشاعر والمسرحي الأسطوري، خاصة عندما يوظف الفنانون أشكالاً جديدة من الوسائط، غالبيتها حالياً عبر الواقع الافتراضي بات فيها شكسبير المصدر لأثمن محتوى.
لماذا شكسبير؟ أجاب زوي سيتون، مخرج النسخة الإلكترونية من رائعة شكسبير «العاصفة» عبر تطبيق «زوم» إن «الشيء المتعلق بشكسبير هو أن القصص رائعة للغاية. فأعماله تتمتع بقوة السرد ووصف دقيق للشخوص».
إن انتشار أعماله وإمكانية الوصول إلى مسرحياته جعل من أعماله مصدراً مشاعاً متاحاً للجميع النهل منه، وكانت الثقة في أن أي مقطع منسوب إلى أعماله ستكون كفيلة بضمان الانتشار والتبادل عبر المنصات، خاصة أن مسرحيات شكسبير تعرض القيم الإنسانية وتشكل محكاً ثقافياً في وقت يشعر فيه الناس بعدم الاستقرار. إذا كان هاشتاغ #ShareYourShakespeare، الذي يتضمن قراءة يقوم بها كلب يقول عبارة «البعض ولدوا رائعين» ينطوي على حيلة تسويقية، فقد استفاد الهاشتاغ بشكل ممتاز من ضخامة الاسم في جمع عدد كبير من المغردين والمعلقين عبر الإنترنت. وفي هذا السياق، قال كيري رادن، مدير إدارة المستخدمين والتسويق بمركز «أر إس سي شكسبير»، المعني بجمع وتصنيف قصائد ومسرحيات شكسبير، إن «شكسبير وسيلة تقارب بين الناس، وسيلة للجميع ومن الجميع».
لا أحد يستطيع الزعم أن استخدام قطع الليغو لتجسيد مسرحية مثل «كوريولانوس»، أو نسخة إلكترونية من مسرحية «أكون أو لا أكون» تعرض بشكل كاريكاتيري عن طريق حبات من الفاصوليا تقفز فوق شريحة خبز يمكن أن تكون بديلاً عن المسرح الحي. وهنا يقول غريغوري دوران، المدير الفني بشركة «أر إس سي شكسبير»، «في رأيي الشخصي، لا يمكن لعرض عفوي أن يحل محل ممثل حي على المسرح».
قبل عامين، أطلقت شركة «أر إس سي شكسبير»، بالتعاون مع عدد من المسارح والمدارس وشركات التكنولوجيا مبادرة «أوديانس أوف ذا فيوتشر» المعنية باستشراف ورصد رد فعل الجمهور للأداء الحي. وقد اطلعت على بيان إخباري قديم يعود تاريخه إلى يناير (كانون الثاني) 2019. تضمن عبارة تتعلق بتذوق الجمهور تقول: «حتى في المنزل، وأينما كنت فإن للأداء الحي جمالياته التي لا تتوافر في غيره»، وهي النبوءة التي تتحقق الآن.
لذلك كانت هذه اللحظة على الإنترنت على وشك التجلي وكان لشكسبير دائماً شفرته الخاصة للدخول. في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، نستخدم شكسبير عندما نسعى للتكيف مع التقنيات الجديدة أو عندما نشعر بالغربة عن عالمنا ومكاننا فيه.
في نهاية هذا الطرح اللامتناهي، فإن هذا الانفجار الشكسبيري عبر الإنترنت لا يتعلق بشكسبير نفسه بقدر ما يتعلق بشعور المجتمع الافتراضي الذي يتيح تبادل ومشاركة الأعمال. ففي ظل عدم توفر المسرح الحي وغيرها من وسائل الترفيه العامة، فإننا نقوم ببث مسرحية «أنتوني وكليوباترا» ونعرض فيلماً مثل «غرق أوفيليا» مراراً وتكراراً. لأننا إن لم نفعل ذلك، فقد نضطر في النهاية إلى الاعتراف بأنه، بحسب «هاملت»، لن يبقى سوى الصمت.
- خدمة «نيويورك تايمز»
شكسبير ... عروض على «تويتر» و«فيسبوك» في ذكرى مولده الـ456

شكسبير ... عروض على «تويتر» و«فيسبوك» في ذكرى مولده الـ456

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة