إسرائيل قلقة من تصاعد «العنف» في الضفة بسبب التردي الاقتصادي

TT

إسرائيل قلقة من تصاعد «العنف» في الضفة بسبب التردي الاقتصادي

أثارت موجة العمليات الأخيرة في الضفة الغربية قلقاً في إسرائيل من تصاعد هذه العمليات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن المسؤولين الأمنيين حذروا السياسيين من أن الأزمة الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا ووقف عمل كثيرين قد تؤدي إلى اندلاع انتفاضة عنيفة، لا سيما أن ذلك يتزامن مع مشكلات في تحويل أموال الضرائب إلى السلطة، فضلاً عن توجهات الحكومة الإسرائيلية إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وعرضت المصادر الأمنية في سياق المداولات معطيات حول الأوضاع في الضفة الغربية، ارتكزت على أرقام لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، وعلى معلومات استخبارية. وقالت صحيفة «هآرتس» إن رجال الاستخبارات الذين طلب منهم تقدير النتائج المترتبة على ضم مناطق في الضفة أكدوا أن الأزمة الاقتصادية هي التي دفعت الفلسطينيين للخروج إلى الشوارع خلال العامين الأخيرين، وليس نقل السفارة الأميركية للقدس، أو سقوط فلسطينيين خلال مسيرات العودة، أو لأي أسباب متعلقة بإضراب الأسرى.
ويثير الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية قلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي تنسب هدوء الأعوام الماضية إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية لدى الفلسطينيين.
وقالت المصادر الأمنية إن معطيات مكتب الإحصاء الفلسطيني تثير قلقاً كبيراً، وإذا أضفنا إليها نية الضم، فقد يؤدي ذلك إلى اندلاع أعمال عنف. وتصاعدت نسبة العمليات الهجومية ومحاولات تنفيذها خلال الأسابيع القليلة الماضية. ورصد تقرير إسرائيلي وقوع 10 عمليات فلسطينية منذ بداية العام الحالي في الضفة الغربية، بين عمليات طعن ودهس وإطلاق نار وإلقاء حجارة قاتلة.
ونشر التقرير الذي بثه مركز للمعلومات الاستخباراتية أن جندياً قتل في عملية إلقاء حجر على رأسه في بلدة يعبد في 12 من الشهر الحالي، بينما أصيب 20 إسرائيلياً، غالبيتهم من الجنود، في عمليات متفرقة.
ورصد التقرير مجموعة من العمليات، بينها عمليات وقعت خلال الشهرين الحالي والماضي. وفي الثاني والعشرين من أبريل (نيسان)، أقدم فلسطيني على تنفيذ عملية دهس وطعن على مدخل مستوطنة «معاليه ادوميم»، شرق القدس، ما أدى إلى إصابة جندي بجراح، وقتل المنفذ بنيران الجنود. وفي الثامن والعشرين من الشهر نفسه، أقدم فلسطيني من طولكرم على طعن مستوطنة في مدينة «كفار سابا»، وأصابها بجراح خطيرة، وتم استهدافه بالرصاص، فأصيب بجراح طفيفة اعتقل على أثرها. وفي الثاني عشر من هذا الشهر، قتل جندي بإلقاء حجر على رأسه في بلدة يعبد، جنوب غربي جنين، بينما لم يعلن حتى الآن عن اعتقال المنفذ، في حين جرى تنفيذ عملية دهس في الرابع عشر من الشهر ذاته جنوب الخليل، أصيب فيها جندي بجراح خطيرة وبترت ساقه.
وأحبط الجيش الإسرائيلي، أول من أمس (الجمعة)، هجوماً مسلحاً في منطقة أبو ديس بالقرب من مدينة القدس.
وقبلها بيوم واحد، دهس فلسطيني جنوداً جنوب الخليل، فأصيبوا بجراح، وتم بتر قدم أحدهم. وشجعت حركة «حماس» على مواصلة هذا النهج، قائلة: «إن العمليات الفدائية التي تجري يومياً في الضفة الغربية والقدس ضد الاحتلال الإسرائيلي تأكيد على أن روح المقاومة تسري في عروق أبناء الشعب الفلسطيني». وأضافت: «إن كل عمليات التخويف والإرهاب والقمع لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا إصراراً على الاستمرار في هذا الطريق، واستكمال مشوار التحرير، وانتزاع حقوقهم بالقوة، مهما بلغت التضحيات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.