أسئلة مغربية عن الشعر ومستقبل الثقافة... بعد {كورونا}

أسئلة مغربية عن الشعر ومستقبل الثقافة... بعد {كورونا}
TT

أسئلة مغربية عن الشعر ومستقبل الثقافة... بعد {كورونا}

أسئلة مغربية عن الشعر ومستقبل الثقافة... بعد {كورونا}

لأن التفكير في «مستقبل الثقافة وعلاقتها بوسائط التواصل الجديدة» يبدو اليوم «أكثر استعجالاً وإلحاحاً»، وارتباطاً بـ«ما فرضته الظرفية الوبائية الحالية، عندما فرض فيروس (كورونا) حجراً صحياً على الجميع، فأقفلت المسارح ودور السينما أبوابها، وأقفرت دور العروض التشكيلية والثقافية، وجرى تأجيل مهرجانات وفعاليات ثقافية كبرى، مثلما تم تعليق ملتقيات وتظاهرات أخرى»، اختارت «دار الشعر» بتطوان أن تنظم يوم غد (الاثنين) ندوة عن «الشعر ومستقبل الثقافة بعد فيروس كورونا»، بمشاركة جمال بن حنون الباحث في الآداب الإنجليزية نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، والباحث اللساني مصطفى الحداد، والباحث في الذكاءات المتعددة وعلوم التربية عبد الواحد أولاد الفقيه، وحضور جمهور افتراضي، عبر منصات التواصل الاجتماعي، وقناة «يوتيوب»، وعدد من وسائل الإعلام.
وذكر بيان للمنظمين أن الثقافة في ظل ما فرضه فيروس «كورونا» من مستجدات وتحديات على العالم «سرعان ما وجدت طريقها إلى الناس حيث هم في بيوتهم، عبر المواقع والمنصات الافتراضية التي طوت المسافات بين الجميع»، إذ «واصل الفاعلون الثقافيون، أفراداً ومؤسسات، تقديمَ برامجهم عن بعد، عبر التقنيات الحديثة التي تتوسط بين منتج الثقافة ومتلقيها. وحتى أولئك الذين كانوا يعدون زيارة المتاحف العالمية مجرد أحلام مشروعة، سار في إمكانهم أن يقوموا بزيارات مجانية لهذه المتاحف، بعدما أتاحت إداراتها فرصة للتجول الافتراضي بين لوحاتها النفيسة وذخائرها الغميسة».
وأشار المنظمون، في هذا السياق، إلى فتح منظمة اليونيسكو المواقع الأثرية والمدن التراثية أمام الجميع، عبر منصات افتراضية تسمح بالولوج إلى المعالم والتحف واللقى الأثرية العريقة، بصفتها تراثاً مشتركاً للإنسانية، حتى «بات في إمكان كل شخص أن يزور هذه الفضاءات الثقافية انطلاقاً من عزلته، في هذه الظرفية الخاصة، عبر مواقع إلكترونية وتطبيقات ونوافذ رقمية تسمح بالخروج (الافتراضي) من العزلة، والسفر بين آثار التاريخ»، فيما أتاحت المكتبات العمومية الكبرى، من المكتبة الوطنية في الرباط إلى مكتبة الشارقة، ومن مكتبة الإسكندرية إلى مكتبة الكونغرس، لزوار مواقعها «فرصة تصفح ملايين العناوين والوثائق والمخطوطات، بشكل مجاني أيضاً»، فيما «أدرك القيمون على هذه المؤسسات كيف اشتدت حاجة الناس إلى الثقافة، وإلى مشاهدة الأعمال الفنية، ومطالعة مختلف الدراسات، وقراءة الأشعار والروايات، ليس بغاية التخفيف من ظروف الحجر الصحي فقط، ولكن بهدف الاستفادة من التجارب الإنسانية السابقة وتأملها، من أجل إعادة النظر إلى الوضع الإنساني، والتفكير الجماعي في مصيرنا المشترك».
وهكذا، ومن داخل الحجر الصحي، يضيف المنظمون، أمكن لنا أن «نطل من نافذة الأمل، لننظر إلى مستقبل الثقافة بعين التفاؤل. والشاهد عندنا ما كتبه عالم المستقبليات الألماني ماتياس هورس، مؤخراً، لما تحدث عن تأثير فيروس (كوفيد-19) في عاداتنا الثقافية، حيث شعر الناس بالحاجة إلى الكتاب، فتخففوا من هواتفهم النقالة، وتوجهوا نحو القراءة من جديد».
وللإحاطة بمختلف جوانب الموضوع، اختار المنظمون الانطلاق من وضعية السؤال أرضية للنقاش الذي يمكن أن يحكم أشغال الندوة عن: «كيف سيكون حال الثقافة في المستقبل؟»، و«كيف السبيل إلى استدامة الفعل الثقافي في ظل وباء كورونا؟»، و«كيف سيتم تداول الشعر والآداب والفنون عن بعد؟»، و«ألن يؤثر ذلك على صورة الكتابة وصورة القراءة معاً؟»، و«ألا تدعونا الظرفية الحالية إلى واجب التسريع برقمنة الرصيد الثقافي المكتوب والبصري، العلمي والفني، الفكري والأدبي والشعري، كيما يكون متاحاً للجميع، أو متاحاً عن بعد؟»، و«ألسنا في حاجة إلى وضع تشريعات جديدة بخصوص الملكية الفكرية، تستجيب لمستجدات التداول الرقمي؟»، و«ماذا عن حقوق العالم الباحث والمفكر والكاتب والشاعر والفنان؟»، و«ما السبل الكفيلة بدعم هؤلاء في مثل هذه الظرفيات العصيبة، خاصة أن الفضاءات الثقافية ستظل موصدة حتى مراحل متأخرة من رفع الحجر الصحي؟»، ثم «ماذا عن دعم التقنيين ومختلف المتدخلين في الصناعات الثقافية والناشرين ومتعهدي المعارض وأرباب المسارح والسينما ومختلف المستثمرين في القطاع الثقافي؟»، و«ألسنا في حاجة إلى دعم وتطوير الصناعات الثقافية من أجل النهوض بالإنتاج الثقافي الرقمي؟»، و«كيف سيساهم فيروس كورونا في إقامة منعطف تاريخي يؤثر على أسئلة الفكر والشعر والفن والكتابة؟».



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».