الحكومة الإسرائيلية تصادق على 3 مشاريع قوانين بينها «الدولة القومية للشعب اليهودي»

صادقت الحكومة الإسرائيلية، في جلسة صاخبة تخللها صراخ واتهامات شخصية ونقاشات حادة، أمس، على 3 مشاريع للقانون الذي يسمي إسرائيل «الدولة القومية للشعب اليهودي»، بموافقة 14 وزيرا ومعارضة 6 وزراء وتغيب وزير عن الجلسة.
وحاول رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تفسير خطوته هذه بأنها «حاجة ملحة لتثبيت أمن إسرائيل ومكانتها في مواجهة التنكر الفلسطيني لها والتهديد الإيراني بإبادتها». وقال: «هذا قانون ينص على أن الطابع اليهودي والطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل هما أساس وجودنا، فاليهود هم وحدهم أصحاب الحقوق القومية في هذه البلاد». وأضاف نتنياهو: «إن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي ودولته الوحيدة، وإن إسرائيل تضمن المساواة في الحقوق الشخصية لكل مواطن، غير أن الحقوق القومية فيها مضمونة للشعب اليهودي وحده». وأكد أن هذا القانون هو الجدار السميك الذي يصد نيات الفلسطينيين في تثبيت حق عودة اللاجئين لأنه يثبت الرموز اليهودية في علم الدولة وفي النشيد الوطني ويثبت حق اليهود في القدوم إلى إسرائيل دون سواهم». وقال إن «الفلسطينيين يتحدثون عن دولتين للشعبين لكنهم يرفضون الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي، مع أننا نؤيد أن تكون الدولة الفلسطينية دولة الشعب الفلسطيني. وحتى بين ظهرانينا، هناك عرب مواطنون في إسرائيل يريدون إقامة حكم ذاتي في الجليل والنقب وينكرون الحق القومي اليهودي».
وشهدت الجلسة الحكومية نقاشات حادة بين عدد من الوزراء المعارضين لمثل هذا القانون بالكامل، وآخرين يعارضون بعض بنوده. ومن بين المعارضين كل من وزراء حزب «الحركة» بزعامة وزيرة القضاء تسيبي ليفني، وكذلك وزراء «يوجد مستقبل» بزعامة يائير لبيد، بينما دعم بقية الوزراء مشروع القرار. وقال لبيد إن «هذا مشروع قانون سيئ للدولة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأول ديفيد بن غوريون ومؤسس الصهيونية اليمينية زئيف جابوتنسكي ومكمل طريقه مناحم بيغن، كانوا سيعارضون مشروع قانون كهذا». وقالت لفني إنه قانون زائد، وبنصه الحالي يتغاضى عن مبدأ المساواة بين المواطنين في الدولة وفقا لما نصت عليه وثيقة الاستقلال التي تعتبر مصدرا لأي تشريع في إسرائيل. وقالت إن نتنياهو يجلب هذا القانون كصفقة يبرمها مع المتطرفين في حزبه وفي حزب المستوطنين البيت اليهودي.
واعترض على القانون المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، فتعرض لهجوم من رئيس الائتلاف الحكومي، زئيف ألكين، الذي اعتبره «متكبرا ومغرورا يسعى لتتويج الجهاز القضائي حاكما فوق منتخبي الشعب».
وتقرر أن يطرح مشروعا القانون بهذا الخصوص على جدول أعمال الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بعد غد الأربعاء، بحيث يتم تمريره بالقراءة التمهيدية، على أن يصبح النص الثالث الذي قدمه نتنياهو أساسا للقانون الذي سيبحث لاحقا.
وبحثت الحكومة في مشروع قانون آخر، ينص على «سحب المواطنة والحقوق الاجتماعية من منفذي العمليات والمخالفات الأمنية التي تنفذ على خلفية قومية، مثل التحريض للمس بأمن الدولة». وقال نتنياهو: «لا يمكن لهؤلاء الذين يقومون بعمليات إرهابية ضد إسرائيل أن يتمتعوا بالحقوق مثل التأمين الوطني». واستبق وزير الداخلية الإسرائيلي، جلعاد أردان، البحث بالإعلان قبيل الجلسة أنه سحب المواطنة وما يرافقها من الحقوق من المواطن المقدسي، محمود نادي، الذي كان قد أدين بتهمة مساعدة المسلحين الفلسطينيين الذين فجروا في سنة 2003 أنفسهم في نادٍ للشباب اليهود من أصل روسي في تل أبيب، ما أدى إلى مقتل 21 إسرائيليا. وقد أنهى محكوميته مؤخرا. وقال الوزير أردان إن سحب المواطنة والحرمان من الحقوق سيكون أحد أسلحته الفتاكة بالإرهاب في القدس.
ولم يكتفِ وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بهذا الإجراء فدعا إلى تشديد القبضة الحديدية ضد سكان القدس الشرقية «المتورطين بارتكاب عمليات إرهابية». وقال في تصريحات صحافية: «اليوم من يقوم بعملية انتحارية سيصل إلى الجنة: عائلته تتلقى المخصصات وهم يعتبرون من مواطني دولة إسرائيل. يجب تغيير المعادلة، يجب هدم بيته في نفس اليوم وليس بعد مرور ثلاثة أشهر، ويجب سحب المخصصات والمواطنة منهم». وأضاف نفتالي بينيت قائلا: «يجب إدخال قوات حرس الحدود إلى الحارات والبقاء فيها بشكل ثابت. وعندها أريد أن أرى الأم التي ستبعث ابنها بعد أن تعرف وتعلم بكل هذه الإجراءات».
وقالت رئيسة حزب ميرتس اليساري، زهافا غالئون: «الحديث هو عن تصرف آخر متشدد، والذي لن يساهم في الردع فحسب، وإنما سيزيد من قوة العمليات الإرهابية وسيحول إسرائيل إلى دولة منبوذة في المجتمع الدولي». وأضافت قائلة: «أمام نشطاء الإرهاب يجب أن نستخدم الإجراءات الجنائية ومحاكمة المسؤولين وإصدار أحكام قاسية ضدهم وليس سحب مواطنتهم. المواطنة ليست حقا يمكن سحبه، لأنه لا يمكن منع إنسان من أن يكون مواطنا في بلاده».
من جهة ثانية، كشفت جمعية حقوق الإنسان في إسرائيل عن أن حكومة نتنياهو مثل الحكومات السابقة، تدير سياسة أبرتهايد في كل ما يتعلق بالجهاز القضائي، فهناك جهاز قضاء مدني للمستوطنين، وهناك جهاز قضاء عسكري للفلسطينيين. والحكم العسكري ينتهك أحكام القانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان، في كل المجالات.