الإنتاج الصناعي في أميركا لأدنى مستوى منذ مائة عام

الإنتاج الصناعي في أميركا لأدنى مستوى منذ مائة عام
TT

الإنتاج الصناعي في أميركا لأدنى مستوى منذ مائة عام

الإنتاج الصناعي في أميركا لأدنى مستوى منذ مائة عام

تلقى الاقتصاد الأميركي أسوأ ضربة اقتصادية في تاريخه الحديث بسبب وباء «كورونا» الذي ضرب العالم مطلع العام الجاري. ورغم سرعة استجابة الكونغرس لتوفير حزم مساعدات مالية وصلت لأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، فإن معظم المؤشرات أظهرت أن أكبر اقتصاد في العالم بدا يترنح خلال الشهرين الماضيين من شدة الضربة.
وتراجع الإنتاج الصناعي خلال الشهر الماضي لأدنى مستوى له منذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1919، وكشفت بيانات الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، الصادرة أمس (الجمعة)، أن الإنتاج الصناعي في أكبر اقتصاد بالعالم انخفض بنسبة 13.7% عن الشهر السابق، الذي شهد بدوره انخفاضاً نسبته 5.5%. وشكّل انخفاض الإنتاج في الشهرين الماضين أسوأ انهيار صناعي شهدته البلاد منذ أكثر من قرن من الزمان.
وتسبب فيروس «كورونا» في أكبر معاناة مالية واقتصادية للشركات والمصانع الأميركية، حيث أُجبر معظم المصانع على إغلاق أبوابها أمام الجمهور، وتوقيف عجلة الإنتاج لأسابيع عدة. وبلا شك، تسببت عمليات الإغلاق في تسريح أكثر من 36 مليون عامل خلال الأسابيع الستة الماضية، فضلاً عن الاضطرابات الواسعة التي أحدثتها في سلاسل التوريد والإنتاج على مستوى الولايات المتحدة. وصاحب ذلك أيضاً تراجع حاد في الطلب المحلي، وشبه انهيار في سوق الصادرات خصوصاً للسيارات والمركبات والطائرات.
وأشار تقرير الاحتياطي الفيدرالي إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 6.1% في قطاع التعدين، حيث شهدت عمليات التنقيب وحفر آبار النفط والغاز انخفاضاً قياسياً بنسبة 28%، في ظل انهيار أسعار النفط، التي وصلت إلى ما دون الصفر بالنسبة إلى الخام الأميركي. وبلغ عدد حفارات آبار النفط والغاز نحو 374 خلال الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى منذ أزمة النفط العالمية التي أعقبت حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وفقاً لأحدث بيانات مؤسسة «بيكر هيوز» لبيانات الإنتاج الصناعي.
أظهر التقرير أن معدل التشغيل، الذي يقيس عدد الشركات العاملة، انخفض إلى 64.9%، وهو أدنى مستوى في السجلات منذ عام 1967، أما فيما يتعلق بالمصانع، فقد تراجع المعدل إلى 61.1%، وهو أدنى مستوى على الإطلاق منذ عام 1948. وأضاف التقرير أن إنتاج السيارات انخفض إلى معدل سنوي بلغ 70 ألف وحدة، مقارنةً بـ11 مليوناً قبل شهرين، وهو أدنى مستوى على الإطلاق.
من ناحية أخرى، تراجع إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة قياسية بلغت 16.4% في أبريل (نيسان)، مقارنةً بانخفاض نسبة 8.3% في مارس (آذار)، وهو أدنى مستوى منذ عام 1992، وفقاً لتقرير وزارة التجارة الأميركية. ويمثل إنفاق المستهلكين العمود الفقري للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، وهو أكثر مؤشر يتم استخدامه لمعرفة حالة الاقتصاد. ويشكل إنفاق المستهلكين نحو 68% من الناتج المحلي الإجمالي، البالغ 21.5 تريليون دولار.
وأظهر تقرير وزارة التجارة، الصادر أمس، أن متاجر الملابس تلقت أكبر ضربة لها، حيث انخفضت المبيعات بنسبة 78.8%، بينما تراجع الطلب على قطاع الإلكترونيات والأجهزة المنزلية بنسبة 60.6%، والأثاث المنزلي 58.7%. وشهدت تجارة التجزئة بشكل عام انخفاضاً بنسبة 17.8% خلال الشهر الماضي، بنفس الفترة عام 2019.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».