نتنياهو يتعهد تنفيذ «الضم»

TT

نتنياهو يتعهد تنفيذ «الضم»

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي زعيم تكتل اليمين المتصدع، بنيامين نتنياهو، وشريكه الجديد رئيس الكنيست وزعيم حزب الجنرالات «كحول لفان»، بيني غانتس، أمس (الجمعة)، أنهما سيطرحان حكومتهما الجديدة ظهيرة غد (الأحد). ونفى نتنياهو أن إخراج اتحاد أحزاب اليمين «يمينا» بقيادة نفتالي بنيت، جاء لأنه قرر التراجع عن مخطط ضم غور الأردن وشمال البحر الميت وفرض السيادة الإسرائيلية عليها وعلى المستوطنات.
وأصدر نتنياهو بياناً رسمياً أكد فيه أنه «ملتزم بتنفيذ خطوات مهمة لصالح التيار القومي الصهيوني المتدين، وفي مقدمتها اتخاذ خطوة تاريخية تتعلق بفرض السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وضمها إلى تخوم حدودها». وجاء بيان نتنياهو لمناسبة إقناعه رئيس حزب «البيت اليهودي»، رافي بيرتس، بالانسحاب من «يمينا» والانضمام إلى الائتلاف الحكومي، وحصوله على منصب «وزير شؤون أورشليم القدس والتراث وعضو في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع ومراقب في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)».
وكان نتنياهو قد دخل في أزمة مع وزراء حزبه الليكود تسببت في إلغاء مصادقة الكنيست (البرلمان) على الحكومة، ليلة الخميس/ الجمعة. فعلى الرغم من تكبير الحكومة إلى 36 وزيراً و16 نائب وزير، بقي عدد من وزرائه المخلصين له بشكل شخصي بلا مناصب وزارية، مثل تساحي هنغبي وزير التعاون الإقليمي، وآفي ديختر نائب وزير الدفاع الذي قال إن نتنياهو وعده بمنصب وزاري كبير، ونير بركات الذي وعده نتنياهو بمنصب وزير المالية، ووزير الطاقة يوفال شتاينتس، ودافيد امسالم الذي وعده بمنصب وزير شؤون القدس وغيرهم. وقد هدد هؤلاء بالاعتكاف في البيت وعدم حضور جلسات المصادقة على الحكومة. وشعر نتنياهو بأنهم يتمردون عليه. فقرر تأجيل الجلسة.
وقد خشي غانتس من أن تكون هذه مؤامرة مخططة من نتنياهو تختفي وراءها خطة لتشكيل حكومة يمين ضيقة. فسحب استقالته من رئاسة الكنيست، حتى تبقى بين يديه أدوات لمقاومة خطة كهذه. فاجتمع به نتنياهو لطمأنته. وفقط في يوم أمس، اقتنع غانتس بكلام نتنياهو وقدم استقالته مرة أخرى من منصبه كرئيس للكنيست، حيث إنه لن يستطيع أن يصبح وزيراً إلا بعد 48 ساعة. وحسب هذا الجدول، ستتم المصادقة على الحكومة غداً (الأحد)، بعد مرور 48 ساعة على استقالة غانتس الثانية.
وفي هذه الأثناء، واصل نتنياهو جلساته مع وزرائه «الزعلانين». واخترع لهم وزارات لم تكن موجودة في التاريخ الإسرائيلي، مثل وزير السايبر ووزير التنسيق بين الحكومة والبرلمان ووزير العليم العالي وتقسيم وزارة إلى وزارتين ووضع وزير إضافي في مكتب وزير آخر وإرسال وزير ليكون سفيراً لدى دولة مهمة في الخارج أو سفيرين، مثل وزير الأمن الداخلي الحالي جلعاد أردان، الذي عين سفيراً لدى الأمم المتحدة وفي والولايات المتحدة. ولم يُنهِ نتنياهو هذه الجهود حتى مساء أمس، وسيحاول ترضية وزرائه حتى اللحظة الأخيرة قبل إعلان الحكومة.
وقد هاجم العديد من السياسيين والخبراء والصحفيين هذه الطريقة من التداول في المناصب الوزارية وهذه الفوضى في إدارة شؤون البلاد. وشبهوها بالبازار التركي. ووجهوا انتقادات لاذعة لوزراء الليكود «الذين سكتوا طيلة سنوات على ديكتاتورية نتنياهو وعلى بقائه رئيس حكومة رغم توجيه لائحة اتهام ضده بالفساد ولم يجرؤوا على معارضته في العديد من القرارات التي اتخذها بشكل انفرادي في عشرات المواضيع، وفجأة دبت فيهم الشجاعة ليعترضوا ويتمردوا عندما طال الأمر كراسيهم الوزارية ومصالحهم الشخصية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.