حركة متواضعة في محلات الألبسة في إدلب... وباعة «يتحايلون» على الزبائن

TT

حركة متواضعة في محلات الألبسة في إدلب... وباعة «يتحايلون» على الزبائن

بدأت أسواق الألبسة في شمال غربي سوريا، تشهد حركة متوسطة لبيع وشراء ملابس، مقارنة بالأعوام الماضية؛ نظراً للارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار ملابس العيد، لا سيما الخاصة بالأطفال.
وبات غلاء أسعار الملابس يشكل حاجزاً أمام معظم المواطنين لشراء ألبسة وكسوة عيد الفطر الذي بات على الأبواب، حيث تكتفي العديد من الأسر بالتجول في أسواق بيع الملابس والنظر إليها بشيء من الحسرة، والعودة إلى منازلها بأيد فارغة دون أن تسمح لها أسعار الملابس الباهظة بشراء ما يتمنون أطفالهم، فضلاً عن النازحين الذين يقيمون في مخيمات النزوح وظروفهم المادية المتردية.
ورصدت «الشرق الأوسط» حالة الأسواق في مدن إدلب شمال غربي سوريا. وتقول «أم جابر» التي تعيل سبعة أطفال دون الخامسة عشرة، إنها وبعد جولة استمرت لبضع ساعات في أسواق بيع الملابس الجاهزة في مدينة الدانا شمال إدلب، لم تستطع شراء أي بدلة جديدة بسبب الارتفاع الكبير الذي طال أسعار الملابس الجاهزة والذي يفوق قدراتها المادية. وتضيف: «سعر أي بدلة محلية الصنع يتراوح بين 15000 إلى 20000 ألف ليرة سوريا (الدولار الأميركي يساوي نحو 1600 ليرة) وبذلك ستكون كلفة كسوة أبنائها السبعة ما يقارب 150 ألف ليرة سوريا»، الأمر الذي أجبرها على الخروج من السوق والعودة إلى المنزل دون أن تستطيع شراء أي شيء، لافتة إلى أنها ستجبر أبناءها على ارتداء ألبسة قديمة يوم العيد وحتماً ذلك سينغص عليهم ويصادر فرحتهم حينها التي بدت علاماتها منذ الآن، حيث اعتادوا على ارتداء الألبسة الجديدة في كل عيد خلال السنوات الماضية عندما كانت أسعارها مقبولة مقارنة بأحوالهم المادية.
أما «أبو علا»، وهو نازح من حماة ويقيم في تجمع للنازحين في مدينة سرمدا القريبة من الحدود التركية، فيقول: «جرت العادة أنني كل عام ومع اقتراب العيد سواء عيد الفطر أو الأضحى أذهب أنا وزوجتي وأطفالي الخمسة إلى سوق بيع الملابس لشراء ما يناسب أسرتي من ملابس بمناسبة العيد، لكن هذا العام عكس الأعوام الماضية ولم أتمكن من شراء ما يحلو لأسرتي بحسب رغبتهم واضطررت إلى شراء الألبسة البسيطة وذات الجودة المتدنية من على البسطات المنتشرة في مداخل سوق سرمدا بأسعار نوعاً ما مقبولة لعدم قدرتي على شراء الأطقم الجاهزة أو الفساتين لأبنائي من محلات بضاعتها ذات جودة ممتازة». ويشير إلى أنه اشترى البدلة الواحدة من البسطة بنحو 4 آلاف ليرة سوريا واكتفى بذلك رغم عدم رضا أفراد أسرته عن ذلك، موضحاً أنه يريد رسم البسمة على وجوه أطفاله وزوجته يوم العيد بأي شكل.
وعن أسباب غلاء الملابس هذا الموسم وتحديداً ملابس العيد، يقول ماهر صاحب محل لبيع الألبسة الجديدة، إن ذلك يعود لأسباب عديدة تبدأ بقلة توفر مشاغل إنتاج الألبسة الجاهزة الكافية في محافظة إدلب ويضطر التجار إلى استيرادها إما من تركيا أو مناطق خاضعة لسيطرة النظام منشأها مدينة حلب أو دمشق، وكلفة إيصالها وإدخالها إلى إدلب عبر المعابر التي تسيطر عليها ميليشيات تابعة للنظام، يضاعف أسعارها هذا من جهة، ومن جهة ثانية اعتماد تجار الجملة والمستوردين البيع والشراء بالدولار الأميركي، الأمر الذي ربط أسعار الملابس بقيمة الليرة السورية أمام الدولار، موضحاً أن انهيار العملة السورية وتراجع قيمتها أمام الدولار الأميركي ضاعف أسعار الملابس بنسبة 50 في المائة وترتفع مع ارتفاع أسعار الدولار الذي وصل مؤخراً سعره في الأسواق السورية إلى 1600 ليرة سوريا، مشيراً إلى أن فستانا نسائيا سوري الصنع أو تركي المنتج وصل سعره إلى 40 ألف ليرة سوريا و«حتماً هذا المبلغ لا يتوفر مع الكثيرين إلا مع فئة قليلة جداً جداً من المواطنين».
وتقول سناء، وهي صاحبة محل لبيع مواد التجميل والألبسة النسائية: «مع ضعف إقبال الزبائن على شراء المكياجات والألبسة النسائية والإكسسوارات الخاصة بالأعياد، بادرت إلى كتابة لافتة على واجهة المحل أعلنت من خلالها عن حسم خاص يصل إلى نسبة 30 في المائة لكل فاتورة مبيعات تصل إلى 100 ليرة سورية ذلك من خلال عملية توازن البضائع المتوفرة لدي عبر دمج البضاعة الصينية الرخيصة والتركية والسورية المنشأ ذات الأثمان الغالية لأعتمد على ربح معقول يضمن جلب الزبائن». وتضيف: «الخطة تكللت بالنجاح نوعاً ما، إذ تقوم بدمج حقيبة نسائية وحذاء صيني المنشأ أسعارها رخيصة مع فستان بجودة ممتازة بالإضافة إلى إيشارب أو قطعة أخرى وتضيف ربحا بسيطا جداً أثناء عملية البيع للزبون وكأنها تبيع قطعة واحدة».
من جهته، يقول أبو سامر أحد باعة البسطات: «أتجول في مخازن الجملة وأشتري الألبسة ذات الموضات المنتهية لأعوام ماضية وأقوم بعرضها على البسطة متجولاً في الأسواق، ومع ارتفاع أسعار الملابس الجديدة وموضة هذا العام، بدأت كثير من الأسر تفضل شراءها على شراء ألبسة موضة هذا العام»، لافتاً إلى أنه يفرح عندما يبيع بدلة لطفل بسعر يناسب أحوال أهله المادية الصعبة ويفرح أكثر عندما يشاهد الطفل بدت عليه علامات الفرح بحصوله على بدلة العيد الجديدة دون أن يعلم أنها موضة منتهية. ويضيف: «هذا العيد هو من أصعب الأعياد على المواطنين أمام أحوالهم الاقتصادية المتردية من جهة، وأسعار الملابس الجديدة وخصوصاً ملابس العيد التي حلقت أسعارها عالياً والتي تفوق قدرة وأحوال الناس المادية راجياً أن تعود الأسعار إلى طبيعتها سابقاً وأن يساهم ذلك في رسم البسمة على كل أطفال سوريا بمبلاس جديدة يوم العيد».



الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.