«كورونا»... مادة غنائية لإيقاظ المتسحرين في البحرين

قد تبدو مهنة المسحراتي خلال ليالي شهر رمضان على وشك أن تختفي في بعض مناطق العالم الإسلامي، لكن ياسر السماك يعيد إحياءها في البحرين عبر تعديل الأناشيد المعتادة لتتطرق لظروف العيش في زمن فيروس كورونا المستجد.
في قرية بلاد القديم في ضواحي العاصمة المنامة، لا يكسر صمت ليالي رمضان سوى صوت السماك (50 عاماً) وقرع صديقه على طبلة وهما يسيران في الأحياء يحاولان إيقاظ السكان لتناول وجبة السحور.
وتتناول أناشيد السماك بلهجة بحرينية الحياة في ظل الإجراءات المرتبطة بالفيروس وتتطرق إلى حسنات التباعد الاجتماعي وتشكر الأجهزة الطبية والمسعفين على تضحياتهم وعملهم عند الخطوط الأمامية، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتقول كلمات أحد أناشيده: «السحور هذه السنة يختلف عن كل سنة». وتضيف بعباراتها المحلية: «ابقَ في البيت مع الأهل، وتسحر بزاد الأمل، والذي على الباقي (الله) اتكّل يجعله في حصنه الحصين»، أي يحميه.
وعن الفيروس، تؤكد أنه «غصباً عن كورونا، نأكل معكرونة، فليحجرونا ولكن لاحقاً سيتركوننا».
وتحظى وجبة السحور بأهمية كبيرة في النظام الغذائي لصيام رمضان لكونها تمد الجسم بالطاقة اللازمة للصمود خلال النهار حتى حلول موعد الإفطار.
وينتشر تقليد المسحراتية في كثير من البلدان المسلمة خلال شهر رمضان، لكن هذه المهنة بدأت تنحسر وتفقد بريقها، خصوصاً مع الاستخدام المتزايد للمنبهات عبر الهواتف الذكية أو الساعات الرقمية.
في القرية حيث يتجوّل السماك من باب إلى باب رغم أوامر الحد من التنقل، لا يخرج سوى عدد قليل من السكان لشراء الضروريات، خشية فيروس كورونا المستجد، فيما حركة مرور السيارات خفيفة طوال ساعات اليوم.
وسجّلت البحرين التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، إصابة 5816 شخصاً بالفيروس، تماثل منهم 2205 للشفاء بينما توفي 10. وفي أبريل (نيسان) الماضي دشّنت البحرين وحدة عناية مركزة تضم 130 سريراً في موقف للسيارات قرب المنامة، على أن تُستخدم لمعالجة المصابين بفيروس «كوفيد - 19» في حال ازدادت الحالات التي تحتاج للعناية بشكل كبير، في أول خطوة من نوعها في الخليج.
واستحدثت مستشفى ميدانيا في مايو (أيار) الحالي في جزيرة اصطناعية، يحوي 154 سريراً وطاقم عمل يتألف من 55 طبيباً و250 ممرضاً. ولاقت مقاطع الفيديو الخاصة بالسماك انتشاراً واسعاً، خصوصاً على تطبيقي «واتساب» و«إنستغرام».
وقال المسحراتي المخضرم لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يأمل في رفع مستوى الوعي مع زيادة الأمل والتفاؤل أثناء الأزمة، فضلاً عن الحفاظ على الشعور بالطمأنينة في الأوقات العصيبة التي تسبب بها الفيروس.
وأضاف: «العالم كله يتحدّث عن هذا الوباء فطلبت أن تُكتب لي كلمات خاصة عن هذا المرض أي (كورونا). الجمهور طلب، وقد نجحت المهمة».
وذكر السماك الذي يؤدي هذه المهنة التقليدية منذ نحو 30 عاماً، أنه في العام الحالي اقتصر عدد أعضاء فرقته التي ترافقه في الشوارع، على خمسة أشخاص فقط بعدما كانت الأعداد أكبر وبينهم أطفال.
وبينما تتنقّل الفرقة من حي إلى آخر، يخرج أطفال من منازلهم لتحية المسحرين ولمشاهدتهم وهم يؤدون مهمتهم، لكن عائلاتهم سرعان ما تعيدهم للداخل.