جهود ثلاثية لمواجهة نفوذ إيران في البادية السورية

المبعوث الأميركي للملف السوري جيمس جيفري
المبعوث الأميركي للملف السوري جيمس جيفري
TT

جهود ثلاثية لمواجهة نفوذ إيران في البادية السورية

المبعوث الأميركي للملف السوري جيمس جيفري
المبعوث الأميركي للملف السوري جيمس جيفري

أكد المبعوث الأميركي للملف السوري جيمس جيفري أن إيران التي تعاني من ضائقة مالية تعمل على «تقليص حجم بعض قواتها في سوريا نتيجة العقوبات الأميركية»، في وقت أُفيد فيه بتكثيف 3 أطراف جهودها؛ بين أطراف مختلفة، لقطع طريق طهران - بغداد - دمشق - بيروت عبر السيطرة على نقاط على الحدود السورية - العراقية.
وقال جيفري في ندوة بواشنطن: «رأينا الإيرانيين يقلصون بعض أنشطتهم الخارجية في سوريا بسبب المشكلات المالية فيما يعكس النجاح الهائل لسياسات العقوبات التي فرضتها إدارة (الرئيس دونالد) ترمب على إيران»، مؤكداً تقارير تفيد بأن القوات المدعومة من إيران قد قلصت وجودها في سوريا، وهو ما أدى إلى تراجع وتيرة القتال المستمر هناك.
ولا يزال وقف إطلاق النار في إدلب بموجب اتفاق روسي - تركي سارياً بدرجة كبيرة منذ أوائل مارس (آذار) الماضي، الأمر الذي ساهم أيضاً في قرار طهران سحب بعض ميليشياتها. لكن جيفري أشار أيضاً إلى سياسية «الضغط الأقصى» التي تتبعها واشنطن ضد إيران. وقال: «نرى بعض الانسحابات من القوات التي تقودها إيران. قد يكون بعضها تكتيكياً لأنهم لا يقاتلون في الوقت الحالي، ولكنهم أيضاً يفتقرون إلى المال». وهو كان قال الأسبوع الماضي إن تحركات القوات الأخيرة لا تمثل تغييراً استراتيجياً كبيراً لإيران وقواتها المتحالفة في سوريا. وقال في 7 مايو (أيار) الحالي: «ما لم نره - وأريد أن أؤكد ذلك - هو التزام إيراني استراتيجي بعدم محاولة استخدام سوريا منصةَ إطلاق ثانية للأسلحة بعيدة المدى ضد إسرائيل، وكقناة - الهلال الشيعي الشهير - لتزويد (حزب الله) بصواريخ أكثر فتكاً وأكثر دقة مرة أخرى لتهديد إسرائيل».
إلى ذلك، قال جيفري إن العلاقة الروسية - السورية ليست في أفضل حالاتها بسبب الرئيس بشار الأسد، كما أن الروس أكدوا للأميركيين أنهم ليسوا سعداء بوجود الأسد لكن لا يوجد لديهم بديل عنه، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تأخذ ذلك في الحسبان، وتساعدهم بالشراكة مع المجتمع الدولي لتهيئة الانتقال السياسي.
في غضون ذلك، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «تحالفاً ثلاثياً؛ بين إسرائيل وقوات التحالف الدولي والروس، يعمل بشكل غير مباشر لإغلاق طريق طهران - بيروت من الجانب السوري ومجابهة النفوذ الإيراني بالبادية السورية». وأوضح أن «اجتماعاً جرى قبل أيام قليلة، بين وفد من (قوات سوريا الديمقراطية)، وقيادات من (قوات مغاوير الثورة)، و(قوات النخبة) العاملة ضمن منطقة التنف في البادية السورية، تمحور حول تقدم مشترك لتلك القوات في منطقة البادية وشن عمليات عسكرية ضد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية، بدعم من التحالف الدولي بغية إغلاق طريق طهران - بيروت الدولي بشقه السوري». وتابع: «عملية تقدم قوات (مغاوير الثورة) و(النخبة) ستكون في بداية الأمر تحت عنوان محاربة نشاط تنظيم (داعش) بالبادية السورية، بينما ترتبط العملية العسكرية ضد الميليشيات الإيرانية بفشل روسيا في إقناع إيران بسحب قواتها من البادية، على أن يتم وضع قوات موالية لروسيا تحل محل القوات الإيرانية، حيث إن هذه القوات ستكون عشائرية ومن مقاتلي (المصالحة والتسوية)، وفي حال فشل روسيا في إقناع إيران فسيتم الاتجاه إلى الحل العسكري وشن عملية برية، حيث توجد شبكة مهمتها جمع بنك أهداف عن الوجود الإيراني في منطقة (الشامية)، وتتبع تلك الشبكة بشكل مباشر لكل من إسرائيل والتحالف، وبشكل غير مباشر لروسيا».
وتقوم القوات الأميركية بجولات استطلاعية وزيارات يومية بشكل مكثف إلى مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» على ضفاف نهر الفرات.
في المقابل، أشار «المرصد» إلى تشكيل الإيرانيين خط دفاع قوياً على طول البادية الممتدة من البوكمال قرب الحدود العراقية - السورية حتى جنوب مدينة دير الزور، وذلك عبر تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت للميليشيات الإيرانية عن طريق معبر البوكمال، بعضها كان عبر حافلات مدنية. وقال: «المواقع التي جرى تعزيزها من قبل الإيرانيين هي: المحطة الثانية (T2)، ومعيزيلة وحقل الورد والمزارع ببادية الميادين، وعين علي ببادية محكان، والمجابل ببادية القورية، وقاعدة الإمام علي، والمحطة الثالثة (T3) ومواقع أخرى في بادية الوعر وحميمية وفيضة بن موينع، بالإضافة لمواقع ثانية ضمن ريف دير الزور الغربي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.