الشرطة الإيرانية تعلن جاهزيتها لإخماد احتجاجات جديدة

قائد القوات الخاصة يدافع عن سجل قواته في مظاهرات العام الماضي

سيارة تابعة للشرطة تحترق وسط شارع بطهران في 16 نوفمبر 2019 (فارس)
سيارة تابعة للشرطة تحترق وسط شارع بطهران في 16 نوفمبر 2019 (فارس)
TT

الشرطة الإيرانية تعلن جاهزيتها لإخماد احتجاجات جديدة

سيارة تابعة للشرطة تحترق وسط شارع بطهران في 16 نوفمبر 2019 (فارس)
سيارة تابعة للشرطة تحترق وسط شارع بطهران في 16 نوفمبر 2019 (فارس)

رجح رئيس القوات الخاصة التابعة للشرطة الإيرانية، الجنرال حسن كرمي، أمس، وقوع «اضطرابات» جديدة في العام الحالي، معلناً جاهزية قواته لإخماد أي «تهديدات» على غرار احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017، ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وكشف قائد القوات الخاصة في حوار مع وكالة «إرنا» الرسمية عن حصول قواته على «معدات وإمكانات جديدة»، مشيراً إلى أنها «تتلقى دعماً كبيراً» من المسؤولين في الحكومة الإيرانية.
ودافع كرمي عن سجل قواته في قمع احتجاجات عصفت بالبلاد خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، خصوصاً كبراها في ديسمبر (كانون الأول) 2017 واحتجاجات نوفمبر 2019 التي كان وقودها أبناء الطبقة الوسطى، واندلعت الأولى بسبب تدهور الوضع المعيشي وغلاء الأسعار، قبل 5 أشهر من الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وإعادة العقوبات الأميركية. وكانت الثانية عقب قرار مفاجئ من الحكومة الإيرانية برفع أسعار البنزين إلى 300 في المائة.
وأشار كرمي إلى حصول قواته على معدات متنوعة، بما فيها البرمجيات، وقال تحديدا إنه «(عام القوات الخاصة) بسبب دعم غير مسبوق فيما يخص البنية التحتية والمعدات»، لافتاً إلى أنها حصلت على مواقع جديدة ومعسكرات وأدوات وإمكانات لتدريب العناصر.
وقال كرمي إن «الاهتمام الخاص يرفع من المسؤولية على عاتق القوات الخاصة»، وتعهد في الوقت نفسه بأن تعمل تلك القوات على «إخماد اضطرابات محتملة» هذا العام بـ«أقل الخسائر».
وقال كرمي إن «الأعداء استخدموا أساليب في 2017، مثل (أقصى العنف والتدمير)، واعتمد الانتشار في المناطق لإرهاقنا، لكن القوات الخاصة، تمكنت، بتدخل سريع، من قمعهم» مضيفاً: «لدينا إشراف استخباراتي في هذا المجال، ووحدات التدخل السريع لديها جاهزية أكثر لمواجهة السيناريوهات المختلفة في المدن، عبر استخدام وسائل النقل الخفيفة في التوقيت المناسب».
وفي 15 نوفمبر الماضي، بدأت الاحتجاجات متفرقة في جنوب البلاد بسبب زيادة مفاجئة في أسعار البنزين سرعان ما اتسع نطاقها لتصبح من أكبر التحديات التي واجهت المؤسسة الحاكمة، واستمرت أقل من أسبوعين. وبحلول 17 نوفمبر وصلت إلى العاصمة طهران، وردد المتظاهرون شعارات بإنهاء نظام ولاية الفقيه وسقوط رموزه.
وترفض السلطات الإيرانية إعلان الحصيلة النهائية للقتلى والجرحى والمعتقلين. وفي نهاية ديسمبر، قال 3 مسؤولين بوزارة الداخلية الإيرانية لوكالة «رويترز» إن نجو 1500 شخص سقطوا قتلى خلال الاحتجاجات. وقال المسؤولون إنه كان من بين القتلى 17 في سنّ المراهقة، ونحو 400 امرأة وبعض رجال الأمن والشرطة.
وقال المسؤولون الثلاثة، الذين وصفتهم «رويترز» بأنهم ذوو صلة وثيقة بالدائرة المقربة من خامنئي، إنه اجتمع في 17 نوفمبر، بمقر إقامته الرسمي، بكبار المسؤولين؛ بمن فيهم مساعدوه المختصون بالأمن والرئيس حسن روحاني وأعضاء حكومته.
ونقل أحد المصادر عن خامنئي قوله للحاضرين: «الجمهورية الإسلامية في خطر. افعلوا ما يلزم لوضع نهاية لذلك. هذا هو أمري لكم».
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية إحصائية مماثلة، فيما قالت منظمة العفو الدولية إنها وثقت على الأقل 300 قتيلاً بالأسماء.
وقال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية، حسين نقوي حسيني، إن السلطات اعتقلت نحو 7 آلاف شخص خلال الاحتجاجات التي امتدت إلى 28 محافظة إيرانية.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذّر الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي من سقوط البلاد من دوامة عنف متبادل بين الشعب والنظام، نتيجة ازدياد السخط الداخلي، وتفشي الفقر وتأثيره على الطبقة الوسطى.
وحضّ خاتمي المسؤولين على تقبل المسؤولية وتجنب إنكار المشكلات، وعلى الوئام الداخلي قبل فوات الأوان، مشدداً على أن الشارع الإيراني «مستاء من الأوضاع الحالية».



إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
TT

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

وحضَّ المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على «حفظ (الحشد الشعبي) وتعزيزه»، واصفاً وجود القوات الأميركية في العراق بأنه «غير قانوني ومخالف لمصالح الشعب والحكومة العراقية».

وقال خامنئي لدى استقباله السوداني إن «المؤشرات تدل على سعي الأميركيين لتثبيت وجودهم وتوسيعه في العراق، ويجب الوقوف بجدية ضد هذا الاحتلال».

ونقل موقع خامنئي قوله للسوداني: «كما ذكرتم، (الحشد الشعبي) يُعدّ من أهم عناصر القوة في العراق، ويجب العمل على حفظه وتعزيزه بشكل أكبر»، وأشار إلى أهمية «الوحدة والانسجام بين المذاهب والقوميات المختلفة في العراق».

جاء كلام خامنئي في سياق مباحثات أجراها السوداني حول التطورات الإقليمية، بما في ذلك إطاحة نظام بشار الأسد.

وقال خامنئي: «دور الحكومات الأجنبية في هذه القضايا واضح تماماً».

وصرح خامنئي: «كلما كان العراق أكثر ازدهاراً وأمناً، كان ذلك في مصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً».

وأشار بيان موقع خامنئي إلى أن السوداني أعرب عن ارتياحه من المحادثات التي أجراها في طهران، معرباً عن أمله بأن تساهم «المحادثات والاتفاقيات الموقَّعة في تعزيز العلاقات بين البلدين وتعميقها».

وأشاد السوداني بعناصر القوة في العراق، التي تشمل «الشعب»، و«الحشد الشعبي»، و«الوحدة والانسجام الوطني» و«المرجعية»، مشيراً إلى أن «الموقف المبدئي للعراق هو دعم شعب غزة ولبنان ضد عدوان الكيان الصهيوني، والمقاومة في المنطقة».

كما أشار السوداني إلى «التطورات في سوريا ودور القوى الأجنبية فيها»، موضحاً أن موقف العراق دائماً يتمثل في «دعم إرادة الشعب السوري، والحفاظ على استقلال ووحدة أراضيه، والسعي لتشكيل حكومة شاملة».

قبل ذلك بساعات، كانت التحولات الإقليمية محور مباحثات السوداني والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، التي شملت أيضاً، توسيع العلاقات والتعاون الثنائي في جميع المجالات.

السوداني وبزشكيان خلال مؤتمر صحافي مشترك في طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد بزشكيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع السوداني، أن «العراق بلد مهم وشريك استراتيجي لإيران. نحن سعداء بأن العلاقات بين البلدين في أعلى مستوياتها، وأن نطاق هذا التعاون يتسع يوماً بعد يوم».

وصرح بزشكيان قائلاً: «إيران تسعى دائماً إلى السلام والاستقرار والتنمية لمحيطها الإقليمي. إن أمن ونمو ورفاه الشعب العراقي ذو أهمية كبيرة بالنسبة لإيران»، منبهاً إلى أن «العراق، بعد تجاوزه فترة الإرهاب، يشهد فترة جيدة من الاستقرار».

وأضاف: «تأتي هذه الزيارة استكمالاً لزيارتي الناجحة إلى العراق في شهر سبتمبر (أيلول)، والتي كانت من المحطات المهمة في العلاقات بين البلدين، وستظهر نتائجها في تعزيز العلاقات الثنائية في المستقبل».

سوريا نقطة تلاقٍ

وأفاد الرئيس الإيراني بأن البلدين «يشتركان في مخاوف بشأن سوريا، من بينها استقرار سوريا وهدوؤها، والحفاظ على وحدة أراضيها، ومواجهة الجماعات الإرهابية، وضرورة خروج الكيان الصهيوني من المناطق المحتلة، والاهتمام بالمشاعر الدينية خصوصاً فيما يتعلق بالمزارات المقدسة للشيعة».

وأضاف: «يشكل خطر الإرهاب واحتمال إعادة تفعيل الخلايا الإرهابية أحد الهواجس المشتركة التي نوقشت الأربعاء؛ مما يجعل اليقظة والتعاون بين البلدين أكثر أهمية من أي وقت مضى».

من جانبه، أكد السوداني نجاح حكومته في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق بالصراعات الإقليمية، داعياً إلى حوار إقليمي شامل يعزز الثقة بين دول المنطقة.

بزشكيان يستقبل السوداني خلال مراسم رسمية في قصر سعد آباد شمال طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد السوداني خلال الزيارة احترام العراق «إرادة الشعب السوري، ودعمه أي نظام سياسي أو دستوري يختاره بنفسه دون تدخلات خارجية»، كما أشار إلى «استعداد العراق للتعاون مع الأطراف كافة... لتحقيق انتقال سلمي سلس إلى نظام يعكس إرادة الشعب السوري»، معبراً عن رفضه «لغة التهديد واستخدامها ضد الدول».

وأضاف السوداني: «استقرار سوريا مفتاح لاستقرار المنطقة»، داعياً إلى «حل سياسي شامل في سوريا». ودعا إلى «احترام القانون الدولي، وحوار إقليمي شامل يضمن الأمن والسلام»، مبيناً أن «الحكومة نجحت في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق في الصراعات الإقليمية»، مؤكداً أن «العراق حريص على نشر التهدئة وعدم توسيع الحرب في المنطقة، كما يسعى إلى إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية العراقية (واع).

وأفاد بيان لرئاسة الوزراء العراقية بأن السوداني أكد «استمرار جهود العراق، استناداً إلى علاقات التعاون البناء مع الجمهورية الإسلامية ومحيطيه العربي والإقليمي، من أجل فرض التهدئة والاستقرار في عموم المنطقة».

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

التعاون الثنائي

ووصل السوداني، الأربعاء، إلى طهران في مستهل زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، واستقبله لدى وصوله إلى مطار مهر آباد في غرب طهران، وزير الاقتصاد عبد الناصر هتمي.

وبحسب بيان الحكومة العراقية، ترأس السوداني وفد بلاده في المباحثات الثنائية الموسعة مع الوفد الإيراني برئاسة بزشكيان، مشيراً إلى أنها «تناولت مجالات التعاون والشراكة بين البلدين على مختلف الصعد والمجالات».

وقال السوداني في المؤتمر الصحافي: «زيارته إلى طهران تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث عقدنا اجتماعاً موسعاً مع الرئيس الإيراني، وناقشنا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وملف تجهيز العراق بالغاز والطاقة، كما ستكون هناك اجتماعات على مستوى الوزراء بين البلدين». وأضاف: «نتابع المشاريع المشتركة مع إيران خصوصاً في قطاعي السكك والسكن»، مؤكداً أن «تعزيز علاقاتنا مع إيران ضروري لتحقيق المصالح المشتركة، في إطار الاتفاقات والتفاهمات الثنائية، وتطوير الشراكة البناءة، بما يعزز مصالح البلدين الجارين».

وأكد بزشكيان مناقشة تعزيز التعاون الجمركي، والاستثمارات المشتركة، وتسهيل النقل، وتقوية الأسواق الحدودية، معرباً عن أمله في تحقيق نتائج ملموسة.

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

في سياق متصل، أكد فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، أن العراق يعتمد في علاقاته الخارجية على الدبلوماسية المنتجة وسياسة التشبيك الاقتصادي؛ لتعزيز التعاون مع الجيران. وأضاف أن زيارة السوداني إلى إيران، في ظل توقيت حساس إقليمياً ودولياً، تهدف إلى توطيد التعاون في مختلف المجالات، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وأشار الشمري إلى أن الحكومة العراقية تسعى من خلال سياسة التشبيك الاقتصادي إلى فتح آفاق جديدة للشراكات المثمرة ودعم الاقتصادات الوطنية، انطلاقاً من مبدأ الشراكة المبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وأوضح أن هذه الزيارة تعكس رؤية العراق جسراً للتواصل الإقليمي والدولي، وتعبر عن التزام الحكومة بالحوار البنّاء، وتعزيز الروابط الإقليمية لتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء شراكات متوازنة تدعم التنمية الاقتصادية والسلام المستدام.