معارك متقطعة في طرابلس تطال شاحنات نقل الوقود

الاتحاد الأوروبي يدعو إلى تفعيل الهدنة وتعيين خلف لسلامة

أحد عناصر القوات الموالية لحكومة {الوفاق} أمام سيارة تعرضت للقصف في منطقة باب بن غشير في طرابلس (أ.ف.ب)
أحد عناصر القوات الموالية لحكومة {الوفاق} أمام سيارة تعرضت للقصف في منطقة باب بن غشير في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

معارك متقطعة في طرابلس تطال شاحنات نقل الوقود

أحد عناصر القوات الموالية لحكومة {الوفاق} أمام سيارة تعرضت للقصف في منطقة باب بن غشير في طرابلس (أ.ف.ب)
أحد عناصر القوات الموالية لحكومة {الوفاق} أمام سيارة تعرضت للقصف في منطقة باب بن غشير في طرابلس (أ.ف.ب)

خفت أمس نسبياً حدة المواجهات العسكرية بين طرفي النزاع في العاصمة الليبية وخارجها، في وقت تعتزم فيه الخارجية الإيطالية عقد مؤتمر بشأن ليبيا اليوم (الأربعاء).
لكن رغم الهدوء النسبي للمعارك في طرابلس، فإن استهداف الشاحنات يظل هدفاً، حيث أعلن المتحدث باسم قوات «الوفاق»، العقيد محمد قنونو، أن سلاحها الجوي استهدف في ساعة مبكرة من صباح أمس شاحنتي نقل وقود في منطقة الشويرف، كانت في طريقها لإمداد قوات «الجيش الوطني» في العاصمة طرابلس.
وأظهرت لقطات عرضتها وسائل إعلام محلية أن ما قصفه الطيران التركي المسير كان عبارة عن شاحنة محملة بالأغنام والمواشي، ما أدى لموت غالبيتها وإصابة سائق الشاحنة المدنية، التي تعد الثانية من نوعها التي تتعرض للقصف، بعد غارة استهدفت شاحنة لنقل البطيخ.
وقالت عملية «بركان الغضب»، التابعة لقوات حكومة «الوفاق» في بيان مساء أول من أمس، إن شخصاً لقي مصرعه، بعدما استهدف طائرة «مسيرة» تابعة لـ«الجيش الوطني»، من سيارته بصاروخ بـ«الـقداحية».
في المقابل، قال المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» بـ«الجيش الوطني» إنه في إطار استمرار ما سماه بـ«النهج الهمجي التركي» الغاشم لقصف منازل المواطنين الآمنين، تم استهدف منزل مواطن في منطقة أشميخ، نافياً حدوث أضرار بشرية.
ودافع المسماري عن القصف الصاروخي للجيش على قاعدة عسكرية بمطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس، واعتبرها تهديداً للمنطقة بالكامل، بعدما تحولت إلى ما وصفه بقاعدة عسكرية جوية «للاحتلال التركي».
وتطرق المسماري في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بمدينة بنغازي إلى وضعية مجلس النواب الليبي، وقال إن هذا البرلمان «جاء عبر انتخابات حرة ونزيهة تمثل الشعب، لا يمكن حله إلا عبر انتخابات مماثلة»، موضحاً أن الخطاب الذي وجهه المشير خليفة حفتر، القائد العام «الجيش الليبي»، للشعب ليعلن فيه قبوله تفويض المؤسسة العسكرية لإدارة السلطة، اقتصر على الإشارة لإسقاط حكومة السراج، ولم يتضمن الإشارة إلى البرلمان الشرعي.
في غضون ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي في بيان أمس، إلى تفعيل هدنة وقف الحرب في طرابلس مع الاستئناف الفوري للمحادثات، التي توسطت فيها الأمم المتحدة بين الأطراف، وقال إنه «لا بديل عن حل سياسي شامل يعكس نتائج مؤتمر برلين».
وطالب الاتحاد الأوروبي جميع أطراف النزاع في ليبيا بالتعاون دون مزيد من التأخير، بهدف تنفيذ وقف إطلاق النار الدائم، منوهاً إلى أنه يأمل بتعيين خلف للمبعوث الأممي السابق غسان سلامة في أسرع وقت.
في السياق ذاته، نقلت وكالة «أكي» الإيطالية عن مصادر في وزارة الخارجية الإيطالية بأن مؤتمراً بشأن ليبيا سيعقد اليوم. وقالت المصادر، التي لم تسمها الوكالة، إن المؤتمر المقرر عقده بخاصية «الفيديو كونفرانس»، يأتي تبعاً لمؤتمر برلين حول ليبيا، مضيفة أن «الملف الليبي لا يزال أولوية بالنسبة إلى روما».
وطالب جوزيب بوريل، المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، جميع الأطراف بـ«التحرك بمسؤولية، ووقف القتال على الفور في جميع أنحاء ليبيا، لأنه يؤثر قبل كل شيء على المدنيين، بما في ذلك المهاجرين، ويعرض الجميع لخطر كبير». مذكّراً جميع الأطراف بضرورة احترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وقال إنه ستتم محاسبة من ينتهكونه.
كما تطرق بوريل إلى قضية حماية المدنيين، وضرورة السماح بوصول المساعدات والخدمات الإنسانية بشكل آمن وسريع لجميع المتضررين. مؤكداً عزم الاتحاد التمسك على تطبيق احترام حظر الأسلحة إلى ليبيا، الذي فرضته الأمم المتحدة، احتراماً كاملاً، وأوضح في هذا السياق أن عملية «إيريني» العسكرية التي وافقت عليها دول الاتحاد الأوروبي في نهاية مارس (آذار) الماضي، «تهدف إلى تنفيذ هذا الحظر». ورغم ذلك، تواجه «إيريني» تهديداً من مالطا، التي علقت مشاركتها في العملية احتجاجاً على سياسة الهجرة الخاصة بالاتحاد الأوروبي، حسبما أكد متحدث باسم الحكومة لوكالة الأنباء الألمانية أمس. وقال بوريل إن الهدنة «يجب أن تمضي جنباً إلى جنب مع الاستئناف الفوري للمحادثات، التي توسطت فيها الأمم المتحدة، مع الاحترام الكامل للاتفاقية السياسية الليبية، لأنه لا يوجد بديل عن حل سياسي شامل يعكس توصيات مؤتمر برلين».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.