عودة إيطالية محررة من الصومال تثير تساؤلات حول دور تركي

أسرة الفتاة الإيطالية المحررة في استقبالها بمطار عسكري في روما (أ.ف.ب)
أسرة الفتاة الإيطالية المحررة في استقبالها بمطار عسكري في روما (أ.ف.ب)
TT

عودة إيطالية محررة من الصومال تثير تساؤلات حول دور تركي

أسرة الفتاة الإيطالية المحررة في استقبالها بمطار عسكري في روما (أ.ف.ب)
أسرة الفتاة الإيطالية المحررة في استقبالها بمطار عسكري في روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ شهرين لم تتصدّر أخبار «كوفيد - 19» الصحف ووسائل الإعلام الإيطالية، بعد العاصفة التي أثارها أمس وصول الفتاة الإيطالية سيلفيا رومانو إلى مدينة ميلانو إثر الإفراج عنها في الصومال، حيث كانت في قبضة تنظيم «الشباب» الإرهابي على مدى 18 شهراً.
وكانت سيلفيا قد اختُطفت في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما كانت متجهة إلى مدرسة أطفال تعتني بها في إحدى القرى الكينية، وذلك على يد مجموعة من المسلحين بإمرة الصومالي أدهم عمر الذي ينتمي إلى تنظيم «الشباب».
وبعد أن نُقلت إلى مخابئ عدة طوال أربعة أسابيع في كينيا، وصلت إلى الصومال، حيث احتجزها التنظيم داخل أحد المنازل في العاصمة، حسبما رجّحت في إفادتها الأولى أمام القضاء الإيطالي بعد ساعات من وصولها.
ولدى نزولها من الطائرة، ظهرت سيلفيا باللباس التقليدي الصومالي، وبعد معانقة أهلها تحدثت إلى وسائل الإعلام لتعلن أنها اعتنقت الإسلام وأصبحت تدعى عائشة. وفيما كان أهلها يعربون عن سعادتهم لعودتها سالمة، والحكومة الإيطالية تعلن عن ارتياحها لنجاح الجهود التي أدّت إلى الإفراج عنها، كانت الأوساط اليمينية تثير عاصفة من الاحتجاجات والانتقادات للطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع القضية والتغطية الإعلامية الواسعة التي رافقتها، خصوصاً أن أحد زعماء التنظيم الإرهابي أدلى بتصريحات عبر الهاتف لصحيفة «لا ريبوبليكا» صباح أمس، قال فيها إن «الفدية التي دفعتها إيطاليا مقابل الإفراج عن سيلفيا ستُستخدم لتمويل أعمالنا الجهادية».
وكانت معلومات قد أفادت بأن المفاوضات للإفراج عن سيلفيا تمّت بالتعاون مع المخابرات التركية الناشطة في الصومال، فيما صرّح زعيم المعارضة اليمينية ماتّيو سالفيني قائلاً: «كان من الأجدر بالحكومة أن تتصرّف بتكتّم لعدم إعطاء مثل هذه التغطية الإعلامية لمجموعة إرهابية تغتال المئات باسم الدين». وطالب الحكومة بالمثول أمام البرلمان وكشف طبيعة الدور الذي قامت به المخابرات التركية والشروط التي حصل عليها الخاطفون.
وفي إفادتها الأولى أمام القضاء، قالت سيلفيا إنها أمضت الشهر الأول من اعتقالها في الصومال في البكاء، وكانت دائماً وحدها في عزلة تامة وإن سجّانيها كانوا يحضرون لها الطعام وما تحتاج إليه وهم ملثّمون، مؤكدة أن اعتناق الدين الإسلامي كان بمحض إرادتها «بعد قراءة متأنية للقرآن باللغة الإيطالية على حاسوب قدّمه الخاطفون». وأضافت أنها كانت تدوّن يومياتها على دفتر أخذه منها الإرهابيّون قبل الإفراج عنها.
وكانت سيلفيا قد سجّلت ثلاثة أشرطة فيديو تؤكد فيها أنها لم تتعرّض لأي عنف أو تعذيب، قبل وصولها نهاية الأسبوع الماضي إلى مقرّ السفارة الإيطالية في العاصمة الصومالية. وفي تصريحاتها أمام القاضي قالت إنها ليست حاملاً ولم تتزوّج أحد الإرهابيين كما أشاعت بعض التقارير.
ويقول الصحافي الإيطالي دومنيكو كيريكو المتخصص في شؤون الإرهاب والذي كان مخطوفاً طوال خمسة أشهر في سوريا على يد تنظيم «داعش» إن «الخاطفين يعرضون دائماً اعتناق الإسلام على المخطوفين الذين يمرّون بحالة نفسيّة ممهدة للإقدام على مثل هذه الخطوة، خاصة عندما يعرفون أن اعتناقهم الإسلام سيتيح لهم معاملة مختلفة».
ولدى عودتها إلى الحي الذي تعيش فيه مع عائلتها في ميلانو استقبلها الأصدقاء والجيران بالترحاب والتصفيق، فيما كانت جهات وتنظيمات يمينية متطرفة تنشر شتائم ضدها وتهديدات بالقتل. كما أن صحفاً يمينية عدّة صدرت صباح أمس بعناوين مثل: «هل حرّرنا مسلمة أو سليفيا الجاحدة؟»، و«لا للحريّة الكاملة... يجب إخضاعها لمراقبة الأجهزة».
وكان إمام مسجد ميلانو قد أعرب بدوره عن الارتياح للإفراج عن الفتاة، ودعا إلى احترام ظروفها الخاصة «بعد أن أمضت 18 شهراً في قبضة منظمة إرهابية على صلة بتنظيم (القاعدة) وتمارس أعمالاً ينبذها الدين الإسلامي القويم... من يدري ما هي الضغوط التي تعرّضت لها؟ وكيف بإمكاننا أن نعتبر اعتناق الإسلام في مثل هذه الظروف عملاً صادقاً؟». كما ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي الإيطالية باحتجاجات ضد «تدخّل تركي مشبوه وسافر»، بعد أن نشرت السلطات التركية صورة للفتاة فور تحريرها وهي تلبس سترة واقية من الرصاص عليها العلم التركي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».