ريم بسيوني: استحضار الجوانب المضيئة من التاريخ يعيننا على تخطي الحاضر

فازت روايتها «أولاد الناس... ثلاثية المماليك» بجائزة نجيب محفوظ

ريم بسيوني
ريم بسيوني
TT

ريم بسيوني: استحضار الجوانب المضيئة من التاريخ يعيننا على تخطي الحاضر

ريم بسيوني
ريم بسيوني

فازت الروائية المصرية ريم بسيوني بجائزة مسابقة نجيب محفوظ لأفضل رواية مصرية صدرت خلال عامي «2019 - 2020»، عن روايتها «أولاد الناس... ثلاثية المماليك»، وهي الجائزة التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، سنوياً لأفضل عملين روائيين مصرياً وعربياً ومقدارها 75 ألف جنيه مصري، وتعود بعد توقف 20 عاماً.
الرواية صدرت عن دار نهضة مصر نهايات عام 2018، في أكثر من 700 صفحة، وتزاوج ما بين السرد التاريخي والطابع الملحمي. وكانت روايتها «بائع الفستق» قد حصلت على جائزة أفضل عمل مترجم عام 2009، كما فازت بجائزة ساويرس للأدب عام 2010 عن رواية «الدكتورة هناء». ومن أعمالها الأخرى: «أشياء رائعة» و«مرشد سياحي». وهي تعمل الآن أستاذة في علم اللغويات بالجامعة الأميركية بالقاهرة.
هنا حوار معها عبر الهاتف حول الجائزة وعالمها الروائي.
> ماذا يعني لك الفوز بهذه الجائزة؟
- كونها جائزة من مصر وباسم نجيب محفوظ تعني لي الكثير وهي الجائزة الأولى التي تحصل عليها الرواية، لم أكن متوقعة فوزها؛ إذ كان تخوفي من كونها تاريخية وطويلة. أتمنى أن تسلط الجائزة المزيد من الضوء على الرواية وتزداد مقروئيتها. نجيب محفوظ يمثل قيمة كبيرة لي. قرأت له في كل مرحلة من مراحل حياتي وأعيد قراءته كل فترة، وفي كل مرة أكتشف في أعماله ما يبهرني، ففيها صدق وغوص في النفس البشرية بعبقرية نادرة.
> تدور أحداث الرواية في القرن الرابع عشر، وعلى مدار 300 عام، لماذا الرجوع للتاريخ والغوص فيه؟
- سؤال الهوية كان الشاغل الرئيسي لي، المصري من هو؟ وفكرتنا عن الهوية هل تغيرت؟ كان شغفي الكشف عن المماليك وانتماءاتهم كيف كان ينظر لهم في ذاك العصر؟ أردت أن يتعرف القراء على «أولاد الناس» وهم الجيل الثاني من المماليك الذين جاءوا لمصر من بلاد مختلفة، لكنهم أبعدوا عن الحياة العسكرية والقتال، عاشوا حياة مرفهة واشتغلوا بالفنون والعمارة. وقد ذابوا في الهوية المصرية وباتوا جزءاً من نسيج الشعب المصري. رأيت أن هذه الحقبة التاريخية ثرية بالأحداث ولا تزال شواهدها قائمة تروي لنا ذلك. بدأت الرواية من عصر المماليك البحرية ثم المماليك البرجية وانتهت عند سقوط دولتهم والغزو العثماني.
> هل تنوين استكمال الكتابة عن المماليك في العصر العثماني ودورهم؟
- قرأت عن تلك الحقبة لكن ليس بالعمق نفسه، حتى الآن لا أدري إذا ما كنت سأكتب عنهم أم لا، لكن ما أعرفه أنهم اختلفوا تماماً عن المماليك السابقين، ولم يكونوا مؤثرين في الحياة السياسية والاجتماعية لأنهم أصبحوا تابعين للعثمانيين، حتى سلوكياتهم وقيمهم تغيرت.
> استعنت بالعديد من أساليب السرد: الراوي العليم، والحوار، والرواية الإطار التي تحتوي الحكايات الثلاث، ثم شهادات، هل فرض الزمن الروائي عليك هذه التركيبة؟
- في كل رواية أكتب بتكنيك مختلف، وفي رواية «أولاد الناس» بدأت الفكرة من زيارة مسجد السلطان حسن وانبهاري بمعماره وجمالياته، ومن خلال البحث عن تاريخه أغرمت بتاريخ المماليك. واستغرقت 3 سنوات من البحث والكتابة. ووجدت الرواية تملي نفسها علي وأنا حقاً أؤمن بالوحي والإلهام. أما التكنيك ففرض نفسه خلال مراحل الكتابة ووجدت أنه من دواعي الموضوعية أن أطرح وجهات النظر المختلفة من المنظور المصري، والمملوكي، والعثماني.
> ماذا عن شخصيات الرواية «زينب وضيفة وهند» بطلات الثلاثية، اللاتي غيرن تصوراتنا عن المرأة في تلك الحقبة؟
- كل شخصية كتبت نفسها وأملت علي سلوكياتها، من جانبي حاولت أن أحافظ على توازن الشخصيات. «ضيفة» كانت شخصية غامضة لم تحيرني لكنها حيرت القراء بسلوكياتها وأفكارها. أما «زينب» فكانت من وحي قراءاتي وبحثي في تاريخ المماليك خاصة عقود الزواج القديمة، كيف كانت المرأة تعامل باحترام برغم وجود جوار في ذلك العصر. بحثت عن عملها وعن شروط زواجها التي كانت تصل لأربع صفحات في عقد الزواج، ترفض فيها تعدد الزوجات أو وجود جوار وأحياناً تطلب عدم المساس بعملها وممتلكاتها، فقد كان للمرأة وضع قوي في العمل السياسي أيضاً.
> قصة حب الأمير محمد وهو الأمير المملوكي القوي الذي يقع في حب زينب المصرية المنتمية للعامة تبدو محيرة، رغم تصويرها أثار الإعجاب... هل هذا الأمير المملوكي شخصية حقيقية أم من وحي خيالك؟
- بالفعل هو شخصية أثارت الإعجاب، وخاصة عند القارئات. لم أتوقع أن تترك مثل هذا الأثر. أسئلة كثيرة توجه لي عن هذه الشخصية، لكن أفضل أن أترك ذلك لتفكير القارئ.
> «في التاريخ يكمن الأمان» بهذه الجملة اختتمت روايتك، هل هي رسالة للقراء بالعودة للتاريخ؟
- العودة للتاريخ مهمة لفهم الحاضر. وهمي هو استحضار الجوانب المضيئة من التاريخ لتعيننا على تخطي الحاضر. أردت أن أسلط الضوء على عصر المماليك الذي كان آخر عصور الازدهار في العمارة الإسلامية. شعرت بأنه علينا أن نفخر حقاً بهذا التراث الغني والفريد وأن نتعرف على الجوانب الإيجابية في تلك الحقبة.
> جعلت مسجد السلطان حسن علامة نصية في الرواية يمسك ويحرك الأحداث، واتجهت لجعله محركاً للنقاشات حول الرواية مع القراء... حدثينا عن هذه التجربة.
- مسجد السلطان حسن أحد أبطال الرواية، وفي الرواية بناه نجل الأمير محمد، وفيه تدور أحداث كثيرة، خاصة أن بانيه ظل مجهولاً لفترة طويلة وهو محمد بن محمد بن بيليك المحسني، وأنا أكتب الرواية كنت أتمنى أن أصحب القارئ للمكان وأروي معه التفاصيل، وكانت تجربة جميلة وملهمة أعجبت القراء ونالت استحسانهم.
> ابن خلدون وابن بطوطة وابن إياس، شخصيات تاريخية وعلماء تم توظيفهم في نسيج الحبكة الروائية، هل قصدت ذلك أم فرضه الجانب التوثيقي التاريخي؟
- تحمل الرواية طابعاً توثيقياً للتاريخ بجانب المتخيل، ابن بطوطة ظهر في الحكاية الأولى حينما زار مصر، وابن خلدون ودوره مع السلطان برقوق وكيف كان ينصحه بالحذر من العثمانيين، والمقريزي وابن إياس يظهران كذلك. حاولت أن أعطي القارئ مفاتيح للبحث في كتابات هؤلاء العلماء والمؤرخين، ربما تكون الرواية دافعاً للقراء للبحث والقراءة عن ذلك العصر. ووجدت رد فعل رائعا من القراء.
> لاحظنا ثراء لغوياً في الرواية، هل هذا راجع لشغفك بالشعر؟
- أستمتع باللغة وهي تخصصي العلمي. أعشق الشعر وأستمتع به، لكن لم أخض تجربة كتابته أبداً.
> كيف كان استقبال النقد لروايتك؟
- الرواية حازت على قراءات نقدية كثيرة ومن أهم النقاد. وهي حالياً تترجم إلى الإنجليزية، وأتمنى أن تحظى بالصدى نفسه.
> هل لك طقوس معينة في الكتابة؟
- أحب أن أكتب صباحاً وفي هدوء وعزلة تامة. وذلك أيضاً يسري على الكتابة الأكاديمية.
> كيف تمضين فترة العزلة الإجبارية في زمن كورونا؟
- حالياً أعمل على رواية تاريخية لكنها تدور في حقبة تاريخية معاصرة. أعطتني العزلة الوقت للمزيد من القراءة والتأمل، هي فترة نختبر فيها بعض الخوف لكن لدينا الأمل بتخطي هذه الفترة الصعبة.



استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

في خطوة لاستعادة التراث الحضاري المصري، عبر تنشيط وإحياء الحرف اليدوية والتقليدية، افتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الدورة السادسة لمعرض «تراثنا»، الخميس، التي تضم نحو ألف مشروع من الحرف اليدوية والتراثية، بالإضافة إلى جناح دولي، تشارك فيه دول السعودية والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والهند وباكستان ولاتفيا.

المعرض الذي يستمر حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضم معروضات من الجمعيات الأهلية، من مختلف محافظات مصر، والمؤسسات الدولية شركاء التنمية، بهدف «إعادة إحياء الحرف اليدوية والصناعات التقليدية والتراثية، بما يُعزز من فرص تطورها؛ لكونها تُبرز التراث الحضاري المصري بشكل معاصر، يلبي أذواق قاعدة كبيرة من الشغوفين بهذا الفن داخل مصر وخارجها، كما تُسهم في تحسين معيشة كثير من الأسر المُنتجة»، وفق تصريحات لرئيس الوزراء المصري على هامش الافتتاح، كما جاء في بيان نشره مجلس الوزراء، الخميس.

رئيس الوزراء المصري يتفقد أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

ووفق تصريحات صحافية للرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باسل رحمي، يقدم المعرض مجموعة من الفنون المصرية المُتفردة، مثل: السجاد والكليم اليدوي، والمنسوجات، والتلّى، ومفروشات أخميم، والإكسسوار الحريمي، والحرف النحاسية والزجاجية، وأعمال التطريز، والخيامية، والصدف، والتابلوهات، والخزف، والجلود، ومنتجات الأخشاب، والخوص، والأثاث، إلى جانب الملابس التراثية، والمكرميات، وأعمال الرسم على الحرير، والبامبو، ومنتجات سيناء، وغيرها.

منتجات متنوعة في أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

وعرض جناح هيئة التراث السعودية، منتجات عددٍ من أمهر الحرفيين المتخصصين في الصناعات اليدوية التقليدية، كما عرض جناح غرفة رأس الخيمة، منتجات محلية تراثية، وكذلك جناح الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الجمهورية التونسية.

وأعلن رحمي عن توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة دول، من بينها الهند، لتبادل الخبرات والتنسيق في المعارض المشتركة؛ بهدف نشر الصناعات اليدوية والعمل على تسويقها داخل مصر وخارجها، مؤكداً على عقد بروتوكول تعاون مع شركة ميناء القاهرة الدولي؛ لتوفير منصات تسويقية تحت العلامة التجارية «تراثنا» داخل صالات مطار القاهرة الدولي، وإتاحة مساحات جاذبة لجمهور المسافرين والزوار لعرض وبيع منتجات الحرفيين المصريين اليدوية والتراثية.

معرض «تراثنا» يضم كثيراً من المنتجات المصنوعة يدوياً (رئاسة مجلس الوزراء)

كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين جهاز تنمية المشروعات، والشركة المسؤولة عن تشغيل المتحف المصري الكبير، وكذلك الشركة المسؤولة عن تنظيم عمليات إنتاج وعرض المنتجات الحرفية داخل متجر الهدايا الرسمي بالمتحف لدعم وتأهيل أصحاب الحرف اليدوية والتراثية وتطوير منتجاتهم، تمهيداً لعرضها بعدد من المتاجر في مناطق سياحية مختلفة داخل وخارج البلاد، في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.