فرنجية يتهم عون وباسيل بـ«الكذب»

الرئاسة اللبنانية اعتبرت موقفه «حافلاً بالإساءات وتزوير الحقائق»

فرنجية يتهم عون وباسيل بـ«الكذب»
TT

فرنجية يتهم عون وباسيل بـ«الكذب»

فرنجية يتهم عون وباسيل بـ«الكذب»

شنّ رئيس «تيار المردة» اللبناني الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، هجوماً على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، على خلفية ملف الكهرباء، وتحقيقات الوقود المغشوش، واتهمهما بـ«الكذب» وتسييس الملف.
ورأى فرنجية، خلال مؤتمر صحافي، أن التحقيقات التي طالت مسؤولاً محسوباً على تياره «سياسية»، معتبراً أن «حرب الانتخابات الرئاسية بدأت عند باسيل». لكنه أضاف: «لست مرشحاً لرئاسة الجمهورية، بل اسمي مطروح من قبل الأطراف، ونحن نؤمن بالدولة».
وفي خضم التحقيقات المستمرة حول قضية الوقود المغشوش، التي شهدت صدور مذكرة توقيف غيابية بحق مدير عام منشآت النفط سركيس حليس، المحسوب على تياره، قال فرنجية إن «هذا الملف سياسي والجهة التي فتحته معروفة وكذلك القضاة. بعدما طرح اسمنا في إطار اتهامنا بالتغطية، نخرج لنؤكد أن حليس بريء ومظلوم، وسيمثل أمام العدالة والقضاء الحقيقي وليس أمام قضاة وعدالة ومخبري باسيل».
وأضاف أن «حليس سيمثل أمام القضاء، والنتيجة ستصدر، لكن من لا يحترم القضاء هو من لا يوقع على التشكيلات القضائية والتعيينات القضائية، وهو من يرفض التشكيلات التي يوقع عليها مجلس القضاء الأعلى... للقضاء الحق في التحقيق بحسابات سركيس حليس وأملاكه ليبني على الشيء مقتضاه».
وسأل فرنجية: «ألا يتحمل الوزراء المتعاقبون أي مسؤولية في هذا الملف؟ فخلال فترة العقد مع الشركة كان 6 من أصل 7 وزراء للطاقة تابعين لـ(التيار الوطني الحر). ولكن يبدو أنه عندما يتعلق الأمر بأي ملف لوزارة الأشغال تصبح المسؤولية على الوزير، وما فوق، أما فيما يخص وزارة الطاقة تصبح المسؤولية من المدير العام وما دون».
وأكد أن «ضميرنا مرتاح إلى أقصى الحدود، وحساباتنا وحسابات أولادنا وأولاد أولادنا وأقربائنا وكل المحيطين بنا مفتوحة، وليتابعها القضاء». وفيما أقرّ بصداقته مع آل رحمة الذين يملكون أيضا شركة «زد آر إنرجي» التي تتولى استيراد الوقود محل التحقيق من شركة «سوناطراك» الجزائرية، قال: «صدرت مذكرة توقيف بحق تيدي رحمة باعتبار أن البواخر مغشوشة. الدولة وقعت عقداً مع الشركة الجزائرية يقضي بأن نأخذ الفيول (الوقود)، وإذا كانت الباخرة مطابقة نستلم، وإذا كانت غير مطابقة لا نستلم، ونعيدها، ونحصل على غيرها على حساب (سوناطراك)».
وسأل: «لماذا اليوم (سوناطراك) أضحت غير شرعية، علماً بأنها شركة للدولة الجزائرية؟ لماذا اكتشفوا اليوم ذلك؟». وتابع أن «الرؤوس الكبيرة ليست سركيس حليس ولا مديرة عام النفط أورور فغالي التي يحاول (التيار الوطني الحر) التضحية بها، كما ضحى بكل الذين ناضلوا معه». ورداً على سؤال حول توقيت فتح ملف الوقود المغشوش، اعتبر فرنجية أن «حرب الرئاسة بدأت عند جبران باسيل».
من جهة أخرى، أكد فرنجية أن البلوكات التي تم الحفر فيها خالية من النفط، كما أن التقارير المقدمة لطبيعة الأرض التي يتوقع أن فيها غازاً هي أيضاً غير صحيحة، كاشفاً أن شركة «توتال» الفرنسية «تدرس خيار دفع البند الجزائي ومغادرة لبنان». وأضاف أن «لبنان ليس بلداً نفطياً ولا أثر للغاز فيه، وقد كذبوا عليكم».
وفي هجومه على «العهد» ورئيس الجمهورية، قال فرنجية إن «وصولهم إلى السلطة كشفهم، والتاريخ لن يرحم وسيحاكم... كذبتم على الناس عام 1989، ودمرتم لبنان والمناطق المسيحية، وكذبتم على الناس عام 2005، والآن تكذبون على الناس. قوتكم كانت ترتكز على الدعم الشعبي، واليوم قوتكم نابعة من السلطة، ولكن حين تذهب السلطة لن تساووا شيئاً. وإذا كان القضاء لن يحاكمكم فالتاريخ سيحاكمكم... دمرتم المجتمع المسيحي، وخربتموه، وهجرتم المسيحيين. الفرق أنهم كانوا يصدقونكم، أما اليوم فلا».
وفي الموضوع الاقتصادي، قال فرنجية إن «(العهد) يكذب فيما يخص صندوق النقد الدولي، فهو غير قادر على الالتزام بالشروط المطروحة، كما أن صندوق النقد لن يساعد إذا لم يلتزم بشروطه».
وردّت رئاسة الجمهورية على كلام فرنجية، معتبرة أنه «حفل بالإساءات وتزوّير الوقائع». وقالت في بيان صادر عن مكتبها الإعلامي، إن «أصدق ما قاله هو وقوفه إلى جانب ناسه، سواء كانوا مرتكبين أو متهمين بتقاضي رشاوى. وبدلاً من أن يفاخر فرنجية بحمايته لمطلوبين من العدالة، كان الأجدر به أن يرفع غطاءه عنهم ويتركهم يمثلون أمام القضاء».
وأضاف البيان: «فيما عدا ذلك، فكلامه الانفعالي لا يمت، في معظمه، إلى الحقيقة بصلة، وفيه تزوير للوقائع، وبالتالي لا يستحق الرد، وإن كان حفل بالإساءات التي تضر بسمعة لبنان ومصلحته واقتصاده ودوره وحضوره في محيطه والعالم، لا سيما ما ذكره عن موضوع التنقيب عن النفط والغاز».
وردّ مسؤولون في «التيار الوطني الحر» على فرنجية، إذ قال وزير الطاقة السابق النائب سيزار أبي خليل، في تغريدة عبر «تويتر»، «نعي قطاع الاستكشاف والإنتاج النفطي على أبواب دورة تراخيص ثانية، أكان عن حقد سياسي أو عن جهل للوقائع، هو مضر للبلد».
وكتب النائب جورج عطالله على «تويتر»، قائلاً: «من يدّعي الغيرة على القضاء، فليتوقف عن تصنيف واتهام القضاة، وليدعهم يقوموا بعملهم، لا أن يُعطي براءات الذمة لمُتّهمين، ولا أن يُخفي مطلوبين... البريء لا يخاف من المثول أمام القضاء».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».