الحكومة السودانية تتعهد «الحسم» لوقف الانفلات الأمني

بعد تجدد اشتباكات قبلية في كسلا

TT

الحكومة السودانية تتعهد «الحسم» لوقف الانفلات الأمني

تعهّدت الحكومة السودانية بالتعامل بحسم مع كل من يسعى لإحداث انفلات يهدد أمن البلاد، وذلك على خلفية نشوب اشتباكات قبلية في عدد من الولايات، خلفت قتلى وجرحى وخسائر كبيرة في الممتلكات.
ووجّه رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، أول من أمس، جميع القوات النظامية، بالتصدي لكل من يريد أن يعبث بأمن المواطن، وقال في بيان إن «الدولة ستطبق القانون بلا تردد أو تهاون، وستتعامل بالحزم والحسم المطلوبين بما يؤمن البلاد والأنفس والأموال».
وجاء هذا بعدما شهدت مدينة كسلا، شرق البلاد، خلال اليومين الماضيين، أحداثاً دامية بين مجموعتين على خلفية مشاجرة بين شخصين، سرعان ما تطورت إلى صدامات استخدمت فيها الأسلحة النارية والبيضاء، وأوقعت 7 قتلى وأكثر من 70 جريحاً من الطرفين. ووصلت أمس إلى كسلا تعزيزات عسكرية من الجيش السوداني بتفويض من القيادة لإعادة الأمن في المنطقة.
وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، أن الأحداث تطورت بشكل متسارع من شجار صغير إلى صراع تمدد إلى الأحياء الشعبية في المدينة، زاد من تأجيجه تأخر الإجراءات الحكومية. وأضافت المصادر أنه على الرغم من تدخل السلطات وعملها على احتواء المشكلة، فإن الأوضاع خرجت عن السيطرة نتيجة محاولات بعض الجهات تغذية الصراع بأبعاد قبلية لتحقيق أهداف سياسية.
وأشارت المصادر إلى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة بفرض هيبة الدولة، إلى جانب المساعي التي يقوم بها عدد من رجال الإدارة الأهلية في المنطقة كفيلة بحل الخلاف الحالي.
كانت مدن سودانية عدة شهدت خلال الأشهر الماضية نزاعات قبلية مسلحة، راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى وخسائر كبيرة في الأموال والممتلكات.
وقال البرهان إن مجلسي السيادة والوزراء وأجهزة الدولة التنفيذية والأمنية، تتابع بقلق شديد الأحداث القبلية المؤسفة التي وقعت في مناطق متفرقة من البلاد، وكانت محصلتها إزهاق أرواح وإتلاف أموال وممتلكات غالية. وأكد البرهان أن البلاد تمر بمرحلة مفصلية تتطلب من الجميع التحلي بروح الوطنية الصادقة، وروح ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة التي جمعت كل أبناء الشعب السوداني على قلب رجل واحد.
وأضاف رئيس مجلس السيادة الانتقالي أن الاحتراب والاصطفاف القبلي والجهوي يعيق مهام الفترة الانتقالية، ويخالف مبادئ الثورة المجيدة وشعاراتها، حاثاً المواطنين على تفويت الفرصة على دعاة الفتنة الذين يسعون إلى هدم قيم المجتمع السوداني السمحة، وإذكاء العنصرية والجهوية. وشدد البرهان على أن جميع أجهزة السلطة الانتقالية ستقف موحدة ضد المتآمرين وأعداء الشعب، ويداً واحدة في وجه أعداء ثورة الشعب.
من جانبه، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، «إن الأحداث التي شهدتها مدينة كسلا، خلال اليومين الماضيين، جاءت امتداداً لأحداث وقعت في مناطق أخرى من البلاد». وأكد حمدوك، في تغريدة على «تويتر»، أن الصراع القبلي الذي يدور في بعض المناطق بالبلاد يتطلب معالجة جذرية، من خلال نهج واضح وكُلي للسلام الشامل، بجانب تسريع اختيار الولاة المدنيين، وإنشاء آليات للمساءلة عن مثل هذا الأحداث. وقال إن البلاد تمر بمرحلة مفصلية تتطلب من الجميع التحلي بالروح الوطنية الصادقة والتكاتف والترابط ونبذ الفرقة والجهوية والقبلية، وإشاعة روح السلام والتسامح والمصالحة والحوار.
كانت السلطة المحلية بولاية كسلا أعلنت أنها احتوت، الخميس الماضي، احتكاكات بين قبيلتين، غير أن الأحداث تجددت يومي الجمعة والسبت، وأسفرت عن مقتل 3 ووقوع عدد من الجرحى وعمليات حرق للمنازل. وشهدت ولاية جنوب دارفور، الأسبوع الماضي، أحداثاً مماثلة بين مجموعتين قبليتين، راح ضحيتها أكثر من 20 قتيلاً وعشرات الجرحى.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.