قتل مسلحين بعد إلقائهما قنبلة يدوية على برج للمراقبة الأمنية في قندهار

سقوط 4 مدنيين وإصابة 17 إثر إطلاق نار على مظاهرة احتجاجية

قتل مسلحين بعد إلقائهما قنبلة يدوية على برج للمراقبة الأمنية في قندهار
TT

قتل مسلحين بعد إلقائهما قنبلة يدوية على برج للمراقبة الأمنية في قندهار

قتل مسلحين بعد إلقائهما قنبلة يدوية على برج للمراقبة الأمنية في قندهار

قتلت قوات الأمن الأفغانية مسلحين ألقيا قنابل يدوية على برج للمراقبة الأمنية في مدينة قندهار، عاصمة الإقليم الذي يحمل الاسم نفسه، طبقاً لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس. وقال الجنرال تادين خان أشاكزاي، قائد شرطة قندهار، إن المسلحين ألقيا قنابل يدوية على برج للمراقبة الأمنية في المنطقة العاشرة بمدينة قندهار. وأضاف أن قوات الأمن ردت على ذلك، ما أسفر عن مقتل المسلحين اللذين ألقيا القنابل اليدوية. ولم تعلق الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة، من بينها «طالبان» على الحادث حتى الآن.
يأتي ذلك فيما يواصل مسلحو «طالبان» استهداف قوات الأمن في أقاليم مختلفة من البلاد. وتستمر الهجمات ضد قوات الأمن رغم الجهود المستمرة لإطلاق محادثات أفغانية - أفغانية تهدف لإنهاء الصراع من خلال المفاوضات. وفي هيرات (أفغانستان)، أطلقت حركة «طالبان» سراح مجموعة أخرى تضم 28 من سجناء القوات الحكومية في إقليم هيرات غرب أفغانستان في وقت متأخر أول من أمس، طبقاً لما ذكره سهيل شاهين، المتحدث باسم المكتب السياسي لـ«طالبان» في الدوحة.
وأضاف شاهين أنه حتى الآن، أطلقت «طالبان» سراح 148 من سجناء القوات الأفغانية، حسبما ذكرته قناة «طلوع نيوز» التلفزيونية الأفغانية.
وقال جاويد فيصل، المتحدث باسم مكتب مجلس الأمن القومي أمس، إن الحكومة الأفغانية أطلقت سراح ألف من سجناء «طالبان»، و«الآن جاء دور (طالبان) للإسراع في إطلاق سراح سجناء قوات الأمن الوطني الأفغانية والكف عن (قتل الأفغان) وبدء مفاوضات مباشرة قريباً. وأضاف فيصل أن الحكومة أطلقت سراح السجناء «لمواجهة مرض كوفيد - 19», والمضي قدماً في السلام وتعهد هؤلاء الذين تم إطلاق سراحهم بالتزام السلم، وذلك في حديثه لـ«طالبان». وتابع: «التأجيل لم يعد مبرراً».
وأوضح مجلس الأمن القومي أن «طالبان» ستطلق سراح 500 آخرين في الأيام المقبلة. إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام أفغانية بأن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 17 آخرون على يد الشرطة التى أطلقت الرصاص لتفريق مظاهرة احتجاجية فى شمال غربي أفغانستان، وذكرت وكالة أنباء «خاما برس» الأفغانية أول من أمس، أن القتلى سقطوا عندما نظم العشرات مظاهرة قريبة من مكتب حاكم إقليم غور في وقت سابق اليوم، احتجاجاً على عدم التوزيع العادل للإعانات الحكومية. وأوضحت الوكالة أن الشرطة فتحت النار بعد أن بدأ المتظاهرون الغاضبون قذف مكتب حاكم الإقليم بالحجارة.
يشار إلى أن أفغانستان، سجلت أول من أمس، 253 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، خلال الـ24 ساعة الماضية، وقال وحيد مجروح نائب وزير الصحة الأفغانى، إن إجمالى عدد المصابين ارتفع إلى 4333 شخصاً فى أنحاء البلاد.
وفى سياق متصل، أوضح مجروح أن حالة وزير الصحة الأفغانى مستقرة ويخضع للعلاج فى الوقت الحالى، وذلك بعد إصابته بفيروس كورونا, حسبما ذكرت وكالة أنباء «خاما برس» الأفغانية. وأعلنت وزارة الصحة الأفغانية، أول من أمس، إصابة الوزير بفيروس كورونا المستجد، وأن حالته مستقرة، وتم عزله فى مقر سكنه.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟