مسودة الدستور الجزائري تثير جدلاً حول الهوية

أكثر من 8 ملايين يعيشون في «منطقة ظل» تحت خط الفقر

TT

مسودة الدستور الجزائري تثير جدلاً حول الهوية

كشفت الحكومة الجزائرية عن إحصاء 8 ملايين ونصف مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، وأكدت إطلاق ألفي مشروع خاص بالإنماء والبنى التحتية واستحداث مناصب شغل لفائدتهم. في غضون ذلك، بدأت أحزاب «قوى البديل الديمقراطي» المعارضة، اجتماعات، لبحث مسودة التعديل الدستوري التي لقيت تأييدا كبيرا من جانب أحزاب موالية للسلطة. وقال وزير الداخلية كمال بلجود، في تصريحات أمس، إن جزائريين مصنفين تحت خط الفقر يعيشون في 15 ألف «منطقة ظل». و«مناطق الظل» مفهوم تحدث عنه الرئيس عبد المجيد تبون لأول مرة بعد وصوله إلى الحكم قبل 5 أشهر، ويرمز إلى أماكن تكاد تكون معدومة من ناحية التنمية، لم تهتم بها السلطات منذ عشرات السنين. وتقع هذه المناطق في أنحاء البلاد الأربع.
وأكد بلجود أن الحكومة خصصت 126 مليار دينار (982 مليون دولار) لتمويل ألفي مشروع لتنمية المناطق الفقيرة جدا، من دون إعطاء تفاصيل عن هذه المشروعات. مشيرا إلى أن الحكومة «تملك رؤية حول هذه المناطق، وعلى المسؤولين المحليين أن يدركوا ما يجري بها»، في إشارة إلى أنهم يتحملون مسؤولية متابعة المشروعات المرتقبة لتحقق هدفها، وهو إخراج «مناطق الظل» من تخلفها. ودعا الوزير إلى «إشراك المواطن في مراقبة المشروعات بمناطق الظل، فالكل عليه احترامه، والجميع مطالب بأن يفعل الرقابة الشعبية»، لكنه لم يوضح كيف يتم ذلك، مع العلم أن البلديات تستعين بتنظيمات محلية في تنفيذ مشروعات التنمية. وتواجه الجزائر شحا حادا في الموارد المالية بسبب انخفاض أسعار النفط، الذي يمثل، إلى جانب الغاز، المصدر الرئيسي للمداخيل بالعملة الصعبة. وقد زادتها الأزمة الصحية التي سببها فيروس «كورونا»، تعقيدا.
إلى ذلك، بدأت أحزاب «قوى البديل الديمقراطي» اجتماعات لصياغة موقف من مسودة تعديل الدستور التي طرحتها الرئاسة للنقاش. ومن حيث المبدأ يرفض التكتل الحزبي المعارض كل مشاريع السلطة. ويتكون هذا التجمع أساسا من ثلاثة أحزاب: «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«حزب العمال» و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية». وتقترح المسوَدة استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، ومشاركة الجيش البلاد في عمليات لحفظ السلام خارج الحدود، وتبديل منصب رئيس الحكومة بوزير أول، مع التأكيد على أن الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، صماء غير قابلة للتعديل. وقد أثار ذلك جدلا كبيرا حول «الهوية» و«معالم الشخصية الجزائرية»، بين العروبيين المتحمسين لأن تكون العربية اللغة الوحيدة المعتمدة في معاملات الدولة، وبين مناضلي الثقافة الأمازيغية المدافعين عن «التمكين لها في الإدارة الحكومية والتعليم».
وانتقد أحمد الدان أمين عام الحزب الإسلامي «حركة البناء الوطني»، صياغة مسودة الدستور من طرف «لجنة خبراء القانون» المكلفة بذلك، باللغتين العربية والفرنسية، دوناً عن الامازيغية. وقال: «لقد بررت اللجنة ذلك بتجنب أخطاء الترجمة»، مبديا عدم اقتناعه بذلك. وقال أيضا «مع أن الأمازيغية لغة رسمية ووطنية في الدستور الحالي، لكن اللجنة أغفلت استعمالها في كتابة مسودة الدستور، ثم رافعت لبقائها رسمية ووطنية. لماذا أيتها اللجنة الموقرة هذا الإقصاء ولصالح من؟ أم أن الأمازيغية في نظرهم غير مؤهلة للدفاع عن نفسها؟ أم أن الرسالة لجهات أخرى؟». وأضاف الدان «لا توجد معركة بين العربية والأمازيغية لأنهما شقيقتان، ولكن يوجد صراع متجدد بين لغة نوفمبر (تشرين الثاني) (الشهر الذي اندلعت فيه ثورة الاستقلال) وباديس (عبد الحميد بن باديس رمز الإصلاح في خمسينات القرن الماضي) وثقافة الفريق الحاكم في عهد الرئيس السابق بوتفليقة، وباريس (التي ترمز إلى هيمنة الثقافة الفرنسية على النخبة الحاكمة)» .
من جهته، ذكر الحزب الإسلامي الكبير «حركة مجتمع السلم» في بيان، أن الوثيقة «لم تفصل في طبيعة النظام السياسي، إذ أبقته هجينا لا يمثل أي شكل من أشكال الأنظمة المعروفة في العالم (الرئاسية أو البرلمانية أو شبه رئاسية)، إذ تحرم الوثيقة الأغلبية من حقها في التسيير، ولا تُلزم تسمية رئيس الحكومة من الأغلبية وهو أمر يناقض كلية معنى الديمقراطية التمثيلية، ويلغي جزءا أساسيا وجوهريا من الإرادة الشعبية المعبر عنها في الانتخابات التشريعية، علاوة على حالة الغموض المتعلقة بمنصب نائب الرئيس من حيث دوره وصلاحياته وطريقة تعيينه».
يشار إلى مسودة تعديل الدستور تنص على أن رئيس الحكومة لا ينبثق عن الأغلبية التي تفوز في الانتخابات، وإنما يختاره الرئيس وينهي مهامه. وأكدت الرئاسة أن التعديلات التي تقترحها «قابلة للتغيير». وعرفت الوثيقة انتقادا شديدا، حسب ردود الفعل التي صدرت منذ الإعلان عنها الخميس الماضي. في المقابل لقيت الوثيقة تأييدا كبيرا من طرف أحزاب موالية للسلطة، هي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» (أغلبية برلمانية)، و«التحالف الوطني الجمهوري».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.