الإعلام الرياضي الفلسطيني... كفاءاتٌ ميدانية وصحافيات استطعن إثبات وجودهن

مجموعة من الصحافيين والصحافيات في تغطية إحدى المباريات
مجموعة من الصحافيين والصحافيات في تغطية إحدى المباريات
TT

الإعلام الرياضي الفلسطيني... كفاءاتٌ ميدانية وصحافيات استطعن إثبات وجودهن

مجموعة من الصحافيين والصحافيات في تغطية إحدى المباريات
مجموعة من الصحافيين والصحافيات في تغطية إحدى المباريات

عبر أثير إذاعة أمواج الرياضية التي تبث من قطاع غزة، يطلّ منذ عدّة سنوات الصحافي الشابّ هشام معمر (21 عاماً) يومياً، في نشراتٍ إخبارية وبرامج متنوعة، تفتح نوافذ مختلفة على الواقع الرياضي المحلي والعربي والعالمي، إلى جانب عمله في التعليق الرياضي على مباريات كرة القدم الذي بدأه منذ أعوام الطفولة، حيث كان يشارك في التعليق على دوريات كرة القدم المختلفة عبر إذاعاتٍ مختلفة.
ويذكر معمر أنّه تولى في سبتمبر (أيلول) لعام 2018، إدارة إذاعة أمواج التي تقع ضمن مؤسسة تضم إلى جانبها محطة أرضية وموقعا إلكترونيا يغطي جميع تفاصيل الرياضة المحلية، وكان بذلك هو أول شاب بسنٍ صغيرة يتولى تلك المهمة التي حصل عليها بعدما عمل بالمؤسسة لأكثر من أربع سنوات، وشارك في التعليق على عدد من المباريات المحلية والعربية، منوهاً إلى أنّه يشعر من خلال احتكاكه المستمر في الإعلام الرياضي المحلي، أنّ الأخير ينحو بشكلٍ متواصل نحو التطور ومواكبة أساليب التغطية والتحليل العالمية.
من جانبه، يرى الصحافي الرياضي إسلام صقر أنّ المؤسسات الإعلامية المحلية بشكلٍ عام، تُولي اهتماماً خاصاً بالرياضة، لا سيما في ظلّ الثورة التقنية والرقمية، التي أدت لتراجع إقبال كثير من الناس على وسائل الإعلام التقليدي؛ لأجل الحصول على الأخبار، والاكتفاء بتوجههم لها في حال احتاجوا للترفيه، وللوصول لما تقدمه من مواد حصرية بقوالب مبدعة، موضحاً أنّ كثيرا من الصحف والإذاعات والفضائيات، تخصص مساحةً معلومة للتغطية الرياضية الاعتيادية، «وفي حال الأحداث الرياضية الكبيرة، فإنّها توسع من إطار تغطيتها».
ولا يخفي صقر ضمن حديثه الأثر الذي تركه أمر إغلاق عدد من المؤسسات الصحافية مؤخراً على واقع الإعلام الرياضي المحلي، فالمحطات الفضائية التي أغلقت بسبب الأزمات المالية التي لحقت بها، كانت تخصص أكثر من فترة وعدّة برامج؛ لمناقشة الشؤون الرياضية واستضافة الرياضيين ونجوم الدوريات المحلية، وينوه إلى أنّ هناك مؤسسات - أغلبها من الإذاعات والمحطات الأرضية - تحاول سد ذلك العجز، من خلال بثها المباشر للمباريات وعقدها للاستديوهات التحليلية.
الصحافي الرياضي أحمد أبو ذياب يوضح أنّ تطور منظومة الإعلام الرياضي المحلي، جاءت كنتيجة لانتظام العمل في الدوريات الرياضية المحلية، إضافة لتأسيس الاتحاد العام للصحافيين الرياضيين الذي يحمل صفة رسمية وله مقاعد في المؤسسات العربية والدولية، ويجمع صحافيي القطاع والضفة والشتات، منبهاً إلى أنّ وجود حوالي 15 موقعاً إلكترونياً رياضياً فلسطينياً متخصصاً في المجال الرياضي ساهم كذلك في التطور.
ويلفت إلى أنّ العقبات التي تقف في وجه تطوير منظومة الإعلام الرياضي متعددة، وأهمها الاحتلال الذي يمنع التواصل بين الضفة والقطاع بخصوص الشؤون الرياضية، ويعيق عقد الدورات وقدوم المدربين، كما أنّه وقف أكثر من مرّة بوجه عقد مباريات، تجمع بين فرق فلسطينية مختلفة.
ويتابع أبو ذياب الذي يعمل في مجال الإعلام الرياضي منذ عام 1998 قائلاً: «هناك مشاكل داخلية أيضاً تقف أمام التقدم، ومنها أمر عدم وجود مخصصات مالية ورواتب لكثير من الصحافيين الرياضيين لا سيما العاملين في قطاع غزة، والبالغ عددهم 160 صحافيا وصحافية تقريباً، ويُضاف للمعيقات كذلك، مسألة عدم تبني الجهات الرسمية، فكرة إرفاق الوفود الإعلامية مع البعثات الرياضية للخارج».
يُشار إلى أنّ مؤسسات التعليم العالي في فلسطين التي يبلغ عددها 50 مؤسسة، لا تضم أيّ قسمٍ يقدم بشكلٍ مُركز تخصص «الصحافة الرياضية» والموجود فقط هو أقسام صحافة وإعلام تقدم تخصصاتٍ عامّة كالإذاعة والتلفزيون والإعلام الرقمي وتكنولوجيا الاتصال وغيرها.
وذاك الأمر يؤثر بشكلٍ كبير على واقع الإعلام الرياضي الفلسطيني بشكلٍ كبير، فمعظم الصحافيين العاملين اليوم، يعتمدون في أداء أشغالهم على ما راكموه من خبراتٍ ومعارف على مدار السنوات الطويلة، والتي يقع أساسها بين مصدرين هما، الميدان والملاعب، ومواقع الإنترنت المتنوعة.
«في التصوير الصحافي الرياضي والكتابة الرياضية، أجد نفسي التي ترّبت منذ الطفولة على عشق كرة القدم والملاعب»، بهذه الكلمات عبّرت الصحافية نيلي المصري (39 عاماً) عن ارتباطها بالصحافة الرياضية الفلسطينية. وتروي أنّ عملها المهنيّ يحتاج لتركيز وقدرات عالية جداً، لتكون قادرة على التقاط الصور الجذّابة وكتابة الكلمات اللافتة التي تشدّ القراء نحو تفاصيل الأخبار الرياضية التي صارت، تحظى من جديد بأهمية في الوسط المحلي الذي يعج بالأحداث والتطورات السياسية والأمنية الساخنة.
على أرض ملاعب قطاع غزة المختلفة، تقف نيلي في معظم المباريات إلى جانب الصحافيين الذين تكون أعدادهم بالعشرات أحياناً، تُمسك كاميرتها بيدٍ وبالأخرى تحمل دفتر الملاحظات الذي تدون فيه أبرز النقاط التي تلزمها لإعداد تقرير صحافي رياضي، وتقول: «لم أشعر أبداً أنّ صحافياً يمتلك قدرة أو شغفا أعلى من ذاك الموجود لديّ، فلكل منا قدراته ومهارته التي تمكنه من أن يرسم لنفسه صورةً مميزة، تصنع له مكانة في عالم الصحافة الرياضية».
وفي كثير من المباريات تلاحظ المصري الدهشة على وجوه الجمهور الذي ينظر لها كثيراً باستغراب وأحياناً يُلقي كلمات على مسامعها فيقول: «امرأة، لِمَ تأتي للملاعب؟»، وتشير إلى أنّ اللاعبين على مختلف أنواع الرياضات التي يمارسونها صاروا يألفون وجودها ويعتبرونه أساسياً في كلّ مباراة، منوهةً إلى أنّها استمدت حبّ الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص من والدها الذي يعتبر من أبرز الرياضيين المؤسسين لبعض النوادي في قطاع غزة.
وتزيد أنّها «بدأت عملها في المجال الصحافي قبل نحو عشرين سنة. وتنقلت في عملها بين عدد من الإذاعات والمواقع والصحف المحلية والعربية»، منوهةً إلى أنّها بعد فترة صارت تظهر على الفضائيات والإذاعات المحلية كمتحدثةٍ في الشأن الرياضي، كما أنّها شاركت في إدارة بعض الأندية المحلية بعد ذلك، منوهاً إلى أنّ عدد الصحافيات اللاتي اخترن التخصص في مجال الرياضة بغزة محدود جداً ولا يتجاوز أصابع اليدين.
وتُرجع المصري السبب في ذلك، إلى طبيعة المجتمع الفلسطيني «الشرقية»، التي ترفض في كثير من الأحيان، دخول المرأة للعمل في مجالاتٍ طغت سمة الذكورية على شكلها على مدار السنوات الطويلة، شارحةً أنّ التغير في تلك الصورة بدا يظهر مؤخراً مع زيادة الاهتمام بكرة القدم العالمية والتطور التقني الذي منح للفتيات مساحات مختلفة للمطالبة بالحقوق وتثبيتها على أرض الواقع.
ومن اللافت الإشارة إلى أنّ عددا من المختصين، رأوا في عدد من تقارير ودراسات تتناول واقع الإعلام الرياضي الفلسطيني، أنّ زيادة الفاعلية التي يتمتع بها ذاك القطاع الحيوي المهم، يمكن أن تتم عبر بناء استراتيجية متكاملة تشمل حديثاً عن كلّ التفاصيل الخاصّة به، كذلك من خلال الإقدام على افتتاح أقسام متخصصة لتدريس الإعلام الرياضي، وعقد الدورات لطلبة وخريجي الصحافة والإعلام، كما أنّه من المهم أن تتيسر للصحافيين الرياضيين فرص المشاركة الخارجية التي تمكنهم من الاطلاع على تجارب مختلفة، إضافة لضرورة تخصيص مساحات أكبر في الوسائل الإعلامية لتناول القضايا الرياضية.



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.