النشاط البشري بين تدمير الطبيعة وحمايتها

البيئة في مجلات الشهر
البيئة في مجلات الشهر
TT

النشاط البشري بين تدمير الطبيعة وحمايتها

البيئة في مجلات الشهر
البيئة في مجلات الشهر

يترك النشاط البشري تأثيراته المباشرة على الطبيعة. وفي الأعداد الجديدة من المجلات العلمية التي صدرت في مطلع شهر مايو (أيار) 2020، نماذج عن تأثيرات تتراوح بين التدمير والحماية. فالحشرات تواجه مخاطر غير مسبوقة بفعل الأنشطة البشرية، ويُسهم البشر في انتشار الأنواع الغازيَة كالببغاوات. ومن جهة أخرى يمكن للنزهات المخططة في الطبيعة أن تعود بالنفع على الطبيعة والإنسان معاً، كما تساعد التقنيات الحديثة كالطائرات المسيّرة في تشجير الغابات.
- «ناشيونال جيوغرافيك»
تصدّرت ظاهرة تناقص الحشرات عالمياً غلاف مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic). وتعدّ الحشرات أكثر المخلوقات الحية تنوعاً على وجه الأرض؛ حيث أمكن للعلماء حتى الآن تسجيل أكثر من مليون نوع، بينما يُقدّر أن هناك أربعة ملايين نوع لم تكتشف بعد. وتلعب الحشرات دوراً مهماً في الطبيعة، فهي تدخل في الهرم الغذائي، وتفكّك المخلفات العضوية، وتلقّح النباتات المزهرة، وتحسّن نوعية التربة، كما تساهم في مكافحة الآفات الزراعية.
وتواجه الحشرات مخاطر بيئية كثيرة، كالمبيدات السامّة وانحسار الموائل وتغيُّر المناخ، مما يجعل معدّل تناقصها أسرع بثماني مرات، مقارنة بتناقص الثدييات والطيور والزواحف.
- «نيو ساينتِست»
وباء «كورونا» كان الموضوع الطاغي على أغلب عناوين الإصدارات الأسبوعية الأخيرة لمجلة «نيو ساينتِست» (New Scientist). ومن هذه العناوين: «البحث عن المريض صفر»، و«كيف سنخرج من الإغلاق الكامل؟»، و«عندما يصيب الفيروس الدول الأفقر يبدأ التحدي العالمي».
وعرضت المجلة في أحد مقالاتها ما وصفته بغزو «الغرباء الخضر»؛ حيث تواجه 35 دولة حول العالم، من الولايات المتحدة غرباً إلى أذربيجان شرقاً، انتشار ببغاوات «الدرّة المطوّقة» بعيداً عن مواطنها الأصلية في المناطق المدارية. ويُعتقد أن آباء الببغاوات انتقلت إلى هذه البلدان في الأَسر، ثم تكيّفت مع الأجواء الباردة بعد تسرّبها إلى الطبيعة من جديد.
- «ساينتفك أميركان»
عرضت مجلة «ساينتفك أميركان» (Scientific American) المشكلات التي تواجهها قبائل «البيغمي» مع خطط التنمية المستدامة التي وضعتها الحكومات المحلية في حوض الكونغو. واستوطن أقزام «البيغمي» حوض الكونغو منذ أكثر من 55 ألف سنة، نجحوا خلالها في تطوير استراتيجيات بيئية وثقافية ساعدتهم على العيش في الغابات.
وكانت مشروعات استغلال الثروات الطبيعية في المناطق المحمية ضمن الحوض لحظت إنشاء شبكة من الطرقات، مما سهّل أنشطة الصيد غير الشرعي. ومع تراجع الحياة البرية، لجأت السلطات إلى توظيف حرّاس بيئيين للحدّ من الصيد، إلا أن بعض الحرّاس أخذوا يضطهدون الأقزام ويدفعونهم إلى الجوع والاكتئاب.
- «ساينس إيلوستريتد»
«ما هي الخيارات المتاحة للحصول على مياه الشرب؟» كان أحد الأسئلة التي حاولت مجلة «ساينس إيلوستريتد» (Science Illustrated) الإجابة عنها. وتتخوف مدن أسترالية ومدن أخرى حول العالم من «اليوم صفر» الذي تعجز فيه السلطات عن توفير مياه الشرب للمواطنين. وفي المقابل، يبحث العلماء عن حلول لهذه الأزمة العالمية، تشمل معالجة وتنقية مياه الصرف الصحي، وجعلها صالحة للاستخدام البشري.
- «هاو إت ووركس»
استكشاف جبال هيمالايا كان أحد موضوعات مجلة «هاو إت ووركس» (How It Works). وتغطي هذه السلسلة مساحة تقارب 600 ألف كيلومتر مربع، وهي تضم أكثر من 50 جبلاً يزيد ارتفاعها عن 7 آلاف متر. ويسكنها نحو 50 مليون شخص، إلى جانب 450 مليوناً آخرين يستوطنون السهول المحيطة بها. وتواجه جبال هيمالايا تغييرات حادة مع ارتفاع حرارة الكوكب نتيجة الاحتباس الحراري، إذ تضاعف ذوبان الأنهار الجليدية خلال السنوات العشرين الماضية، وأخذت الأنواع الحية «تتسلق» الجبال إلى نطاقات استيطان أعلى، مع تناقص الثلوج وانتشار الدفء.
- «بي بي سي ساينس فوكَس»
ناقشت مجلة «بي بي سي ساينس فوكَس» (BBC Science Focus) مسألة الحمية الغذائية الأنسب لحماية كوكب الأرض. ولا تعتمد البصمة الكربونية للغذاء على نوعيته وكيفية إنتاجه فحسب؛ بل ترتبط أيضاً بمسافة النقل بين مكان الإنتاج وموقع الاستهلاك، وما تستلزمه من مواد تغليف وطاقة للحفظ والنقل. كما تتعلق البصمة الكربونية بمقدار الهدر في الطعام؛ حيث يهدر الشخص في المتوسط أغذية تعادل قيمتها 527 وحدة حرارية يومياً، أي نحو ربع حاجته الفعلية.
- «سميثسونيان»
تضمّن العدد الجديد من «سميثسونيان» (Smithsonian) مقالاً مصوراً عن المسارات المخططة للنزهات في الطبيعة، وهو مفهوم وضعه رائد سياحة الطبيعة كلود فرنسوا دونكور عام 1842. وكان دونكور قد صمم مسارات نزهة ضمن غابة «فونتينبلو» القريبة من باريس، والغنية بالغزلان والخنازير البرية والسرخس وأشجار البلوط والزان والصنوبر. ورغم أن هذه المسارات تنطوي على تلاعب بالطبيعة، إذ اشتملت على إقامة البرك والمدرجات والكهوف والمنحدرات، فإنها وفّرت الحماية للطبيعة الأصيلة، وأمّنت مورداً مالياً لأدِلاء المسارات وباعة الأطعمة والتذكارات.
- «كنديان جيوغرافيك»
في مواجهة الحرائق الهائلة التي التهمت الغابات حول العالم مؤخراً، يبدو أن الحاجة لتقنيات ثورية لإعادة التشجير أمر لا مفر منه. وفي عددها الجديد تقترح مجلة «كنديان جيوغرافيك» (Canadian Geographic) زراعة الأشجار باستخدام الطائرات المسيّرة (Drones). وتعمل شركة ناشئة مقرها في تورونتو على جمع رأس المال اللازم لتنفيذ مشروع طموح، يعتمد على الطائرات المسيّرة التي تطلق من الجو خراطيش بذور مصممة لإنبات ما بين 10 إلى 20 ألف شجرة يومياً، أي أكثر بنحو 10 مرات من أساليب الزراعة اليدوية.


مقالات ذات صلة

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات البيئية.

آيات نور (الرياض) عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية د. أسامة فقيها مع عدد من المتحدثين (الشرق الأوسط) play-circle 01:04

فقيها لـ«الشرق الأوسط»: مساعٍ سعودية لزيادة التزامات الدول بمكافحة تدهور الأراضي

أكد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية الدكتور أسامة فقيها لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تسعى ليكون مؤتمر «كوب 16» نقطة تحول تاريخية بمسيرة «الاتفاقية».

زينب علي (الرياض)

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

TT

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي)
الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي)

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، في منطقة «COP16» بالرياض.

وفي الإطار، وقّع، الخميس، المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، مذكّرة تفاهم مع مركز البحوث الزراعية والغابات الدولية (CIFOR-ICRAF)، للتعاون بهدف استغلال الزراعة الحراجية لإدارة الأراضي المستدامة.

اهتمام مجتمعي كشفه مستوى الحضور إلى المعرض. (تصوير: تركي العقيلي)

وخلال جولة «الشرق الأوسط» في المعرض، كشفت أميرة العبدلي، مديرة الغابات الاجتماعية في المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، أن الزراعة الحراجية تستهدف «الغابات المنتجة للغذاء» أو أراضي الغطاء النباتي المنتجة التي تسمى أيضاً «الغابات المدمجة».

 

الزراعة الحراجيّة

وأكدت العبدلي أن هذه الشراكة تأتي لتحقيق مستهدفات المركز في خطة يجري بناؤها الآن للزراعة الحراجية إلى عام 2030، وأضافت: «نستهدف خلالها تحويل 50 إلى 60 في المائة من مناطق السعودية إلى غابات منتجة».

ونوّهت العبدلي إلى أن «الزراعة الحراجية» تُعد محوراً رئيسياً ضمن مبادرة السعودية الخضراء.

المعرض استقطب حضور دولي للإطلاع على كافة الأجنحة والأركان. (تصوير : تركي العقيلي)

وفي إطار متّصل، كشفت العبدلي لـ«الشرق الأوسط» عن البدء في حصر الأشجار المعمِّرة في السعودية وشرحت: «استندنا في رحلتنا لحصر الأشجار المعمِّرة إلى المعرفة لدى المجتمعات المحلية بالأشجار الموجودة في المنطقة»، وحول عدد الأشجار التي حُصرت، أفادت العبدلي بأنه «خلال المرحلة الأولى استطعنا حصر 383 موقعاً لأشجار معمِّرة في مناطق عسير وجازان والباحة، ووضعنا لها لوحات تعريفية بالإضافة لعمل حماية لها، وأنهينا المرحلة الأولى بإنجاز بنسبة 100 في المائة».

شجرة معمِّرة تفاعلية على هامش المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (الشرق الأوسط)

وعن المرحلة الثانية من الحصر، أشارت العبدلي إلى أنها ستركِّز على إدارة الغابات، و«نستهدف أن تكون لدينا قاعدة بيانات رقمية بحيث يمكن معرفة موقع ومعلومات الشجرة عن طريق الإنترنت».

 

جازان وعسير والباحة في المرحلة الأولى لحصر الأشجار المعمِّرة

وبالسؤال عن أين توجد أغلب الأشجار المعمِّرة في السعودية، أفادت العبدلي بأن أغلب الأشجار المعمِّرة «موجودة في المنطقة الجنوبية في الغابات الجبلية، حيث رصدنا في جازان 208 أشجار معمَّرة، وفي عسير 80 شجرة معمِّرة، وفي الباحة 60 شجرة معمِّرة، وهذه الأرقام في طور الزيادة».

وسلّطت العبدلي الضوء على المساهمة البيئية لهذه الأشجار، معتبرةً أنه في ظل الحديث عن الكربون وكيفية تخزينه «فكلما كبُر عمر الشجرة كان تخزينها للكربون أكبر، إلى جانب أنها تعدّ نظاماً بيئياً متكاملاً يحمي الكائنات الحيّة ويحمي التربة من الانجراف ويسهم في الحماية من التغيّرات المناخية».

 

مشاركة المجتمعات المحلّية

ويربط بين الأشجار المعمِّرة والغابات المنتجة للغذاء مشاركة المجتمعات المحلّية، وكان المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، قد وجّه دعوة لأفراد المجتمع المحلي للمشاركة في تحديد مواقع الأشجار المعمرة والنادرة؛ لإدراجها ضمن قاعدة بيانات مخصصة، وتأهيلها وفق معايير علمية عالية.

ولفت المركز إلى أن ذلك يأتي انطلاقاً من المسؤولية المشتركة نحو حماية ورعاية الغطاء النباتي، والحفاظ على الثروات الطبيعية للبلاد.

شجرة معمِّرة تفاعلية على هامش المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (الشرق الأوسط)

 

«بُعد أخضر»

وعلى الهامش تستمر حملة «بُعد أخضر» للتعريف بأهداف وتطلعات النسخة الثانية من المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير، وأكد المسؤولون عن الحملة أنها جاءت في ظل اهتمام كبير تحظى به النسخة الحالية من المعرض والمنتدى، إذ تُقام بالتزامن مع انعقاد مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «COP16»، الذي يُعقد للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، وتسعى إلى إبراز جهود السعودية في حماية البيئة ومكافحة التصحر والجفاف على المستوى العالمي، فضلاً عن تعزيز الاهتمام المتزايد بالغطاء النباتي، الذي يعدّ من الركائز الأساسية للاستراتيجية الوطنية للبيئة، إلى جانب دعوة المهتمين إلى زيارة مقر الفعالية التي تحتضنها المنطقة الخضراء في «COP16» في العاصمة السعودية الرياض.