إسقاط التهم عن فلين يثير زوبعة سياسية في أميركا

ترمب يدافع عن بايدن في قضية التحرش الجنسي

فلين في ديسمبر ٢٠١٨ عندما حكم عليه بالسجن واتهامه بالكذب في شهادته خلال استجوابه من قبل إف بي آي (أ.ف.ب)
فلين في ديسمبر ٢٠١٨ عندما حكم عليه بالسجن واتهامه بالكذب في شهادته خلال استجوابه من قبل إف بي آي (أ.ف.ب)
TT

إسقاط التهم عن فلين يثير زوبعة سياسية في أميركا

فلين في ديسمبر ٢٠١٨ عندما حكم عليه بالسجن واتهامه بالكذب في شهادته خلال استجوابه من قبل إف بي آي (أ.ف.ب)
فلين في ديسمبر ٢٠١٨ عندما حكم عليه بالسجن واتهامه بالكذب في شهادته خلال استجوابه من قبل إف بي آي (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة العدل الأميركية أنها ستسعى لإسقاط التهم بحق مستشار الأمن القومي السابق مايك فلين بعد أكثر من عامين على بدء محاكمته واعترافه بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي أي). وقالت الوزارة في بيان «إن الحكومة استنتجت أن المقابلة التي أجراها عناصر إف بي أي مع فلين لم تكن مبررة». والمقابلة المقصودة هنا هي تلك التي نفى خلالها فلين لمحققي المكتب أنه تحدث مع السفير الروسي لواشنطن حول احتمال رفع العقوبات عن روسيا قبل أسابيع من تنصيب ترمب. وتبين لاحقاً أنه كذب على المحققين.
وقد أبصرت هذه الاتهامات النور خلال تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية في العام ٢٠١٦.
النقطة المثيرة للاهتمام هنا هي أن وزارة العدل لم تنف أن فلين كذب على المحققين، فهو سبق وأن اعترف بالكذب عليهم، لكن الحجة التي اعتمدت عليها لسحب التهم هي أن مكتب التحقيقات أجرى المقابلة مع فلين من دون أي مبرر قانوني، ما يعني أن أي تصريحات له خلال هذه المقابلة لا يمكن استعمالها في محاكمته. وهذا ما فسّره وزير العدل المعين من قبل ترمب، ويليام بار: «في بعض الأحيان يعترف الأشخاص بتهم لا تشكّل جرائم. لا يمكن إثبات ارتكاب جرم في هذه القضية. فمكتب التحقيقات الفيدرالي لم يكن لديه إثباتات كافية للمضي قدماً بإجراء تحقيق استخباراتي بحق فلين في تلك المرحلة». تصريح أثار ثائرة الديمقراطيين، الذين اتهموا وزير العدل بتسييس وزارته والسعي لإسقاط كل القضايا التي طرحت أمام القضاء جراء تحقيق مولر. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي: «إن تسييس وزير العدل بار للعدالة لا يعرف حدوداً. هو تجاهل توصيات المحقق الخاص وهذه سابقة تدل على عدم احترام دولة القانون». وقد ردّ بار على هذه الاتهامات في مقابلة مع شبكة (سي بي إس) قائلاً: «لا أنا لا أنفذ أوامر ترمب، أنا أنفذ أوامر القانون، وأنا مستعد لمواجهة لانتقادات بحقي. لكني أعتقد أنه من المحزن رؤية بعض الأشخاص الذين أدت مشاعرهم الحزبية إلى تشويش رؤيتهم للعدالة».
وبطبيعة الحال، رحّب ترمب بقرار وزارة العدل أشد ترحيب، فهو سبق وأن أعلن عن نيته النظر في إصدار عفو عن فلين في حال سجنه. كما غرّد قائلاً: «يوم الخميس كان يوماً رائعاً للعدالة في الولايات المتحدة. تهاني للجنرال فلين وللكثيرين. أعتقد أن هناك معلومات أكثر ستتضح! إن عناصر الأمن الفاسدين والسياسيين المزيفين لا يمكنهم التعاون سوية!» رسالة واضحة هدفها إهانة عناصر إف بي أي وبعض المسؤولين في وزارة العدل الذين اهتموا بالتحقيق في الملف الروسي.
وسيواجه بار سخط الديمقراطيين الذين توعدوا باستدعائه لتقديم إفادته في هذا الملف. وقال رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جارولد نادلر بأنه سيستدعي بار للحديث عن قراره المثير للغضب على حد تعبير نادلر الذي أدى دوراً بارزاً في محاكمة ترمب.
يأتي قرار وزارة العدل بعد إصدارها لعدد من الوثائق المرتبطة بتحقيق (إف بي أي) والتي يظهر فيها تبادلاً لرسائل إلكترونية تظهر أن المكتب سعى إلى الإيقاع بفلين ودفعه إلى الكذب على المحققين في مقابلته. وتقول إحدى الرسائل: «ما هو هدفنا؟ هل هو الضغط عليه (فلين) لقول الحقيقة أم دفعه باتجاه الكذب؟ هل هدفنا محاكمته أم طرده؟» وقد انتقدت الوزارة سعي المسؤولين في إف بي أي، تحديداً المدير السباق جايمس كومي إلى الإيقاع بترمب. لكن كومي الذي جمعته علاقة مضطربة بالرئيس الأميركي لم يجلس ساكناً، فغرّد بعد قرار الوزارة قائلاً: «وزارة العدل فقدت مسارها. لكني أقول للموظفين هناك: ابقوا في مناصبكم لأن الولايات المتحدة بحاجة لكم. البلاد بأشد الحاجة لقيادة صريحة وكفؤة». وذلك في إشارة إلى انسحاب المدعي العام في قضية فلين هو أيضاً من المحاكمة احتجاجاً على سيرها.
تأتي قضية فلين لتلقي الضوء على موسم انتخابي مضطرب ومليء بالمفاجآت، آخرها المقابلة التي أجراها ترمب مع شبكة فوكس نيوز للحديث عن فلين. مقابلة دافع ترمب خلالها وفي مفاجأة للكثيرين عن منافسه بايدن في قضية التحرش الجنسي. وقال ترمب: «هذه معركة يجب أن يخوضها بايدن، لقد واجهت أنا شخصياً الكثير من الاتهامات الكاذبة. ربما ما يواجهه هو أيضاً اتهام كاذب. أنا آمل ذلك لمصلحته».
كلمات قد تكون دفاعية في الظاهر، لكنها تحمل في خفاياها هجوماً مبطناً على بايدن الذي بنى حملته الانتخابية على الفروقات التي تميزه عن ترمب. وأراد ترمب من خلال دفاعه هذا تصوير القضية على أنها تشكلّ قاسما مشتركاً بينه وبين بايدن.
وتتفاقم قضية التحرش التي قدمتها تارا ريد الموظفة السابقة في مكتب بايدن بشكل يومي. فقد دعت ريد بايدن إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، وقالت ريد في مقابلة تلفزيونية هي الأولى لها منذ نفي نائب الرئيس الأميركي السابق علنياً للاتهامات: «أتمنى لو ينسحب من السباق. لكنه لن يفعل. أريد أن أقول له: أنا وأنت كنا هناك يا جو بايدن، اعترف بما جرى وتحمل المسؤولية، لا يجب أن تكون مرشحاً للرئاسة الأميركية وأنت تروج لشخصيتك على أنها صادقة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».