القضاء اللبناني يوسّع الملاحقات في ملف الوقود المغشوش

TT

القضاء اللبناني يوسّع الملاحقات في ملف الوقود المغشوش

تحوّلت فضيحة الوقود المغشوش إلى كرة ثلج متدحرجة، بعد كشف المزيد من المعطيات عن تورّط موظفين في وزارة الطاقة اللبنانية، بصفقات استيراد الفيول غير المطابق للمواصفات لصالح مؤسسة الكهرباء، والذي كبّد خزينة الدولة خسائر تقارب 400 مليون دولار سنوياً، واستمع قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور أمس، إلى وزيري الطاقة السابقين ندى بستاني ومحمد فنيش، ومدير عام مؤسسة الكهرباء المهندس كمال الحايك كشهود، على أن تمثل أمامه اليوم المديرة العامة لوزارة النفط أورور الفغالي بعد تبليغها رسمياً موعد جلسة اليوم، فيما تقرر تبليغ مدير المنشآت النفطية سركيس حليس لصقا، بسبب تواريه عن الأنظار.
وينتظر أن تتوسّع دائرة الملاحقات لتطال عدداً كبيراً من موظفي وزارة الطاقة والمنشآت النفطية ومسؤولين وموظفين لدى شركة «سوناطراك» التي تستورد الفيول لصالح لبنان، ومديرين وموظفي شركة «زد آر إنيرجي» وفي المختبرات التي تتولى فحص عينات الفيول المستورد. وتحدثت مصادر مواكبة للتحقيق عن «معطيات مذهلة في هذا الملف تبيّن حجم السمسرة والصفقات التي تحصل على حساب خزينة الدولة». وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «المسؤولية مشتركة بين شركة (سوناطراك) الجزائرية التي وقعت العقد مع وزارة الطاقة لتزويد لبنان بالفيول»، مشيرة إلى أن «سوناطراك كانت مجرّد واجهة لشركة زد آر إنيرجي اللبنانية التي كانت تشتري الفيول باسم (سوناطراك) من الأسواق العالمية وتبيعه للدولة». وأوضحت أن «كل الصفقات ونوعية المواد المغشوشة، كانت تحصل بعلم وموافقة طارق الفوّال ممثل الشركة الجزائرية».
وكانت الدولة اللبنانية ممثلة بوزير الطاقة (الأسبق) محمد فنيش، وقعت عقداً مع شركة «سوناطراك» الجزائرية في العام 2005، لتزويد معامل إنتاج الكهرباء في لبنان بالفيول، بالتزامن مع عقد مماثل وقع في نفس الوقت مع شركة الكويت للبترول، إلّا أن النسبة الأكبر من الفيول كانت تستورد عبر شركة «سوناطراك» من أجل تمرير الفيول المغشوش، وبرأي المصادر المواكبة للتحقيق فإن «ممثل شركة سوناطراك طارق الفوّال الذي جرى توقيفه بعد استجوابه الثلاثاء، متهم برشوة مدير عام منشآت النفط والموظفين فيها، ليتغاضوا عن الفحوصات المزورة، كما كان يغري العاملين في مختبرات فحص العينات بالأموال لإصدار نتائج مزورة تفيد بأن الفيول مطابق للمواصفات بخلاف الحقيقة، وأن عملية الرشوة استمرت لموظفين حتى بعد إحالتهم على التقاعد من أجل السكوت عمّا يحصل».
وكشفت المصادر أن «المكافآت والهدايا كانت تقدم بشكل شهري أو عند وصول كل شحنة بدءاً من الموظفين الصغار في المنشآت، وصولاً إلى المديرين، وبمبالغ تتراوح بين 5 و100 ألف دولار للشخص الواحد، مقابل أرباح طائلة تحققها شركتا «سوناطراك» وزد آر إنيرجي تقارب الـ 30 في المائة من ثمن الشحنة الواحدة التي تقدر قيمتها بحوالي 17 مليون دولار أميركي».
وأعلنت وزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني أنها قدمت كل المستندات اللازمة للتحقيق، وأوضحت أن «المرة الأولى التي يجري الكشف فيها عن الفيول المغشوش، كانت في شهر آذار (مارس) الماضي».
من جهته، لفت فنيش بعد استجوابه، أنه فسّر لقاضي التحقيق أسباب توقيعه للعقد مع الشركة الجزائرية، وكان الهدف إمداد معامل الكهرباء بالمشتقات النفطية. وقال: «المشكلة ليست في العقد بل تقع على الشركة (سوناطراك) التي أخلّت بشروط العقد لاحقاً وبالفيول المغشوش، ويجب ملاحقة من خالف شروط العقد».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.