رحيل الشيخ الطبلاوي آخر عنقود «العصر الذهبي» للقراء المصريين

عن عمر ناهز 86 عاماً

الشيخ محمد محمود الطبلاوي
الشيخ محمد محمود الطبلاوي
TT

رحيل الشيخ الطبلاوي آخر عنقود «العصر الذهبي» للقراء المصريين

الشيخ محمد محمود الطبلاوي
الشيخ محمد محمود الطبلاوي

ودَّعت مصر أمس الشيخ محمد محمود الطبلاوي، صاحب الحنجرة الاستثنائية، والصوت الرخيم، وآخر عنقود «العصر الذهبي» للقراء المصريين الذين تركوا بصمة مميزة، وأثروا المكتبة الدينية بالعالم العربي والإسلامي بتلاوات نادرة.
ونعت إذاعة القرآن الكريم المصرية، نقيب قراء مصر الشيخ محمد محمود الطبلاوي، الذي وافته المنية مساء أول من أمس، عن عمر ناهز 86 عاماً، بسرد رحلته المهنية في عالم القراءة، وبثت تلاوة قصيرة له، وأعلنت عن إذاعة تلاوات له في توقيتات مختلفة، أبرزها «قرآن المغرب» و«تلاوة الصباح» تكريماً له.
الشيخ محمود الطبلاوي، المولود في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1934، أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً في «الكُتَّاب» في التاسعة من عمره، وبدأ في ترتيله وتجويده وعمره 11 عاماً، وكان أول أجر حصل عليه 5 قروش من عمدة قريته، وفق ما قاله القارئ الراحل في أحاديث تلفزيونية سابقة له.
وتقدم الشيخ محمد محمود الطبلاوي للإذاعة أكثر من 9 مرات قبل اعتماده مقرئاً فيها، وكان سبب الرفض من وجهة نظر اللجنة أنه لم ينتقل من نغمة إلى أخرى، وكذلك لا بد من وجود طبقات موسيقية في صوته، فكانوا يقولون: «لا... يُعطَى مهلة قدرها سنة»، حتى جاءت المرة العاشرة التي أشادت فيها اللجنة بأسلوب قراءته.
وسافر الشيخ محمد محمود الطبلاوي إلى عدد كبير من دول العالم، قارئاً ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، ومحكماً لكثير من المسابقات الدولية لحفظة القرآن من كل دول العالم. وحصل على وسام من لبنان في الاحتفال بليلة القدر، تقديراً لجهوده في خدمة القرآن الكريم.
وقرأ الطبلاوي القرآن مباشرة أمام جمهور المستمعين في اليونان لأول مرة، ثم كرر الأمر ذاته بالعاصمة الإيطالية روما، وتلقى دعوة لإحياء مأتم الملكة زين الشرف، والدة الملك حسين، ملك الأردن، في قصر رغدان، لمدة سبعة أيام.
وترك الطبلاوي ثروة إذاعية مهمة؛ حيث سجل القرآن الكريم بصوته مرتين، مجوداً ومرتلاً، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التسجيلات التي سجلها في نصف القرن الماضي، وخصوصاً في فترة السبعينات، وذلك في المساجد الكبرى بمصر وبعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وهي تلاوات نادرة وحفلات خارجية.
وعبر استفتاء على نجاح الإذاعات الخارجية الدينية في سبعينات القرن الماضي، حصل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد على المركز الأول كقارئ إذاعي من الرعيل الأول، بينما حصل الشيخ الطبلاوي على المركز الأول في فئة القراء الجدد، وهو ما اعتبره الطبلاوي مصدر فخر، لمقارنة الناس بينه وبين الشيخ عبد الباسط: «الأسطورة التي لن تتكرر»، بحسب وصف الطبلاوي الذي قاله عنه: «كانت علاقتي به طيبة، فكنت أُدعَى معه في سهرات كثيرة فأجد منه الترحيب والتكريم. وكان يفضلني على نفسه فيقدمني لأقرأ قبله. ولو بدأ هو بالقراءة كان ينتهي من التلاوة بسرعة حتى أتمكن من أخذ فرصتي فيها، فهو كان يثق بنفسه ويعلم مكانته في قلوب الناس».
وشغل الطبلاوي منصب شيخ عموم المقارئ المصرية، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضو لجنة القرآن بوزارة الأوقاف، ومستشار ديني فيها، ونقيب القراء المصريين.
ورغم تنبيه نقابة القراء أمس على قصر تشييع جنازة الطبلاوي على عائلته وبعض ممثلي النقابة، خوفاً من عدوى «كورونا»، فإن العشرات حرصوا على تشييعه إلى مقابر البساتين بالقاهرة. وأكدت النقابة في بيان لها «عدم إقامة سرادق عزاء له، تنفيذاً لتوجيهات الحكومة المصرية الاحترازية الحالية»، ليرحل نقيب قراء مصر وأحد أصواتها الذهبية في صمت، بعدما كان أحد أبرز القراء من أصحاب الصولات والجولات بكل أنحاء البلاد.
ودعا الشيخ محمود التهامي نقيب المنشدين، قراء جمهورية مصر العربية، إلى تلاوة آيات من القرآن الكريم على صفحاتهم الشخصية، تكريماً للقارئ الراحل.
وقال التهامي في فيديو بثه على صفحته الشخصية بـ«فيسبوك»، أمس: «يعز علينا أن تكون صلاة الجنازة على الشيخ الطبلاوي في الشارع، لغلق المساجد للدواعي الاحترازية التي تمر بها البلاد، ولن يكون هناك سماح بإقامة واجب العزاء في سرادق أو أي دار مناسبات، لذلك أرجو من جميع مشايخنا وإخواني القراء أن يقوموا بتلاوة القرآن اليوم وغداً علي صفحاتهم الخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي، من بعد صلاة العشاء، والدعاء، ومشاركتنا جميعاً لعمل عزاء يليق بقيمة وقامة نقيب القراء، الشيخ الطبلاوي».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».