بعد تعرضه لانتقادات لاذعة، دافع الرئيس الإيراني حسن روحاني عن قرار تغيير العملة من الريال إلى التومان، عبر حذف الأصفار.
وقال روحاني في الاجتماع الوزاري إن حذف الأصفار «لن يؤثر على التضخم»، مضيفاً أنه يهدف إلى «تسهيل الحسابات، وتجميل العملة الوطنية»، وتابع: «أزلنا الأصفار لتسهيل النطق».
ووافق البرلمان الإيراني، الاثنين، على حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية، وتغيرت العملة من الريال إلى التومان حسب الخطة. لكن القرار أثار انتقادات واسعة في البلاد، وقال المنتقدون إنها «خطوة ناقصة ومكلفة وتسبب الاختلالات البنكية وإرباك العامة».
وفق القرار، ستعادل عشرة آلاف ريال الحالية (التومان الجديد)، وبعد حذف الأصفار سيعادل «التومان» 100 ريال، وستحمل العملة تسمية «قران» في المسكوكات.
ويواجه المشروع انتقادات. وقالت صحيفة «شرق» المقربة من معسكر الإصلاحيين في عددها الصادر الثلاثاء إن «عادة في الدول بعض الدول التي تقوم بمثل هذه الإصلاحات، تقدم على الخطوة عندما تكون السوق مستقرة، وتواصل الأجزاء الأخرى من الاقتصاد، عملها بهدوء، لكن في إيران هذا الحادث أخذ طابعاً رسمياً في وقت، يفوق التضخم 40 في المائة. وتواجه التجارة الخارجية ظروفه صعبة، وأدت الأزمات اقتصادية إلى ارتفاع أسعار السلع الاستثمارية».
انطلاقاً من هذا، يقول بعض الخبراء إن حذف الأصفار لن يحقق أي نجاح دون احتواء التضخم والقيام بإصلاحات بنيوية في اقتصاد البلد.
وفي حال وافق مجلس صيانة الدستور، الهيئة الرقابية على قرارات البرلمان، على القرار، فستمر العملة الإيرانية بـ«مرحلة انتقالية» تدريجية لانتقال العملة من الريال إلى التومان وقران للمسكوكات.
وقال رئيس «البنك المركزي» عبد الناصر همتي إن تنفيذ المشروع يستغرق من عامين إلى خمسة أعوام. وأضاف في دفاعه عن الخطوة إن إيران «مضطرة على الإصلاحات لحفظ ظاهر العملة الوطنية».
ومن بين الدلائل التي تشير إليها الجهات المعنية، «التضخم الدائم» و«تراجع القدرة الشرائية في ظل الريال».
وأعلنت الحكومة الإيرانية أن تنفيذ الخطة يهدف إلى رفع مشكلات مع «حجم السيولة النقدية، استخدام أرقام كبيرة في التعاملات اليومية، خروج المسكوكات من العملية الاقتصادية، فقدان القيمة الظاهرية للعملة الوطنية مقارنة بالدول الأخرى، واستهلاك الأوراق النقدية».
لكن مركز أبحاث البرلمان يعتقد أن حذف الأصفار «لن يؤثر على المتغيرات الجذرية الاقتصادية».
ويعتقد النواب المعارضون للخطة أن «حذف الأصفار من العملة الوطنية لن يكون مؤثراً على معيشة الناس»، وأن «حذف الأصفار سيكلف البلاد نفقات جديدة».
وفي تصريح تناقلته مواقع إيرانية، وصف النائب نادر قاضي بور الثلاثاء حذف الأصفار الأربعة من العملة الوطنية بـ«المسرحية»، وقال: «التلاعب بالأصفار لن يعيد القيمة للعملة الوطنية». وعدّ حذف الأصفار «تمرير الحكومة للأثرياء» وقال: «التلاعب بالأعداد لن يحل مشكلة التضخم».
الانتقادات لخطوة الحكومة بدأت تأخذ مساراً جديّاً منذ الصيف الماضي، لكنها لم توقف المشروع. وقالت وسائل إعلام مقربة من معسكر المحافظين مثل موقع «مشرق نيوز» التابع لجهاز استخبارات «الحرس الثوري»، إن «حكومة روحاني بتغيير العملة، تريد إرباك الرأي العام وسط مشكلات اقتصادية صعبة».
واستعان الموقع بآراء خمسين خبيراً اقتصادياً وتجار متنفذين مثل رئيس الغرفة التجارية الإيرانية، سابقاً، أسد الله عسكر أولادي، الذي توفي في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال عسكر أولادي قبل وفاته بأسابيع، إن المشروع «ستكون له تبعات سلبية نظراً للأوضاع الاقتصادية». ويضيف: «إذا كانت الغاية احتواء التضخُّم وغلاء الأسعار، يجب علينا الإدراك أن بهذه الخطوة لن نتمكن من مواجهة غلاء الأسعار. وفي على خلاف ذلك، سنكرس غلاء الأسعار».
وكتب الموقع «بولتون نيوز» عن تأثير حذف الأصفار الأربعة، حينذاك، أنه «في ظل ظروف تُقاس قيمة السلع بينهما دون العملة، لن يترك تغيير العملة وإضافة أصفار أي تأثير يُذكر على الاقتصاد والحركة المالية... في الوقت ذاته لن تتغير المؤشرات المرتبطة بالأسعار، مثل معدل التضخم».
في المقابل، يشير المسؤولون الحكوميون إلى مزايا عديدة، عن زيادة قيمة العملة الوطنية، وخفض السيولة النقدية، وتسهيل المعاملات اليومية، ورفع الصعوبات الحسابية الحالية، وعودة المسكوكات إلى الحركة المالية الاقتصادية مرة أخرى، واستخدام تسمية العملة، وخفض نفقات الأوراق النقدية، وخفض نفقات استخدام أجهزة الدفع الآلية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة بدلاً من خفض عدد الأصفار وتقديم إحصائيات غير واقعية، يجب أن تعمل على احتواء وباء «كورونا»، وإعادة الهدوء للمجتمع.
ويعتقد الخبير الاقتصادي ورئيس «مركز التجارة العالمي» في إيران محمد رضا سبزعليبور، بمقال نشره موقع «تابناك» إن «حذف الأصفار الأربعة لن يحلّ مشكلة الاقتصاد الإيراني، وهي محاولة لقلب الواقع».
وعن تأثير العقوبات على تخفيف معاناة الاقتصاد، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة أصفهان كميل طيبي لوكالة «إيسنا» الحكومية، إن «تغيير العملة ليس أولوية الاقتصاد الإيراني، لأن الاقتصاد يحتاج اليوم إلى التعامل مع الاقتصاد الدولي».
واعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أول من أمس، الخطوة بمثابة اعتراف بكيفية مساهمة العقوبات الأميركية وسوء الإدارة الاقتصادية في ارتفاع مستوى التضخم في البلاد.
وقالت الصحيفة في تقرير: «يبدو أن جائحة فيروس (كورونا المستجد)، التي حوَّلت إيران إلى بؤرة إقليمية لتفشي المرض، قد لعبت دوراً حاسماً في مسألة تغيير العملة وتخفيض قيمتها، حيث أسهمت الجائحة في زيادة تخفيض قيمة الريال منذ فبراير (شباط).
ونقلت عن الخبير الاقتصادي الإيراني، المقيم في باريس، فريدون خاوند، أن «الحكومات عادة ما تصل إلى قرار تغيير العملة الوطنية باعتباره المرحلة الأخيرة من الإصلاح الاقتصادي، وهو ما قامت به الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، أو ما قامت به تركيا في السنوات الأخيرة».
وأضاف خاوند أن إيران قد فعلت العكس، وذلك يرجع في جزء منه للتأثير المعوق للعقوبات الأميركية، التي حدَّت بشدة من قدرة البلاد على بيع النفط أو إجراء معاملات مالية دولية، وفي ظل هذه الظروف، فإن التغييرات الاقتصادية الأساسية الأخرى التي قد ترغب الحكومة الإيرانية في إجرائها ستكون صعبة». وتابع: «عادة ما تقوم الدول بإصلاح الاقتصاد أولاً ثم تقوم بتغيير العملة، ولكن الحكومة الإيرانية في مأزق مالي مع عدم وجود احتمال للحصول على مساعدة مالية من الخارج أو من الداخل، ولذلك فهي تحاول الخروج من هذا المأزق من خلال القانون الجديد».
روحاني يدافع عن «تجميل» العملة... ومحللون يقللون من تأثيره على التضخم

إيران غيّرت عملتها من الريال إلى التومان مع حذف أربعة أصفار منها (نيويورك تايمز)
روحاني يدافع عن «تجميل» العملة... ومحللون يقللون من تأثيره على التضخم

إيران غيّرت عملتها من الريال إلى التومان مع حذف أربعة أصفار منها (نيويورك تايمز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة