ركود «تاريخي» ينتظر أوروبا في 2020 جراء «كورونا»

أحد الزبائن يتسلم مشترياته من محل بإحدى أسواق مدينة لاندشوت الألمانية (رويترز)
أحد الزبائن يتسلم مشترياته من محل بإحدى أسواق مدينة لاندشوت الألمانية (رويترز)
TT

ركود «تاريخي» ينتظر أوروبا في 2020 جراء «كورونا»

أحد الزبائن يتسلم مشترياته من محل بإحدى أسواق مدينة لاندشوت الألمانية (رويترز)
أحد الزبائن يتسلم مشترياته من محل بإحدى أسواق مدينة لاندشوت الألمانية (رويترز)

توقعت المفوضية الأوروبية، اليوم (الأربعاء)، حدوث ركود «تاريخي» في الاتحاد الأوروبي هذا العام، بعد تفشي وباء «كوفيد- 19» على نطاق واسع، مخلفاً آثاراً على الاقتصاد.
وأكد المفوض الأوروبي للاقتصاد، باولو جنتيلوني، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «أوروبا تواجه صدمة اقتصادية غير مسبوقة منذ الكساد الكبير الذي حدث في 1929».
وتتوقع المفوضية انخفاضاً قياسياً في إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 7.7 في المائة في منطقة اليورو، ثم انتعاشاً بنسبة 6.3 في المائة في عام 2021.
وتشكل هذه الكارثة ضغطاً على بروكسل لتقديم خطة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي الأوروبي، ولكن ثمة انقساماً بين الأوروبيين حول الحلول الواجب اعتمادها.
وقال جنتيلوني: «نبذل جهداً كبيراً، هذا ليس عملاً سهلاً، أتوقع ولادة الخطة في الأسابيع المقبلة، وأنا واثق بأن الدول الأعضاء ستوافق عليها في يونيو (حزيران)». وأضاف أن «عمق الركود وقوة الانتعاش سيكونان متفاوتين بحسب البلدان، تبعاً لسرعة رفع تدابير العزل وأهمية الخدمات في كل اقتصاد، مثل السياحة والموارد المالية لكل دولة».
وكما كان متوقعاً، فإن الدول التي ستسجل أسوأ ركود لها هذا العام - بحسب المفوضية - هي بحسب التسلسل: اليونان (-9.7 في المائة)، وإيطاليا (-9.5 في المائة)، وإسبانيا (-9.4 في المائة)، البلدان الأكثر اعتماداً على قطاع السياحة.
وأقر جنتيلوني بأن «علينا القيام بعمل شاق، ليتمكن هذا القطاع من الصمود في الصيف».
وتعتزم المفوضية الأوروبية أن تطرح الأسبوع المقبل خطة خاصة بالسياحة، مع خطوط عريضة تتناول الشروط الصحية في الأماكن التي يقصدها من يمضون عطلاتهم.
وفرنسا الدولة السياحية والصناعية ليست أفضل حالاً؛ إذ يتوقع أن يسجل اقتصادها انكماشاً بنسبة 8.2 في المائة في 2020، ثم انتعاشاً نسبته 7.4 في المائة في النشاط في عام 2021.
أما الاقتصاد الرائد في منطقة اليورو، ألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها، فستشهد انخفاضاً في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.5 في المائة في 2020، وهولندا بنسبة 6.8 في المائة، وفقاً لتوقعات الربيع للمفوضية الأوروبية.
نتيجة هذا الركود التاريخي، يتوقع أن يرتفع العجز العام في كل الدول الأعضاء في منطقة اليورو، وأن تزداد ديونها بشكل كبير في 2020 قبل تحسن الوضع في 2021.
لكن الدول التي كانت هشة قبل الأزمة ستعاني من التبعات أكثر من غيرها، فإيطاليا الدولة التي فجعت بأكبر عدد من الوفيات بفيروس «كورونا» المستجد في منطقة اليورو، ويثير الوضع فيها قلق شركائها الأوروبيين، ستشهد ارتفاعاً هائلاً في دينها العام ليبلغ 158.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2020، مقابل 134.8 في المائة في 2019.
وبين الدول الـ19 الأعضاء في منطقة اليورو، وحدها اليونان تعاني من وضع أسوأ، بدين عام بلغ 196.4 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في 2020.
أما العجز العام لإيطاليا، ثالث اقتصادات منطقة اليورو، فيتوقع أن يكون الأكبر بين الدول الـ19، وأن يبلغ 11.1 في المائة هذه السنة.
وتفيد توقعات المفوضية بأن يرتفع دين فرنسا بشكل كبير ليصل إلى 116.5 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي هذا العام، قبل أن ينخفض قليلاً إلى 111.9 في المائة في 2021. وقد بلغ 98.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019.
أما العجز العام فيتوقع بعد أن بلغ 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في 2019، أن يرتفع إلى مستوى «غير مسبوق» في 2020، إلى 9.9 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
وقالت المفوضية الأوروبية إن هذا العجز يمكن أن يبلغ 4.0 في المائة في 2021 «إذا لم تتغير السياسات، وإذا افترضنا أن الإجراءات لمكافحة الوباء لن تطبق سوى في 2020».
وحتى في ألمانيا وهولندا، الصارمتين جداً في الموازنات في الأوقات العادية، فقد تخلتا هذه السنة عن تشددهما لمساعدة الشركات على تجاوز امتحان العزل.
لذلك، سيبلغ العجز العام في ألمانيا 7 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة، بعد فائض نسبته 1.4 في المائة في 2019؛ لكن في 2021 يتوقع أن يتراجع هذا العجز إلى 1.5 في المائة.
أما في هولندا فيفترض أن يبلغ العجز العام 6.3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في 2020، بعدما كان الفائض نسبته 1.7 في المائة في 2019، وسيتراجع إلى 3.5 في المائة في 2021.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
TT

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين، بهدف دعم الشركات الأميركية العاملة في قطاع الطاقة النظيفة.

ووفقاً للإشعار الصادر عن مكتب الممثل التجاري الأميركي، ستزيد الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية والبولي سيليكون المصنوعة في الصين إلى 50 في المائة من 25 في المائة، كما ستُفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على بعض منتجات التنغستن، بدءاً من 1 يناير (كانون الثاني)، بعد مراجعة الممارسات التجارية الصينية بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وجاء القرار بعد فترة تعليق طويلة، حيث أشار الممثل التجاري الأميركي، في سبتمبر (أيلول)، إلى احتمال اتخاذ مثل هذه الإجراءات. وقالت كاثرين تاي، الممثلة التجارية للولايات المتحدة، في بيان: «زيادة التعريفات الجمركية هذه تهدف إلى مكافحة السياسات والممارسات الضارة التي تنتهجها جمهورية الصين الشعبية. وستكمل هذه الإجراءات الاستثمارات المحلية التي أطلقتها إدارة بايدن-هاريس لتعزيز اقتصاد الطاقة النظيفة وزيادة مرونة سلاسل التوريد الحيوية».

وفي تقرير يوم الخميس، تم ذكر أن المسؤولين الأميركيين والصينيين سيعقدون اجتماعات تجارية هذا الأسبوع، والأسبوع المقبل، قبل نهاية العام. وفي الأسبوع الماضي، شددت واشنطن القيود المفروضة على وصول الصين إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة، بينما ردت بكين بحظر صادرات المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة، مثل الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون، إضافة إلى تشديد ضوابط صادرات الغرافيت.

وتهيمن الصين على سوق هذه المواد، وتعمل الولايات المتحدة على تأمين مصادر بديلة في أفريقيا وأماكن أخرى. ويعد التنغستن معدناً استراتيجياً حيوياً آخر تهيمن الصين على إنتاجه، وليست الولايات المتحدة، مما يجعل كوريا الجنوبية مورداً محتملاً. ويستخدم التنغستن في صناعات متنوعة مثل الأسلحة، وأنابيب الأشعة السينية، وخيوط المصابيح الكهربائية.

وانخفضت واردات الولايات المتحدة من المعدن من الصين إلى 10.9 مليون دولار في عام 2023 من 19.5 مليون دولار في العام السابق.

وبعد حظر بكين تصدير الغاليوم والمعادن الأخرى إلى الولايات المتحدة، يرى المحللون أن التنغستن قد يكون أحد المجالات التي قد ترد فيها الصين. وقبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب، تصاعدت التوترات التجارية، حيث كان قد تعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على السلع الصينية. بينما عدَّ الرئيس جو بايدن هذا النهج خاطئاً، وأبقى على التعريفات التي فرضها ترمب خلال ولايته الأولى مع تبني استراتيجية أكثر استهدافاً.

وقد شهدت الصين زيادة كبيرة في إنتاج المركبات الكهربائية الرخيصة والألواح الشمسية والبطاريات، في وقت تسعى فيه إدارة بايدن لدعم هذه الصناعات في الولايات المتحدة. وتتهم أميركا الصين بدعم صادراتها بشكل غير لائق، ما يمنح مصنعي الألواح الشمسية وغيرها ميزة غير عادلة في الأسواق الخارجية، حيث تبيع هذه المنتجات بأسعار منخفضة بفضل الدعم الحكومي. كما تفرض الصين ضغوطاً على الشركات الأجنبية لتسليم التكنولوجيا.

وتشكل الصين أكثر من 80 في المائة من سوق الألواح الشمسية في جميع مراحل الإنتاج، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، مما يجعلها تهيمن على هذا القطاع بشكل واضح. وقد جعلت اقتصاديات الحجم الضخم في صناعة الطاقة الشمسية المنتجات الصينية أقل تكلفة، بينما قامت بتوجيه سلاسل التوريد إلى داخل الصين. وقد دعت وكالة الطاقة الدولية الدول الأخرى إلى تقييم سلاسل توريد الألواح الشمسية الخاصة بها ووضع استراتيجيات للتعامل مع أي مخاطر.

وفي بداية عام 2018، فرضت إدارة ترمب تعريفات بنسبة 30 في المائة على واردات الألواح الشمسية الصينية، وقد تقدمت بكين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة متهمة إياها بدعم مشتريات المركبات الكهربائية بشكل غير عادل.

واختتمت التحقيقات التي دفعت الممثل التجاري الأميركي إلى اتخاذ قرار بزيادة الرسوم الجمركية على الألواح الشمسية بتقرير صادر في مايو (أيار)، مما أسفر عن رفع الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك المركبات الكهربائية، الحقن، الإبر، القفازات الطبية، أقنعة الوجه، أشباه الموصلات، ومنتجات الصلب والألمنيوم، وغيرها. كما تم رفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين إلى 100 في المائة بدلاً من 25 في المائة، في حين ارتفعت الرسوم الجمركية على بطاريات الليثيوم الصينية إلى 25 في المائة بعدما كانت 7.5 في المائة.