جرائم حوثية متصاعدة بذريعة الانتماء إلى «القاعدة» و«داعش»

شبكة حقوقية توثق عشرات الانتهاكات خلال أسبوعين

شوقي جابر محمد رفعان
شوقي جابر محمد رفعان
TT

جرائم حوثية متصاعدة بذريعة الانتماء إلى «القاعدة» و«داعش»

شوقي جابر محمد رفعان
شوقي جابر محمد رفعان

تبرعت الجماعة الحوثية - أو هكذا يظن كبار قادتها - في التبرير لجرائمها بحق اليمنيين في مختلف المناطق الخاضعة للانقلاب، حيث تتصدر تهمة الانتماء إلى تنظيمي «القاعدة» و«داعش» قاموس المبررات إثر كثير من جرائم التصفية والاعتقال التي يقوم بها مسلحوها.
وكانت أحدث هذه الجرائم الحوثية الجمعة الماضي، حين أقدم عناصر الجماعة في محافظة ذمار (جنوب صنعاء) على تصفية إمام أحد المساجد في مديرية عتمة، حيث كانت التهمة الأثيرة التي وجهتها الجماعة له انتماءه إلى تنظيم «داعش»، بحسب ما زعمه مسلحو الجماعة عقب اقتراف الجريمة.
مصادر محلية في محافظة ذمار قالت لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي الجماعة سيّروا حملة تضم عدداً من العربات العسكرية إلى مديرية عتمة، وأقدموا وقت صلاة الجماعة على اقتحام أحد المساجد وأخذوا يطلقون الأعيرة النارية في الهواء حتى وصلوا إلى إمام الجامع ويدعى شوقي جابر محمد رفعان وأردوه قتيلاً.
وأكدت المصادر أن الضحية رفعان عرف عنه في المنطقة بنشاطه الاجتماعي الخيري، حيث يقوم بجمع التبرعات من المقتدرين ويقوم بتوزيعها على الفقراء في المنطقة، إلى جانب إمامته للمسجد وإلقاء خطب الجمعة في قرية «جمعة حمير» في مديرية عتمة.
ويرجح أهالي المنطقة أن الجماعة الحوثية ضاقت ذرعاً بأنشطة رفعان بعد أن أصر على إقامة صلاة التراويح في رمضان، وهي التي يعدّها قادة الجماعة من البدع المخالفة لعقيدتهم المذهبية، إضافة إلى إصراره على الاستمرار في نشاطه الخيري - الاجتماعي.
وعلى الفور، سارعت وسائل إعلام الجماعة للتبرير لمقتل رفعان، حيث زعمت أنه من أخطر عناصر تنظيم «داعش» وأنه «يقوم باستقطاب وتجنيد المغرر بهم لصالح التنظيم لزعزعة الأمن بالمحافظة وتدريب عناصر إجرامية على صنع وزرع العبوات الناسفة ونشر الفكر التكفيري بالمديرية»، بحسب ما نقلته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ». وأفادت المصادر المحلية بأن الجريمة الحوثية تزامنت مع إرسال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وفداً من معممي الجماعة إلى محافظة ذمار، ومنها إلى محافظتي إب وتعز في سياق سعيه لتعزيز أفكار الجماعة ومعتقداتها الإيرانية.
وتحت الذريعة ذاتها، كانت الجماعة أقدمت قبل أسبوع على اقتحام منطقة «أصبح» في مديرية الطفة بمحافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء) وأقدم عناصرها على اقتحام منزل وقتل امرأة تدعى جهاد أحمد الأصبحي ونهب المنزل، بحسب ما أكدته مصادر محلية.
وبعد أن أثارت هذه الجريمة ردود فعل قبلية تنذر بإشعال انتفاضة عارمة من قبل القبائل في محافظة البيضاء ضد الوجود الحوثي سارع قادة الميليشيات إلى الزعم بأن القتيلة كانت تتستر في المنزل على عناصر تابعة لتنظيم «داعش»، بحسب ما زعمه القيادي الحوثي حسين العزي المعين نائباً لوزير خارجية الانقلاب.
إلى ذلك، أفادت مصادر محلية في محافظة ذمار بأن الجماعة شنت منذ مطلع شهر رمضان (قبل نحو عشرة أيام)، حملة واسعة في مركز المحافظة وبعض المديريات الأخرى اعتقلت خلالها العشرات من المواطنين، بعد أن وجهت لهم تهماً بالانتماء إلى «داعش» و«القاعدة».
حملة الاعتقالات الحوثية - بحسب ما أكدته مصادر قبلية - امتدت إلى النواحي الشمالية للعاصمة صنعاء؛ حيث مديرية همدان، إذ أقدم مسلحو الجماعة على اعتقال نحو 30 شخصاً بينهم مراهقون تحت السن القانونية، بعد أن وجهت لهم التهمة ذاتها.
وتقول مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: «إن تهمة الانتماء إلى (القاعدة) أو (داعش) باتت الذريعة الأثيرة لدى الجماعة الحوثية لانتهاك حقوق السكان وقمع معارضي الجماعة من الناشطين أو حتى من فاعلي الخير في أوساط المجتمعات المحلية».
ولا تخفي وسائل إعلام الجماعة الموالية لإيران تركيزها على إلقاء هذه التهم وتلفيقها للمئات من المعتقلين في سجون الجماعة، بل إن عناصر الميليشيات الذين يقومون بجباية الأموال من أصحاب المتاجر يجدون في هذه التهمة الوسيلة المناسبة في كثير من الأحيان لإجبارهم على دفع الإتاوات بشكل مستمر.
ويقول أحد سكان العاصمة لـ«الشرق الأوسط» طلب أن يرمز لاسمه بـ«ن.ش»، إن مشرفي الجماعة في حي مذبح (شمال غربي المدينة) استطاعوا أن يستقطبوا نجله البالغ من العمر 19 عاماً، بعد أن أقنعوه بأنه سيذهب لقتال «الدواعش»، بحسب زعمهم.
ومنذ أن قامت الميليشيات الحوثية بانقلابها على «الشرعية» في 2014 وحتى من قبل ذلك التاريخ، كانت الذريعة المناسبة لشن الحرب على أي منطقة أو قرية هي وجود من تمسيهم «التكفيريين»، كما فعلت عند تنكيلها بسكان منطقة دماج في صعدة.
وعلى وقع تصاعد هذه الجرائم الحوثية تحت لافتة الانتماء لـ«داعش» أو«القاعدة»، أفادت شبكة حقوقية يمنية بأنها وثقت قيام الميليشيات الانقلابية بارتكاب 143 انتهاكاً خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وقالت الشكبة في تقرير رسمي إن فريق الرصد التابع لها وثق 28 حالة قتل قامت بها الجماعة الحوثية من ضمنها 4 نساء، و6 أطفال والعشرات من عمليات الاختطافات.
وأكدت الشبكة أنها وثقت قيام الميليشيات الحوثية بقصف الأحياء السكنية بشكل مفرط في العديد من المحافظات، كان أبرزها محافظات مأرب والحديدة وتعز ومنطقة الحشاء في محافظة الضالع بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة.
وتسبب القصف الحوثي - بحسب الشبكة الحقوقية - في سقوط 6 حالات قتل، فيما تسبب قناص تابع للجماعة بقتل 3 حالات، بينما تسببت الألغام التي زرعتها الميليشيات بشكل عشوائي في قتل 10 حالات لنساء وأطفال.
كما رصد الفريق الميداني للشبكة اليمنية للحقوق والحريات قيام ميليشيات الحوثي بإطلاق النار المباشر على اثنين من أئمة المساجد في عتمة والبيضاء بسبب إقامتهم صلاة التراويح.
وأوضح الفريق الميداني للشبكة أنه سجل 3 حالات إعدام ميداني قامت بها الميليشيات الحوثية بحق مدنيين، إلى جانب قيامها بأربع حالات قتل نتيجة طلق ناري مباشر على المدنيين.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».