المهدي يتعهد طرح رؤية وآليات لتجاوز الخلافات داخل «قوى التغيير» في السودان

TT

المهدي يتعهد طرح رؤية وآليات لتجاوز الخلافات داخل «قوى التغيير» في السودان

قال رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، إنه سيرد بمرافعة أكثر تفصيلاً لحلفائه في «قوى إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية في السودان، بمقترحات وآليات لتجاوز الخلافات بين حزبه وتحالف «قوى التغيير».
كان «حزب الأمة» أعلن تجميد نشاطه داخل هياكل «قوى التغيير»، لمدة أسبوعين، وذلك بعد أن دفع بمذكرة للمجلس المركزي لقوى «إعلان الحرية والتغيير» تطالب بإجراء إصلاحات هيكلة على جسد التحالف. وقال المهدي، في بيان، أمس، إن الإصلاح يتطلب إجراءات جذرية، وإنه سيواصل المرافعة، ليس من باب الإملاء، فالإملاء هو منطق القوة، ونهجنا كان وما زال وسوف يظل بقوة المنطق.
وطالب «حزب الأمة»، في المذكرة التي دفع بها إلى المجلس المركزي، بعقد مؤتمر تأسيسي لقوى «إعلان الحرية والتغيير»، وبعقد اجتماعي جديد يتجاوز مصفوفة الاتفاق التي تم التوصل إليها بين شركاء الحكم في البلاد. وذكر المهدي، في البيان، أنه اطلع على رد الزملاء في المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير»، وقال: «إن موقف حزبه ليس انفعالياً، ولا ينشد مصلحة حزبية، وإنما تشخيص موضوعي لحالة الوطن والفرصة التي أتاحها تدهور الأوضاع لقوى الردة، ومن يقف وراءها من المتربصين». وأضاف: «نقدر ما حققنا معاً لصالح الوطن ما أدى لنجاح ثورة الشعب، وانفتح الباب لولوج مرحلة تاريخية جديدة تقضي على التركة الظلامية، وتحشد الطاقات لبناء وطن الديمقراطية والسلام والتنمية والعدالة».
ودعا «الأمة»، في المذكرة، إلى عقد مؤتمر تأسيسي لقوى الثورة الموقعة على «إعلان الحرية والتغيير» داخل وخارج هياكل قوى «التغيير» الراهنة، واعتماد عقد اجتماعي جديد لإصلاح هياكل الفترة الانتقالية، لتحقق مهامها الواردة في الوثيقة الدستورية. وكان المجلس المركزي لقوى «إعلان الحرية والتغيير»، وهو أعلى هيئة قيادية بالتحالف، شكل لجنة مشتركة مع حزب الأمة القومي، للنظر في مطالبه.
كانت مصادر متطابقة أبلغت «الشرق الأوسط»، أن مذكرة «حزب الأمة» حوت مطالب لا تهدف لأي عملية إصلاح، وإنما لفرض رؤية أحادية على جميع الكتل المتمثلة في التحالف. وأشارت المصادر إلى أن من بين مطالب الصادق المهدي، حل المجلس المركزي والتنسيقية المركزية، وتكوين تلك الأجهزة من عناصر جديدة. وذكرت المصادر أن «حزب الأمة» يطالب بزيادة تمثيل كتلة «نداء السودان»، التي يمثل الحزب عضواً أصيلاً فيها، بما يوازي حجمهم الطبيعي داخل «قوى التغيير».
ويضم تحالف «نداء السودان»، حزب الأمة القومي، حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة مني أركو مناوي، وبعض الفصائل المسلحة في «الجبهة الثورية»، و«التحالف الوطني السوداني». ويمثل المجلس المركزي، القيادة السياسية العليا لقوى «إعلان الحرية والتغيير»، ويتكون من 5 ممثلين لكل من «تجمع المهنيين السودانيين» و«نداء السودان» و«قوى الإجماع»، و3 ممثلين لكل من «التجمع الاتحادي» و«تجمع القوى المدنية». كانت «قوى التغيير» بدأت الترتيب لإجراء مؤتمر تداولي لإعادة هيكلة الأجهزة داخل قوى «إعلان الحرية والتغيير»، وتوسيعها بغرض إشراك بعض قوى الثورة غير الممثلة في الهياكل، لكن ظروف جائحة «كورونا» حالت دون إكمال ترتيبات قيام المؤتمر. وهدد «حزب الأمة»، في حال عدم الاستجابة لمطالبه في ظرف الأسبوعين، بأنه سيعمل على تحقيق التطوير والإصلاح المنشود مع كافة الجهات الوطنية من «قوى التغيير»، والحكومة التنفيذية، والمجلس السيادي بشقيه المدني والعسكري. وأشار الحزب إلى أنه طرح رؤية لإصلاح الأوضاع تتجاوز المصفوفة، التي اتفق عيلها شركاء الحكم في السودان، مجلسي السيادة والوزراء، وقوى «إعلان الحرية والتغيير»، لحل القضايا الاستراتيجية والملحة في البلاد خلال الفترة الانتقالية. تجدر الإشارة إلى أن «حزب الأمة» شارك ضمن «قوى إعلان الحرية والتغيير»، في الوصول إلى المصفوفة التي أجازتها الأطراف الثلاثة، ويشارك بممثلين في اللجان الفرعية التي شكلت بموجب المصفوفة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.