الذهب... أولى خطوات السودان للاندماج مع الاقتصاد العالمي

إنشاء بورصة للمعدن النفيس... وصندوق استثماري لدعم الميزانية

الذهب... أولى خطوات السودان للاندماج مع الاقتصاد العالمي
TT

الذهب... أولى خطوات السودان للاندماج مع الاقتصاد العالمي

الذهب... أولى خطوات السودان للاندماج مع الاقتصاد العالمي

يخطو السودان نحو وضع قدمه على أول سلالم الاقتصاد العالمي، وسط آمال بالانطلاق قريبا نحو الاستقرار والرفاهية الاقتصادية، وذلك من خلال استغلال موارده الطبيعية وتسويقها دوليا، بعد تنسيق عالمي، يعرج إلى تعديل القوانين والتشريعات الاقتصادية المحلية.
ومن أبرز موارد السودان الطبيعية، المعدن الأصفر النفيس، الذي من شأنه وضع السودان على خريطة الإنتاج العالمي، وتوفير دخل من العملة الصعبة، هو في أشد الاحتياج لها حاليا.
فقد أصدر رئيس الوزراء السوداني، بناء على مخرجات اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، قرارا بإنشاء بورصة للذهب لتوحيد سعر الذهب مع السعر العالمي. وهذا من شأنه الاندماج مع سوق الذهب العالمية، إذ كانت تواجه الحكومة السودانية مشكلة في الاستفادة من عائدات الذهب لرفد الخزينة العامة للدولة بالعملات الصعبة نتيجة عمليات التهريب التي تتم للذهب إلى الخارج.
يأتي هذا في الوقت الذي أصدر فيه رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، قراراً بإنشاء صندوق استثماري يشارك فيه القطاع الخاص الوطني، بجانب صندوق سيادي لإيداع التبرعات بالنقد الأجنبي والعملة المحلية لدعم العملية الاقتصادية بالبلاد.
وأجازت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، مقترح إنشاء صندوق استثماري يشارك فيه القطاع الخاص الوطني وكذلك إنشاء صندوق سيادي لدعم الاقتصاد السوداني.
ويواجه السودان أزمة في توفير السلع الأساسية المستوردة من الخارج نتيجة شح العملات الأجنبية، بالإضافة إلى غلاء في الأسعار، وتدني قيمة العملة الوطنية (الجنيه)، الذي بلغ سعره في السوق الموازية خلال الأسبوع الحالي (130) جنيها مقابل الدولار الواحد، فيما يحدد بنك السودان المركزي السعر الرسمي بـ(55) جنيها للدولار.
وأعلنت الحكومة السودانية عن موافقتها للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من الجازولين في قطاع النقل والتصنيع والذهب، على أن يتم الاتفاق على هامش ربح معقول ومتوافق عليه بين الحكومة وشركات القطاع الخاص، في محاولة لتخفيف الضغط على موارد النقد الأجنبي للحكومة.
وأصدر رئيس الوزراء السوداني، كذلك بناء على مخرجات اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، قرارا بإنشاء بورصة للذهب لتوحيد سعر الذهب مع السعر العالمي. وتواجه الحكومة السودانية مشكلة في الاستفادة من عائدات الذهب لرفد الخزينة العامة للدولة بالعملات الصعبة نتيجة عمليات التهريب التي تتم للذهب إلى الخارج.
وقال وزير الطاقة والتعدين عادل علي إبراهيم، إن الإنتاج السنوي من الذهب يتراوح بين 120 - 200 طن سنوياً، بعائدات تقدر بـ5 مليارات دولار، وقدر في مؤتمر قضايا التعدين فبراير (شباط) الماضي، عدد العاملين في قطاع التعدين في البلاد بنحو 5 ملايين شخص. وأعلنت الحكومة السودانية منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي خروج بنك السودان المركزي من عمليات شراء الذهب من المعدنيين الذي كان يحتكره البنك المركزي منذ عهد النظام البائد، ما تسبب في اتساع عمليات تهريب الذهب نتيجة فارق السعر بين الذي يطرحه البنك المركزي والذي يجنيه المهربون للخارج وفقا لسعر البورصة العالمية.
وألغى رئيس الوزراء، كافة الإعفاءات الجمركية، عدا تلك التي تتعارض مع الاتفاقيات الدولية. وكانت لجنة تعبئة الموارد المحلية «شُكلت من الحكومة وقوى الحرية والتغيير» للدراسة وتقديم بدائل لتغطية العجز المتوقع في الموازنة بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة انتشار فيروس «كورونا»، واقترحت ثمانية بنود لسد الفجوة في الإيرادات، منها إنهاء الإعفاءات الضريبية كافة عدا المرتبطة باتفاقيات، وتمثل الإعفاءات من الضرائب نسبة 47 في المائة والإعفاءات الجمركية نسبة 53 في المائة، واقترحت اللجنة رفع ضريبة الاتصالات إلى 60 في المائة بدلا عن 7 في المائة، وإصدار شهادات استثمارية حكومية توظف مدخراتها في شراء عائدات صادر الذهب لتحسين الاحتياطي النقدي لبنك السودان من العملات الأجنبية.
وتوقعت لجنة حكومية في السودان، أن تؤثر الإجراءات المتخذة في الدولة لمواجهة انتشار فيروس «كورونا»، بنسبة 40 في المائة على الإيرادات العامة في موازنة الدولة التي تواجه تحدي ارتفاع معدلات التضخم، حيث تجاوز المعدل 81 في المائة في مارس (آذار) الماضي، وحدث تدهور حاد في سعر صرف العملة الوطنية، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
وألغى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، كذلك نسبة الـ(10 في المائة) التي تخصم من حصيلة الصادر لتغطية احتياجات استيراد الدواء واستبدالها من خلال فرض ضريبة أو رسم على المصدرين والموردين والعمل علي اتخاذ التدابير لإحكام السيطرة على الصادرات. وتأتي القرارات في إطار رؤية جديدة تبنتها اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية لمعالجة الاختلالات في الاقتصاد السوداني المورث منذ عهد نظام المخلوع عمر البشير.



هل تقود رئاسة ترمب لتحولات جذرية في مصير العمال والنقابات؟

رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)
رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)
TT

هل تقود رئاسة ترمب لتحولات جذرية في مصير العمال والنقابات؟

رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)
رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)

يتنافس الرئيس السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس بشراسة على كسب تأييد العمال الأميركيين، لكن الخبراء يرون أن استراتيجياتهما في التعامل مع قضايا العمل ومكان العمل ستكون مختلفة تماماً.

يُتوقع أن يؤدي فوز ترمب إلى عكس العديد من السياسات التي تم تنفيذها خلال السنوات الأربع الماضية، والتي كانت تهدف إلى تسهيل انضمام العمال إلى النقابات. وفي حال انتخابه، من المتوقع أن يسعى ترمب لتخفيف قواعد السلامة في مكان العمل، وتقليص المزايا والحقوق المتاحة للعمال في الاقتصاد المؤقت والقطاعات ذات الأجور المنخفضة. كما يُرجح أن يلغي الحظر المفروض على اتفاقيات عدم المنافسة التي تمنع العمال الذين يتركون وظائفهم من الانتقال إلى المنافسين، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

استمرار أجندة بايدن تحت قيادة هاريس

من ناحية أخرى، تشير التوقعات إلى أن هاريس ستواصل أجندة العمل في عهد بايدن التي تُعتبر من أكثر الأجندات دعماً للنقابات في التاريخ الحديث. وقد تزامنت هذه السياسات مع زيادة عدد المتقدمين لانتخابات النقابات بين السنة المالية 2021 و2024، رغم أن نسبة العمال الأميركيين المنخرطين في النقابات تراجعت إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

يقول كبير المحامين في جمعية «إتش آر بوليسي»، وهي شركة لإدارة الموارد البشرية، روجر كينغ: «النتائج التي ستنجم عن هذه الانتخابات على أجندة العمل والتوظيف في البلاد قد تكون من بين الأكثر تأثيراً وتغييراً لقواعد اللعبة في أي مجال آخر من الحكومة».

صور مركبة تجمع نائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مواقف ترمب ودعم النقابات لهاريس

لم يتناول ترمب بشكل رسمي كيفية تعامله مع معظم قضايا العمل خلال حملته الانتخابية، حيث ركز على حماية العمال الأميركيين من خلال مقترحات تتعلق برفع التعريفات الجمركية، وفرض قيود على التجارة الدولية، وإعادة وظائف التصنيع إلى البلاد، بالإضافة إلى ترحيل العمال غير المسجلين.

وقالت المتحدثة باسم حملة ترمب، كارولين ليفات: إن «أي سياسة رسمية يجب أن تأتي مباشرة من الرئيس ترمب». وأضافت أن «العمال والنقابات الأميركية يدعمون ترمب لأنهم تحملوا تكاليف السياسات الاقتصادية الفاشلة لكامالا على مدى السنوات الأربع الماضية».

وقد حظيت هاريس بدعم معظم النقابات الرئيسية تقريباً في الانتخابات، بينما أظهرت استطلاعات الرأي أن هاريس تتقدم على ترمب بين أعضاء النقابات والأسر.

ويؤكد الخبراء أنه في ظل إدارة ترمب، يمكن للعمال أن يتوقعوا تخفيفاً كبيراً في القواعد، بما يتماشى مع المفهوم التقليدي للاقتصاد المحافظ بأن القيود المفروضة على الشركات تعوق النمو الاقتصادي. ويشير رئيس منتدى العمل الأميركي المحافظ، دوغلاس هولتز - إيكين، إلى أن إدارة ترمب «ستسعى لوقف الأعباء الإضافية على الشركات الصغيرة»، معتبراً أن اللوائح تستنزف موارد أصحاب العمل وقد تؤدي إلى انخفاض التوظيف وزيادات أصغر في الأجور.

ويوضح الخبراء أن أحد أسباب عدم اليقين حول سياسات العمل في إدارة ترمب هو الانقسام بين مستشاريه التقليديين المؤيدين للأعمال والشعبويين اليمينيين، مثل السيناتور جيه دي فانس من أوهايو الذي يدعم بعض السياسات الموجهة لدعم الطبقة العاملة.

التحذيرات من عواقب فوز ترمب

من جانبهم، يحذر زعماء العمل والديمقراطيون، بما في ذلك سيث هاريس، الذي شغل سابقاً منصب كبير مستشاري بايدن في شؤون العمل، من أن فوز ترمب سيكون «كارثياً للحركة العمالية»، مشيراً إلى أن إدارة ترمب ستكون «حريصة على اختبار حدود السلطة التنفيذية لإضعاف وتدمير النقابات».

وإذا فاز ترمب، فمن المتوقع أن يطرد في أول يوم له في منصبه كبير محامي المجلس الوطني لعلاقات العمل، جينيفر أبروزو، التي تُعتبر من أبرز المدافعين عن النقابات في إدارة بايدن. وقد يتبع ذلك إجراءات مشابهة لما فعله بايدن عند إقالته زعيم المجلس التابع لترمب، بيتر روب، في أول يوم له.

وأوضح أحد المسؤولين السابقين في إدارة ترمب: «يمكننا أن نطلق عليها سابقة بيتر روب». وقد ساهمت جهود أبروزو في تعزيز حملات النقابات، حيث لعبت دوراً رئيسياً في اتخاذ إجراءات قانونية ضد شركات مثل «ستاربكس» و«أمازون» و«تسلا» بسبب مقاومتها لجهود النقابات.

وتشير المناقشات الداخلية أيضاً إلى اقتراحات لطرد أعضاء ديمقراطيين من مجلس الإدارة المكون من خمسة أعضاء، مما قد يمنح الجمهوريين الأغلبية فوراً، رغم أن ذلك قد يواجه تحديات قانونية.

إلغاء الضرائب على الإكراميات والعمل الإضافي

ناقش ترمب خلال حملته الانتخابية إلغاء الضرائب الفيدرالية على الإكراميات، بالإضافة إلى اقتراحه الأخير إنهاء الضرائب على أجر العمل الإضافي. تعتبر هذه المقترحات أولوية قصوى لدى بعض صناع السياسات المحافظين إذا فاز ترمب، حيث تحظى بإقبال كبير بين عمال صناعة الخدمات ذوي الأجور المنخفضة الذين يعتمدون على الإكراميات لتلبية احتياجاتهم المالية.

بدورها، أكدت هاريس دعمها أيضاً لاقتراح إنهاء الضرائب على الإكراميات، رغم أن بعض الخبراء يرون أن هذا الاقتراح قد يؤثر بشكل طفيف على معظم العمال الأميركيين الذين لا يحصلون على إكراميات.

تراجع دعم النقابات

يُعتبر أحد أبرز التحولات المحتملة خلال رئاسة ترمب الثانية هو التراجع عن جهود إدارة بايدن لتعزيز عضوية النقابات وحقوق العمل. ومن المتوقع أن تعكس إدارة ترمب الانتصارات التي حققتها النقابات في عهد بايدن، بما في ذلك حكم تاريخي صدر في عام 2023 يُلزم أصحاب العمل الذين استخدموا تكتيكات غير قانونية لمكافحة التنظيم العمالي بالاعتراف بالنقابات.

كما ستعمل وكالات العمل تحت إدارة ترمب على عكس القاعدة التي وضعتها إدارة بايدن، والتي سهلت على العمال المؤقتين وعمال النظافة ومساعدي الرعاية الصحية المنزلية، وغيرهم من العمال ذوي الأجور المنخفضة التأهل كموظفين بدلاً من متعاقدين مستقلين. وستواجه هذه القواعد، التي من المتوقع أن تسهل على العمال المؤقتين تكوين نقابات والتأهل للحصول على الحد الأدنى للأجور وحماية العمل الإضافي، معارضة قوية من شركات مثل «أوبر» و«ليفت».

تغييرات متوقعة في سياسات العمل

كما أُتيح بموجب قاعدة إدارة بايدن ملايين العمال ذوي الأجور المنخفضة للحصول على أجر العمل الإضافي. وإذا لم تلغِ المحاكم هذه القاعدة، فإن إدارة ترمب ستعيد النظر في المعايير لتقليل التكاليف على الشركات. واعتباراً من يوليو (تموز)، أصبح العمال الذين يتقاضون رواتب أقل من 43888 دولاراً سنوياً مؤهلين الآن للحصول على 1.5 ضعف الأجر إذا عملوا أكثر من 40 ساعة في الأسبوع، بينما كان الحد في عهد ترمب أقل من 35568 دولاراً سنوياً.

تبحث سياسة ترمب في سحب لوائح الصحة والسلامة في مكان العمل التي تهدف إلى حماية العمال من الإصابة والمرض. ومن المتوقع أن تكون إحدى الأولويات هي إزالة العقوبات عن أصحاب العمل الصغار الذين يرتكبون انتهاكات «غير متعمدة» للصحة والسلامة، حيث إن الانتهاكات حالياً تؤدي إلى عقوبات تصل إلى 16131 دولاراً.

هناك اقتراح مثير للجدل لتعديل قوانين عمل الأطفال للسماح للمراهقين بالعمل في مهن تُعتبر «خطرة» بموجب شروط معينة، مما يعكس زيادة في انتهاكات عمل الأطفال في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.

اختيارات وزير العمل

أفاد خبراء في سياسة العمل بأن فريق ترمب الانتقالي قد طلب قائمة بالمرشحين المحتملين لمنصب وزير العمل، ومن بين المرشحين الرئيسيين أندرو بوزدر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «هارديز آند كارلز جونيور»، ووزير العمل السابق بالإنابة باتريك بيزيلا. كما يُعتبر برايان سلاتر، وزير العمل في فرجينيا، وجوني تايلور، الرئيس التنفيذي لجمعية إدارة الموارد البشرية، من بين المرشحين أيضاً.

وأشار بعض المطلعين على خطط فريق ترمب إلى أن اتحاد سائقي الشاحنات، الذي حقق تقدماً ملحوظاً مع الحزب الجمهوري، قد يمارس نفوذاً كبيراً في إدارة ترمب. كما أوضح كينغ: «كانت هناك محادثات جارية من بعض المقربين من فريق ترمب وسائقي الشاحنات».

زيارة ترمب إدارة محطة البطاطس المقلية في أحد مطاعم ماكدونالدز في بنسلفانيا (أ.ب)

الحد الأدنى للأجور الفيدرالية

أعلنت هاريس مؤخراً، رداً على زيارة ترمب المفاجئة للعمل في محطة «ماكدونالدز» للبطاطس المقلية، أنها تدعم رفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية إلى 15 دولاراً في الساعة. في المقابل، تهرب ترمب من الإجابة عن أسئلة حول دعمه لرفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية، الذي ظل ثابتاً عند 7.25 دولار في الساعة منذ عام 2009. يُذكر أن عشرين ولاية حددت حدها الأدنى للأجور عند المستوى الفيدرالي أو أقل منه.