القضاء اللبناني يوسع تحقيقاته في فضيحة الوقود المغشوش

TT

القضاء اللبناني يوسع تحقيقاته في فضيحة الوقود المغشوش

يستكمل قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، اليوم، استجواب الموقوفين المدَّعَى عليهم في ملف صفقات استيراد الوقود المغشوش لصالح «مؤسسة كهرباء لبنان»، وهدر واختلاس الأموال العامة. وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» عن أن القاضي منصور استكمل، أمس، استجواباً بدأه الخميس الماضي مع «عدد من الموظفين في وزارة الطاقة، وموظفين في شركة «زد ار إنرجي»، وأصدر مذكرات توقيف بحق عدد منهم، وترك 3 آخرين بسندات إقامة».
وتوقّع المصدر أن يقيّم قاضي التحقيق نتائج تحقيقاته «لوضع لائحة بأسماء أشخاص آخرين يجري استدعاؤهم واستجوابهم بوصفهم مدَّعَى عليهم، بالإضافة إلى عدد من الشهود، بينهم وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني»، فيما تقدّم النائب عن «القوات اللبنانية» أنطوان حبشي بإخبار لدى القضاء ضدّ وزراء الطاقة التابعين لـ«التيار الوطني الحرّ»، متهماً إياهم بـ«التغطية على ملفات الفساد في الوزارة».
وبالتزامن مع انتقال الملف إلى عهدة القضاء، يواصل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، جمع المعلومات حول «فضيحة الوقود المغشوش» بإشراف النائب العام الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون والقاضي نقولا منصور. وأوضحت مصادر مواكبة أن «التحقيق الذي انطلق على أثر اكتشاف باخرة الوقود التي وصلت من الجزائر منتصف الشهر الماضي، تشعّب ليشمل الشحنات المماثلة التي استوردتها وزارة الطاقة في السنوات الماضية».
وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «معطيات توافرت عن تجاوز الشركة الجزائرية شروط العقد الموقّع مع وزارة الطاقة اللبنانية». وكشف عن أن التحقيق «يركز على الخلل الذي اعترى تنفيذ عقدين وقعتهما وزارة الطاقة في عام 2005؛ الأول مع الشركة الجزائرية، والثاني مع شركة كويتية لاستيراد الوقود لصالح «مؤسسة كهرباء لبنان» بكميات متوازية وبالمواصفات نفسها».
ولفت إلى أن «ثمة شبهات ترتبت على أسباب استيراد شحنتين أو 3 شحنات من الكويت، مقابل 18 شحنة أتت من الشركة الجزائرية، عبر شركة (زد ار) اللبنانية، وتبيّن أن أغلب تلك الشحنات لم تكن مطابقة للمواصفات المطلوبة، وهو ما يعزز الشبهات بوجود صفقات، وخسائر لحقت بالخزينة تقارب 400 مليون دولار سنوياً، ويسعى التحقيق لمعرفة من المستفيد من هذه المبالغ على حساب خزينة الدولة».
وتستند التحقيقات القضائية إلى ادعاء القاضية عون الذي شمل 21 شخصاً في وزارة الطاقة؛ بينهم المديرة العامة للنفط أورور الفغالي، ومدير المنشآت النفطية سركيس حليس، وذلك بعد إعطاء وزير الطاقة الحالي ريمون غجر القضاءَ إذناً بملاحقة الموظفين في الوزارة، إضافة إلى الادعاء على ممثل شركة «زد ار» تيدي رحمة ومديرها العام إبراهيم الذوق.
وفيما أبدت وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني استعدادها لتقديم إفادتها غداً أمام قاضي التحقيق، ردّت على الحملات التي طالتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واتهمتها مع وزراء الطاقة السابقين بالتواطؤ في صفقات الوقود. وقالت البستاني في سلسلة تغريدات: «كنت أول من دق ناقوس الخطر منذ شهر، عندما أعلنت أن القضية ستتم متابعتها حتى تبيان الحقيقة الكاملة، فلو كنت مذنبة أو مشاركة كما يدعي أصحاب النوايا السيئة لما كنت فضحت الأمر، والآن وأمام الرأي العام أطلب أن تتابع القضية حتى الآخر، وبدون حصانات أو حمايات».
وكان النائب حبشي أعلن بعد التقدم ببلاغه ضد وزراء الطاقة، أمس، أنه أرفق بالبلاغ «كل المستندات اللازمة التي تكشف عن مسؤولية الوزراء المتعاقبين»، عادّاً أن «مكافحة الفساد لن تتم إذا اقتصرت على الموظّف، وبقي المسؤول الكبير بمنأى عن المحاسبة... قضية الفيول المغشوش، هي جزء من مغارة علي بابا، وعلى القضاء أن يمضي بالتحقيق حتى النهاية... نعوّل كثيراً على الدور الأساس للقضاء في مكافحة الفساد. القضاة يمتلكون ما يكفي من النزاهة، ويجب أن يتحلّوا بالشجاعة للوصول إلى الفاسدين ومحاسبتهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».