الحوثيون يحولون شققا سكنية في صنعاء إلى معتقلات سرية لمعارضيهم

اشتباكات داخل قوات الأمن الخاصة.. ومحاكمة متهمين بالإرهاب في صنعاء

الحوثيون يحولون شققا سكنية في صنعاء إلى معتقلات سرية لمعارضيهم
TT

الحوثيون يحولون شققا سكنية في صنعاء إلى معتقلات سرية لمعارضيهم

الحوثيون يحولون شققا سكنية في صنعاء إلى معتقلات سرية لمعارضيهم

كشفت مصادر يمنية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، المزيد من المعلومات حول وجود سجون ومعتقلات السرية، يمتلكها الحوثيون، في صنعاء، يحتجز فيها عشرات الأشخاص بواسطة «اللجان الشعبية» التابعة لهم، في حين تستمر المواجهات المسلحة في محافظة البيضاء بين الحوثيين و«أنصار الشريعة» (القاعدة).
وذكرت المصادر أنه ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، أنشأت الجماعة سجونا سرية تنتشر في معظم مناطق العاصمة والمدن التي تخضع لسيطرتها. وذكر أحد أقرباء سجين سابق لدى الحوثيين لـ«الشرق الأوسط» أن قريبه، وهو ضابط في جهاز الأمن القومي (المخابرات)، تم اختطافه إلى جانب اثنين آخرين من الشارع العام، وتم اقتيادهم معصوبي الأعين إلى شقة سرية في إحدى البنايات»، موضحا أن الحوثيين أفرجوا عن الضباط الثلاثة بعد وساطات لشخصيات رسمية، مضيفا «أخبرني الضباط بأنهم وجدوا العديد من الأشخاص محتجزين داخل الشقة ولا يعرف مصيرهم حتى الآن».
وتؤكد مصادر محلية في محافظة عمران، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين يمتلكون معتقلات كبيرة في كل من معقلهم الرئيس في صعدة شمال البلاد، إضافة إلى أنهم حولوا الملعب الرياضي في محافظة عمران إلى معتقل كبير يقبع داخله مئات الأشخاص من مدنيين وعسكريين تم احتجازهم خلال حرب محافظة عمران في يوليو (تموز) الماضي، مرورا بالمعارك التي شنتها الجماعة على قبيلة همدان. ولفتت المصادر إلى أن عدد المعتقلين لدى الحوثيين تضاعف بشكل كبير بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء وتوسعهم في مدن أخرى.
وقد اتهم حزب الإصلاح اليمني في بيان صحافي، أمس، الحوثيين بالاستمرار في مداهمه منازل أعضائه واختطافهم بالعاصمة صنعاء، وذكر الحزب أن ستة من أعضائها اختطفهم الحوثي، بعد عمليات مداهمة ليلية على منازلهم في حي الأندلس شمال غربي صنعاء، وهو الحي الذي شهد معارك عنيفة بين الحوثيين ومعسكر الفرقة الأولى مدرع في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأشار الحزب إلى أن ميليشيات الحوثي اختطفت أعضاءه الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء الماضي، وتم اقتيادهم إلى جهة مجهولة، موضحا أن الحوثي يسيطر على مقرات تابعة لمؤسسات خيرية، فيما يواصل مسلحو الجماعة اقتحام وتفتيش المنازل ومضايقة سكان الحي.
في غضون ذلك، أفادت مصادر محلية في محافظة البيضاء بوسط اليمن بأن ميليشيا المتمردين الحوثيين انسحبت، أمس، من مركز منطقة قيفة في مديرية رداع بالمحافظة، وذلك بعد أن سقط 16 قتيلا في صفوفهم في مواجهات عنيفة بينهم وبين مسلحي تنظيم «أنصار الشريعة» التابع لتنظيم «القاعدة» والذي يتخذ من رداع مقرا له. وللشهر الثاني على التوالي تشهد رداع أعنف المواجهات بين الطرفين، حيث يسعى الحوثيون إلى السيطرة على المديرية وإنهاء وجود متشددي «أنصار الشريعة» الذين يهاجمون دوريات الحوثيين بصورة مباشرة أو عبر العبوات الناسفة وزرعها أمام الدوريات، وتشير المصادر إلى أن ما لا يقل عن 250 شخصا لقوا مصرعهم وجرح العشرات في مواجهات بين الطرفين في غضون شهرين، منذ أن بدأ الحوثيون في التوسع في معظم مناطق شمال ووسط البلاد.
على صعيد آخر، شهد مقر قوات الأمن الخاصة، أمس، اشتباكات بين حراسة قائد القوات، اللواء محمد منصور الغدراء ومسلحين حوثيين من أفراد القوات الخاصة، دون أن تعرف الأسباب الحقيقية الكامنة وراء اندلاع تلك الاشتباكات، إلا أن مصادر أمنية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين في مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية يحاولون بسط سيطرتهم والتدخل في الشاردة والواردة من شؤون تلك الأعمال دون اختصاص، كما هو الحال في كثير من المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية، وقد أغلقت قوات الحماية الرئاسية منطقة ميدان السبعين بجوار دار الرئاسة وقوات الأمن الخاصة عقب تلك الاشتباكات، ومن المتوقع أن تبدأ عملية إدماج آلاف المسلحين الحوثيين رسميا في قوات الأمن والجيش خلال الأيام المقبلة، وذلك في سياق الضغوط التي يمارسها الحوثيون لإدماج عناصرهم بصورة نظامية في إطار قوات الجيش والأمن، رغم أنهم يمارسون صلاحيات عسكرية وأمنية واسعة من بسط سيطرتهم على أجزاء كبيرة من البلاد بحجة رفضهم للإجراءات الاقتصادية والسعرية التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني (السابقة) برئاسة محمد سالم باسندوة.
في سياق آخر، بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة (أمن الدولة والإرهاب) بصنعاء جلسات محاكمة سبعة من أعضاء تنظيم القاعدة في قضايا متصلة بالإرهاب، حيث عقدت المحكمة الابتدائية الخاصة بقضايا الإرهاب محاكمة خمسة إرهابيين أحدهم فار من وجه العدالة، نفذوا عمليات إرهابية العام الماضي في البيضاء.
طلاب يحضرون حفلا لتوزيع الجوائز على المتفوقين منهم نظمته جماعة الحوثي أمس (رويترز)



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.