العلاقات الأوروبية ـ الصينية تهتزّ تحت وطأة «كوفيد ـ 19»

الحي الصيني في لندن بدا خالياً أمس (رويترز)
الحي الصيني في لندن بدا خالياً أمس (رويترز)
TT

العلاقات الأوروبية ـ الصينية تهتزّ تحت وطأة «كوفيد ـ 19»

الحي الصيني في لندن بدا خالياً أمس (رويترز)
الحي الصيني في لندن بدا خالياً أمس (رويترز)

يُستخلص من تطورات الأيام الأخيرة في المشهد السياسي الدولي، الذي تولّد من جائحة «كوفيد - 19»، أن التصدّع الذي بدأت ملامحه تظهر على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين بات يهدّد «التفاهم الودّي» الذي يحرص الطرفان على ترسيخه منذ سنوات.
صحيح أن بروكسل لم تذهب حدّ الموقف الأميركي الذي وصل مؤخراً إلى التلميح بمطالبة الصين بتعويضات اقتصادية عن تداعيات أزمة الفيروس، لكن التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان در لاين، مساء الجمعة الماضي، مطالبة بتحقيق دولي حول منشأ «كوفيد - 19»، الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية، شكّلت خطوة دبلوماسية متقدّمة في الموقف الأوروبي الموحّد، لن يمرّ وقت طويل قبل أن تستدعي ردّاً قاسياً من بكّين. وكانت الحكومة الصينية قد ردّت بغضب القوة العظمى الجديدة على الاتهامات والشكوك حول إدارتها لأزمة الوباء، وانتقدت بشدة غير معهودة في خطابها الدبلوماسي الهادئ التصريحات التي صدرت في الأيام الأخيرة من واشنطن وباريس ولندن، ورفعت منسوب التوتر في الأجواء الدولية الملبّدة.
لا شك في أن التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية ليست بعيدة عن أجواء العواصم الأوروبية الكبرى، وهي قد أدرجت الدعوة إلى تحقيق حول منشأ الفيروس ضمن جهود دولية لاستخلاص العبَر المناسبة، وأعربت عن «الأمل في أن لا تؤدي هذه الدعوة إلى التأثير على العلاقات الأوروبية - الصينية»، التي كشفت أزمة «كوفيد - 19» أن مواطن الخلاف فيها أعمق مما يحاول الطرفان تمويهه منذ فترة. ولا بد من التذكير هنا بأن هذه العلاقات كانت قد اندفعت إلى ما يشبه التحالف غير الطبيعي لدعم النظام العالمي القائم بعد وصول دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، وإشهاره حملة بلا هوادة على نظام تعددية الأطراف لإدارة العلاقات الدبلوماسية والتجارية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التفاهم بين الصين والاتحاد الأوروبي لعب دوراً أساسياً في منع انهيار اتفاقات دولية مهمة مثل «اتفاقية باريس لمكافحة تغيّر المناخ»، وفي الحفاظ على دور المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، كإطار للتعايش الدولي في العقد الثالث من هذا القرن.
لكن يبدو أن التوتّر الذي يتصاعد مع دخان هذا الوباء القاتل بدأ يترك ضحايا أيضاً على طريق العلاقات بين بروكسل وبكين، مثل اتفاقية تحرير الاستثمارات التي كان من المفترض توقيعها هذا العام بعد سنوات من المفاوضات المضنية، أو القمة الأوروبية الصينية التي كانت تعدّ لها ألمانيا إبّان رئاستها الدورية للاتحاد اعتباراً من مطلع يوليو (تموز) المقبل.
كانت ألمانيا، الشريك التجاري الأول للصين، هي التي حرصت على إشاعة مناخ الثقة بين بكين والعواصم الأوروبية في السنوات الماضية، لكن منذ نهاية العام الفائت بدأت تتزعزع هذه الثقة إلى أن وصلت مطلع الشهر الماضي إلى سلسلة من الصدامات الدبلوماسية، التي راحت تزداد حدّة مع مرور الوقت، فيما كانت الصين تخرج عن خطابها الدبلوماسي الناعم، وتردّ بعنف على التلميحات الأوروبية التي توّجه إليها، وتتهم من يدلي بها بالسير في ركاب واشنطن لمحاولة تحميلها مسؤولية الجائحة.
وليس من دليل أوضح على الأجواء المشحونة بين بكين وبروكسل مما قاله الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بورّيل، منذ يومين أمام البرلمان الأوروبي، بأنه تعرّض لضغوط من السلطات الصينية بهدف التخفيف من حدة مضمون التقرير الذي أعدّه الاتحاد عن الحملات التي تقف وراءها روسيا والصين للتشويش الإعلامي وترويج الأنباء المزّيفة. وقال بورّيل: «أعربت الصين عن قلقها عبر القنوات الدبلوماسية، كما هو مألوف في مثل هذه الحالات، لكننا لم نتنازل، ولم نعدّل في التقرير، لإرضاء أي كان، أو لتهدئة خواطر أي طرف».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.