مايكل أونيل... مدرب انتشل منتخب آيرلندا الشمالية من القاع إلى القمة

يستحق الإشادة بعدما حققت بلاده أفضل نتائجها الكروية في عهده منذ ثمانينات القرن الماضي

أونيل بعد فوز آيرلندا الشمالية على أوكرانيا وتصدرها مجموعتها في تصفيات الأمم الأوروبية 2016  -  أونيل تولى تدريب ستوك في 2019 إلى جانب تدريب آيرلندا الشمالية (الغارديان)
أونيل بعد فوز آيرلندا الشمالية على أوكرانيا وتصدرها مجموعتها في تصفيات الأمم الأوروبية 2016 - أونيل تولى تدريب ستوك في 2019 إلى جانب تدريب آيرلندا الشمالية (الغارديان)
TT

مايكل أونيل... مدرب انتشل منتخب آيرلندا الشمالية من القاع إلى القمة

أونيل بعد فوز آيرلندا الشمالية على أوكرانيا وتصدرها مجموعتها في تصفيات الأمم الأوروبية 2016  -  أونيل تولى تدريب ستوك في 2019 إلى جانب تدريب آيرلندا الشمالية (الغارديان)
أونيل بعد فوز آيرلندا الشمالية على أوكرانيا وتصدرها مجموعتها في تصفيات الأمم الأوروبية 2016 - أونيل تولى تدريب ستوك في 2019 إلى جانب تدريب آيرلندا الشمالية (الغارديان)

كان رحيل مايكل أونيل عن القيادة الفنية لمنتخب آيرلندا الشمالية أمراً حتمياً، كأحد تداعيات الأزمة التي أصابت كرة القدم بسبب تفشي فيروس «كورونا»؛ لكن هذا لا يقلل على الإطلاق من أهمية الإعلان عن هذا الرحيل. وكان من المقرر أن يقود أونيل، البالغ من العمر 50 عاماً، منتخب بلاده في ملحق التصفيات المؤهلة إلى كأس الأمم الأوروبية؛ لكن الملحق والبطولة نفسها تم تأجيلهما بسبب وباء «كورونا».
وكان أونيل قد عُين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مديراً فنياً لستوك سيتي، واستمر في منصبه مع منتخب آيرلندا الشمالية لحين الانتهاء من التصفيات. وبعد استقالته من تدريب منتخب آيرلندا الشمالية، أكد أونيل الذي يركز الآن على تدريب نادي ستوك سيتي الإنجليزي، أنه ليس من نوعية الأشخاص الذين يحبون التنقل كثيراً. وفي الحقيقة، تجب الإشادة بما حققه أونيل مع منتخب بلاده، وبالقرار الذي اتخذه من أجل التركيز مع ناديه.
وما زلت أتذكر صورة أونيل وهو يقفز في الهواء فرحاً على ملعب «بارك أولمبيك ليون» بفرنسا، بعد تسجيل اللاعب نيال ماكجين الهدف الثاني لمنتخب آيرلندا الشمالية في مرمى أوكرانيا قبل أربع سنوات تقريباً، وهو الهدف الذي ضمن الفوز لآيرلندا الشمالية، ومنحها مقعداً في الأدوار الإقصائية لكأس الأمم الأوروبية 2016 بفرنسا.
وكان تأهل آيرلندا الشمالية لكأس الأمم الأوروبية هو أول ظهور لها في أي بطولة كبرى منذ 30 عاماً، وبالتحديد منذ الفوز الذي حققته، بقيادة بيلي بينغهام، على إسبانيا في عقر دارها في كأس العالم عام 1982. وفي ذلك الوقت، كان بإمكان بينغهام استدعاء عدد من اللاعبين المميزين الذين يلعبون في أقوى الأندية العالمية، مثل مانشستر يونايتد وآرسنال. أما أونيل فكانت العناصر والخيارات التي لديه محدودة للغاية، وبالتالي فإنه يستحق الإشادة بعدما جعل منتخب آيرلندا الشمالية يحقق أفضل نتائجه، ويعيش أفضل أيامه منذ ثمانينات القرن الماضي.
وخلال فترة الاستعداد لكأس الأمم الأوروبية 2016، شعر كثير من الآيرلنديين بالإهانة عندما تجاهل صحافي بولندي حقيقة أن منتخب آيرلندا الشمالية قد تأهل للبطولة كمتصدر لمجموعته في التصفيات، مشككاً في قدرة هذا المنتخب على منافسة المنتخبات الكبرى وهو «يضم لاعبين من نادي فليتوود المغمور». ربما يكون هذا الاستهزاء قد أثار غضب أونيل؛ لكنه ساعد في توحيد صفوف اللاعبين، وتقديمهم لأفضل أداء ممكن داخل الملعب.
وبموجب تعليمات من أونيل، قام الاتحاد الآيرلندي لكرة القدم بتحسين الاستعدادات للمباريات الدولية، وأقام معسكرات تدريب في مانشستر سيتي وآرسنال، وعزز الطواقم الطبية والرياضية. ومع ذلك، لم يكن هناك علاج لمشكلة نقص المواهب التي يمكن لأونيل الاعتماد عليها في مثل هذه البطولات الكبرى.
وفي آخر مباراة لأونيل على رأس القيادة الفنية لآيرلندا الشمالية، وهي المباراة التي مني فيها بهزيمة قاسية أمام ألمانيا بستة أهداف مقابل هدف وحيد في نوفمبر، ضمت التشكيلة الأساسية لآيرلندا الشمالية ستة لاعبين يلعبون في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا، ولاعباً في دوري الدرجة الثانية، واثنين من الدوري الاسكوتلندي الممتاز، واثنين من أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، منهما حارس المرمى الاحتياطي لنادي بيرنلي، بايلي بيكوك فاريل، الذي لم يشارك بعد في أي مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز.
وكان نقص المواهب واللاعبين الجيدين مشكلة واحدة من المشكلات التي كانت تواجه أونيل الذي كان يقضي – قبل توليه قيادة ستوك سيتي في نوفمبر - عطلات نهاية الأسبوع وعديداً من أمسيات أيام الأسبوع في السفر من منزله في إدنبره لمشاهدة مباريات الدوريات الأدنى، من أجل رؤية أكبر عدد ممكن من اللاعبين الذين يمكن ضمهم لصفوف منتخب بلاده. وكان يواجه عقبات أخرى، من بينها تغيير العقلية الكروية في بلاده.
وكان أونيل يأتي في المرتبة الرابعة في قائمة أكثر المديرين الفنيين استمراراً في تولي القيادة الفنية للمنتخبات في أوروبا حتى الأسبوع الماضي؛ حيث استمر في منصبه ثماني سنوات ونصف سنة، وهو ما يعد بمثابة شهادة على ثقة الاتحاد الآيرلندي لكرة القدم في قدراته، وشهادة على جودته وولائه لمنتخب بلاده، في ظل العروض التي كانت تنهال عليه من الأندية. كما حاول منتخب اسكوتلندا الذي شعر بحرج شديد بسبب النتائج الرائعة التي يحققها منتخب آيرلندا الشمالية، التعاقد معه.
وعندما تولى أونيل القيادة الفنية لمنتخب بلاده، خلفاً لنايغل ورثينغتون، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011. لم يكن منتخب آيرلندا الشمالية قد حقق الفوز سوى مرتين فقط في آخر 24 مباراة، على مدار عامين وثمانية أشهر. واستمر هذا الانهيار في البداية؛ حيث شهدت أول مشاركة في التصفيات تحت قيادة أونيل – وهي تصفيات كأس العالم 2014 – حصول منتخب آيرلندا الشمالية على سبع نقاط فقط من عشر مباريات، وهي المسيرة التي شهدت أيضاً الهزيمة أمام منتخبات متواضعة مثل لكسمبورغ وأذربيجان. وكان اللاعبون يفكرون في اعتزال اللعب الدولي، أو يذهبون إلى معسكرات المنتخب وكأنها رحلة ترفيهية. وقال أونيل عند تسلمه جائزة أفضل مدرب في بلفاست من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لعام 2015: «كان من الأسهل بالنسبة لي أن أرحل، وأن يتعاقد الاتحاد الآيرلندي لكرة القدم مع شخص آخر».
ولم تكن الثقة بالنفس والعمل الجماعي القوي والمجهود الكبير، هي العوامل الوحيدة التي أدت إلى تطور مستوى منتخب آيرلندا الشمالية بهذا الشكل الملحوظ، ولكن كانت هناك عوامل أخرى، مثل الذكاء الخططي والتكتيكي من جانب أونيل، واهتمامه بأدق التفاصيل في عمله. فبعد الهزيمة أمام بولندا في المباراة الافتتاحية لكأس الأمم الأوروبية 2016، على سبيل المثال، أعاد أونيل مشاهدة المباراة باستخدام زوايا تصوير مختلفة حصل عليها من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وخلص إلى أن لاعبي فريقه بحاجة إلى مزيد من الجري في منطقة خط الوسط وعلى الأطراف. ونتيجة لذلك، أجرى أونيل خمسة تغييرات على تشكيلة آيرلندا الشمالية أمام أوكرانيا، بما في ذلك استبعاد مهاجم سندرلاند كايل لافرتي. وقد ساعدته هذه الجرأة في تحقيق فوز لا ينسى على المنتخب الأوكراني.
وكان من الممكن أن يقود أونيل منتخب آيرلندا الشمالية في بطولات كبرى أخرى؛ حيث كان بإمكانه التأهل لنهائيات كأس العالم 2018، لولا الخسارة بركلة جزاء مثيرة للسخرية أمام سويسرا، عندما اصطدمت كرة اللاعب السويسري شيردان شاكيري بظهر المدافع كوري إيفانز ليحتسب حكم اللقاء ركلة جزاء.
وكان أونيل في حاجة لقيادة منتخب آيرلندا الشمالية لتحقيق فوزين في التصفيات، من أجل التأهل لكأس الأمم الأوروبية للمرة الثانية على التوالي، لولا توقف النشاط الرياضي بسبب تفشي فيروس «كورونا». وكان تأجيل التصفيات حتى أكتوبر (تشرين الأول) يعني أنه سيكون من الصعب على أونيل أن يجمع بين العمل على رأس القيادة الفنية لمنتخب بلاده ولنادي ستوك سيتي في الوقت نفسه، وبالتالي قرر أونيل الاستقالة من تدريب آيرلندا الشمالية في هدوء، من خلال نشر بيان على الموقع الرسمي للاتحاد الآيرلندي لكرة القدم.
وفي الوقت الحالي، يبحث الاتحاد الآيرلندي لكرة القدم عن بديل لأونيل، وتشير التقارير إلى أن المدير الفني لمنتخب آيرلندا الشمالية تحت 21 عاماً، إيان باراكلو، هو المرشح الأبرز لهذا المنصب؛ لكن البناء على إرث أونيل سيكون بمثابة مهمة لا يحسد عليها بكل تأكيد.
وعلَّق أونيل على رحيله قائلاً: «كنت أتطلع إلى فرصة قيادة آيرلندا الشمالية في ملحق كأس أوروبا 2020 ضد منتخب البوسنة والهرسك، وفرصة المنافسة على التأهل لبطولة كبيرة أخرى؛ لكن الوضع الحالي يعني أن ذلك لم يعد ممكناً». وتابع: «كان من المهم أن أترك الاتحاد والمنتخب في أقوى وضع ممكن، ليس فقط من أجل توفير أفضل فرصة للتأهل إلى كأس أوروبا 2021؛ لكن أيضاً لإتاحة الوقت للمدرب الجديد للبناء على النجاح الذي تحقق خلال ولايتي التي امتدت ثماني سنوات».


مقالات ذات صلة

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان (أ.ب)

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، الجمعة، إن فريقه أظهر كثيراً من نقاط الضعف في آخر مباراتين، ويجب أن يجد التوازن الصحيح بين الدفاع والهجوم.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه يتحمل عبء إثبات أنه يستطيع تصحيح مسار الفريق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (أ.ف.ب)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على لقب البريميرليغ

قال إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، إن فريقه الشاب لا ينافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: ما زال بإمكاننا التحسن

تلقى أتلتيكو مدريد دفعة معنوية هائلة بعد الفوز في ست مباريات متتالية، لكن المدرب دييغو سيميوني قال إن فريقه لا يزال لديه مجال كبير للتحسن.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية محمد صلاح سينتهي عقده مع ليفربول بنهاية الموسم (إ.ب.أ)

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

لمدة عقد تقريباً، كان أحد ألمع النجوم في سماء الدوري الإنجليزي، ويُصنف على أنه ربما يكون أفضل لاعب في جيله.

The Athletic (لندن)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».