مصر تعلن مقتل «متشددين» في مداهمة لبؤرة إرهابية بسيناء

خبراء أمنيون يؤكدون أن عودة «المتطرفين» لزرع العبوات «دليل ضعف»

مشيعون في قرية إبوان بمحافظة المنيا يحملون نعش ضابط قتل في انفجار بشمال سيناء أول من أمس (إ.ب.أ)
مشيعون في قرية إبوان بمحافظة المنيا يحملون نعش ضابط قتل في انفجار بشمال سيناء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

مصر تعلن مقتل «متشددين» في مداهمة لبؤرة إرهابية بسيناء

مشيعون في قرية إبوان بمحافظة المنيا يحملون نعش ضابط قتل في انفجار بشمال سيناء أول من أمس (إ.ب.أ)
مشيعون في قرية إبوان بمحافظة المنيا يحملون نعش ضابط قتل في انفجار بشمال سيناء أول من أمس (إ.ب.أ)

أعلنت مصر أمس مقتل عنصرين «متشددين» في مداهمة لبؤرة إرهابية في سيناء. وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، العقيد تامر الرفاعي، عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك» أمس، إنه «استمراراً لجهود القوات المسلحة في مكافحة الإرهاب، وبناءً على معلومات استخباراتية تفيد بتواجد بؤرة إرهابية بإحدى المزارع بشمال سيناء، قامت القوات بتنفيذ عملية نوعية، ونتيجة لتبادل إطلاق النيران، تم استهداف عنصرين (تكفيريين) وصفهم بـ(شديدي الخطورة)، وعثر بحوزتهما على رشاش متعدد، وجهاز لا سلكي، وكمية من الذخائر». وأضاف المتحدث العسكري أن «القوات المسلحة تواصل تنفيذ مهامها بكل إصرار وعزيمة، لاقتلاع جذور الإرهاب، والحفاظ على أمن واستقرار مصر».
وكان الجيش المصري قد أعلن مساء أول من أمس، «انفجار عبوة ناسفة في إحدى مركباته بشمال سيناء، أسفر عن مقتل وإصابة ضابط وضابط صف وثمانية جنود». ليطل مسلسل إرهاب «العبوات الناسفة» من جديد على سيناء المصرية، بعدما اختفى منذ فترة، بسبب نجاح الجيش والشرطة في توجيه كثير من الضربات الاستباقية لـ«الإرهابيين» في سيناء، ولأماكن إعاشتهم. وأكد خبراء أمنيون لـ«الشرق الأوسط» أن «العودة لزرع العبوات الناسفة، دليل على ضعف إمكانيات (الإرهابيين)، وتهدف فقط إلى تحقيق صخب إعلامي، والتسبب في وقوع إصابات».
ونعى الرئيس عبد الفتاح السيسي شهداء القوات المسلحة. وقال السيسي مساء أول من أمس، إن «قوى الشر لا تزال تحاول خطف هذا الوطن؛ لكننا بفضل الله، ثم بفضل أبناء مصر وجيشه القوي، صامدون بقوة وإيمان، وقادرون أن نحطم آمال تلك النفوس الخبيثة الغادرة».
وتشن قوات الجيش والشرطة المصرية عملية أمنية كبيرة في شمال ووسط سيناء منذ فبراير (شباط) عام 2018 لتطهير المنطقة من عناصر متطرفة تابعة في أغلبها لتنظيم «ولاية سيناء» (أنصار بيت المقدس سابقاً) الموالي لـ«داعش» الإرهابي، وتعرف العملية باسم «المجابهة الشاملة سيناء 2018».
وأكد اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق في مصر، أن «لجوء التنظيمات الإرهابية لزرع العبوات الناسفة، دليل على عدم قدرتها على المواجهة، وأن أعدادها أصبحت ضعيفة، للقيام بأي مواجهات بالمقارنة بقوات إنفاذ القانون من الشرطة والجيش في سيناء الأكثر عدداً وتسليحاً»، مضيفاً أن «زرع العبوات على جوانب الطرق وأماكن سير دوريات التأمين ومناطق التأمين المنتشرة في صحارى شمال ووسط سيناء يدل على فقر كبير في إمكانيات (الإرهابيين)». موضحاً أن «الجماعات الإرهابية لم يعد لديها القدرة على جلب أو امتلاك أسلحة ومعدات مثل السابق، وتعتمد فقط على العمليات التي تقوم بها (الخلايا النائمة) الموجودة في سيناء، والتي تتصرف في حدود الإمكانيات والقدرات المتاحة».
فيما أكد العقيد حاتم صابر، خبير مكافحة الإرهاب الدولي، أن «مؤشرات استهداف مدرعة الجيش في سيناء، تؤكد أن المجموعة التي نفذتها (مُحاصرة ومخنوقة)، ففي عام 2013 نفد (الإرهابيون) ما يقرب من 306 عمليات ضد الدولة المصرية، وفي عام 2019 عملية واحدة، وفي 2020 حتى وقتنا هذا عملية واحدة»، لافتاً إلى أن «التنظيمات الإرهابية استغلت فترة (حظر التنقل الجزئي) في مصر بسبب فيروس (كورونا المستجد) لتسهيل تحرك بعض (الإرهابيين) في مشهد لإعادة اختراق الظهير المدني، مثل ما حدث في حادثة حي (الأميرية) بالقاهرة أبريل (نيسان) الماضي، وعندما فشلوا في ذلك نتيجة يقظة قوات الأمن، عادوا لاستغلال الظهير الصحراوي في سيناء».
وقال صابر إن «أسلوب زرع العبوات الناسفة، تعمل عليه التنظيمات الإرهابية، نظراً لسهولة الإعداد والتجهيز لهذه العبوات، وضمان تحقيق صخب إعلامي، وصعوبة الوصول للمنفذين، وضمان تحقيق إصابات وخسائر... ولجوئهم لذلك عقب فشلهم في عمل أي مواجهات مع الجيش أو الشرطة في سيناء، حيث لم يعد لـ(الإرهابيين) أي قدرات على الأرض».
وشيع مصريون في محافظات مصر أمس، جنازات شهداء الجيش، ورددوا هتافات ضد الإرهاب والجماعة الإرهابية. وأكد مجلس الوزراء المصري «تقدير المصريين لجهود القوات المسلحة في حماية أمن الوطن، وسلامة أراضيه واستقراره والدفاع عن أبنائه ضد أعداء الأوطان والأديان». فيما قال مجلس النواب المصري (البرلمان) إن «مثل هذه الأعمال الإرهابية – التي وصفها باليائسة - لن تفت في عضد القوات المسلحة والشرطة». وذكر الأزهر أن «هذه الأفعال الإجرامية تدل على (خسة) مرتكبيها وتجردهم من أدنى معاني الإنسانية، وعدم مراعاتهم لحرمة الدماء ولا حرمة شهر رمضان». في حين أكدت الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية «تضامنها الكامل مع القوات المسلحة في محاربة الإرهاب، وفي مواجهة كل يحاولون زعزعة استقرار الوطن».
وربط اللواء المقرحي، توقيت العملية الإرهابية في سيناء مساء أول من أمس، بـ«عرض بطولات الجيش المصري أمام العالم من خلال مسلسل (الاختيار)»، لافتاً إلى أن «(الإرهابيين) قصدوا من العملية الإرهابية، أن يصرفوا النظر عن المسلسل؛ لكن ذلك أتى بنتائج عكسية ضدهم، وضد خلاياهم (النائمة أو المنصرفة)».
ويتناول مسلسل «الاختيار» الذي يذاع في رمضان قصة حياة الضابط المصري أحمد المنسي قائد «الكتيبة 103 صاعقة»، في منطقة «البرث» برفح، عام 2017. الذي استشهد خلال إحدى العمليات الإرهابية. واتفق مع الرأي السابق العقيد صابر، الذي قال «حاول (الإرهابيون) عمل أي زخم ضد مسلسل (الاختيار)، الذي فضح مخططهم في سيناء». وكانت الحكومة المصرية قد أكدت مساء أول من أمس، أن «هذه المحاولات الخسيسة (أي حادث سيناء) مصيرها إلى زوال، وسيبقى الوطن آمناً، وسيذكر التاريخ من دافعوا عن الأوطان بحروف من نور في كتب التاريخ، مثلما نتذكر نحن الآن الشهيد المنسي، ورفاقه بكل الفخر والاعتزاز، بينما سيظل (الإرهابيون) وأعوانهم يلاحقهم الخزي والعار».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.