توتر تركي ـ أوروبي حول تفجير عفرين

الجيشان الروسي والتركي يسيران دوريتين مشتركتين في إدلب وشرق الفرات

TT

توتر تركي ـ أوروبي حول تفجير عفرين

سير الجيش التركي مع القوات الروسية دوريتين في شمال غربي سوريا وشمالها الشرقي، في وقت قالت الرئاسة التركية إن منفذ تفجير عفرين الدامي ينتمي إلى «الوحدات» الكردية أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وسط توتر تركي - أوروبي حول مسبب التفجير.
ولم يكشف بيان الرئاسة التركية، الذي صدر ليل الأربعاء - الخميس، عقب إعلان ولاية هطاي القبض على شخص يشتبه بأنه قام بإحضار «الصهريج المفخخ» الذي استخدم في التفجير الذي قالت وزارة الدفاع التركية إنه خلف 40 قتيلا، بينهم 11 طفلا، و47 جريحا، عن اسم منفذ الهجوم. وأعرب رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، عن استنكار بلاده لبيان الاتحاد الأوروبي الذي أدان فيه تفجير عفرين، دون إشارة إلى الجهة المنفذة.
وأصدر مكتب الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بيانا أول من أمس، أدان فيه التفجير مجددا دعم الاتحاد لدعوات المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، بخصوص وقف إطلاق النار في عموم أراضي سوريا. وأكد أن العملية السياسية تحت مظلة الأمم المتحدة هي السبيل الوحيد لإحلال الأمن والاستقرار في سوريا.
وعلق ألطون على البيان، على «تويتر»، قائلا إن «التنظيمات الإرهابية لا تُطَالب بوقف إطلاق النار، هي تُدان فقط، ويتم التنديد بجرائمها، ومحاربتها. الاتحاد لا يزال عاجزا عن الوقوف في المكان الصحيح في الحرب ضد الإرهاب، وهذ أمر لا يمكن قبوله... مرتكب هذا الاعتداء معروف، وبالتالي واضح للجميع. والذين يتحملون مسؤولية الهجوم أيضا، أولئك الذين دعموا ذلك «التنظيم الإرهابي» بالسلاح رغم تحذيراتنا (في إشارة إلى الولايات المتحدة)».
من جانبه، طالب المتحدث باسم قسد، كينو غابرييل، تركيا بالتحقيق في تفجير عفرين، وعدم الاكتفاء بتوجيه الاتهامات من دون أدلة حقيقية كافية.
وقال غابرييل، في تصريحات مساء أول من أمس: «ندين التفجير الإرهابي الذي وقع في عفرين كما ندين جميع الأعمال الإرهابية التي تحصل في سوريا وضد جميع مكونات الشعب السوري... ليست لدينا معلومات تفصيلية عن الحادث، ولسنا الجهة التي تقوم بالتحقيق في هذا التفجير، لكن هذه العملية وقعت في مناطق تحتلها تركيا ويفترض أن تقوم بتأمين حمايتها وضمان أمنها بشكل كامل وهو ما لا يحصل أبداً».
وأشار إلى أن هناك مشاكل تحدث بين الفصائل المختلفة والمتناقضة التي تدعمها تركيا والتي تحاول الاستفادة منها وتحريكها في اتجاهات مختلفة، كما أن هناك مشاكل لتركيا مع جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) وغيرها، حيث كانوا في أوقات سابقة يدعمونها، كما أن لتركيا الكثير من التناقضات في المناطق التي تحتلها في الشمال السوري، وعليه يمكن لأي جهة من هذه الجهات أو حتى لجهات رسمية تركية أن تقوم بمثل هذه الأعمال من أجل تحريك المجتمع السوري أو الدولي». وأضاف غابرييل أنه «من دون أي مقدمات أو تحقيقات قامت تركيا باتهام قسد بالوقوف وراء هذا التفجير، وهو أمر نرفضه بشكل قاطع، ويأتي ضمن سياسة ممنهجة للمؤسسات التركية الرسمية لاتهام قسد بالعديد من الأمور الملفقة الباطلة».
بالتوازي، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، مقتل 4 من عناصر الوحدات الكردية خلال محاولتهم التسلل إلى ما يسمى بمنطقة عملية «نبع السلام» في شمال شرقي سوريا.
وسيرت تركيا وروسيا دورية جديدة بريف الدرباسية في الحسكة في إطار اتفاق سوتشي الموقع في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حول شرق الفرات. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، إن القوات التركية والروسية، استكملت أمس تسيير الدورية المشتركة السابعة على طريق حلب – اللاذقية الدولي (إم 4) في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
ولم تتمكن القوات المشاركة في الدوية بإكمال مسارها، كالمعتاد بسبب احتجاجات واعتصامات أهالي إدلب وعناصر هيئة تحرير الشام الرافضين للوجود الروسي وللاتفاقات التركية الروسية، وتم الاكتفاء بتسيير الدورية بشكل مختصر في مسافة لا تتجاوز 3 كيلومترات من قرية ترنبة في سراقب إلى النيرب في الريف الشرقي لإدلب. ووزعت القوات التركية المتمركزة في أريحا جنوب إدلب منشورات على المواطنين تدعوهم فيها إلى المساعدة في تسهيل مرور الدوريات المشتركة في المنطقة.
على صعيد آخر، تجمع عشرات المحتجين من أهالي منطقة معارة النعسان وريفها، وقاموا بقطع الطريق الواصل إلى بلدة ميزناز في ريف حلب الغربي، لمنع الشاحنات من المرور عبر المعبر التجاري الذي تحاول هيئة تحرير الشام افتتاحه مع مناطق سيطرة قوات النظام.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.