الاكتئاب العدواني يقود إلى «اعتلال المزاج التدميري»

يحدث نتيجة عوامل جينية وبيئية ونفسية تؤثر على الأطفال

الاكتئاب العدواني يقود إلى «اعتلال المزاج التدميري»
TT

الاكتئاب العدواني يقود إلى «اعتلال المزاج التدميري»

الاكتئاب العدواني يقود إلى «اعتلال المزاج التدميري»

على الرغم من دراية معظم الآباء بتأثير الحالة النفسية السيئة على أطفالهم فإن هناك نسبة قليلة فقط تعلم أن الأمر يمكن أن يصل إلى الاكتئاب الفعلي وربما إلى ما تمكن تسميته «اعتلال المزاج التخريبي أو التدميري- Disruptive Mood Dysregulation». والحقيقة أن معظم أعمال العنف التي يقوم الأطفال بارتكابها في الأغلب تكون نتيجة لمشكلة نفسية في الأساس. وتتراوح نسبة حدوث هذا النوع من الاكتئاب بين 2 و5 % من الأطفال وهي تعد نسبة كبيرة إلى حدٍّ ما مقارنةً بالكثير من الأمراض العضوية. وفي الأغلب تكون نسبة الإصابة في الذكور أعلى منها في الإناث.
-- اكتئاب مدمِّر
الاكتئاب المدمّر منتشر أكثر في مرحلة الطفولة وما قبل المراهقة ويقل تدريجياً مع البلوغ. ويعد هذا التشخيص حديثاً نوعاً ما تبعاً لتصنيف الجمعية الأميركية للطب النفسي، حيث كان يصنَّف كجزء من مرض «الاكتئاب ثنائي القطب- bipolar disorder» والذي يمكن أن تحدث فيه نوبات غضب ولكنها تكون متباعدة. وفي بعض الأحيان كان يتم تشخيص المرض على أنه نوع من الخلل السلوكي مثل التوحد.
> الأسباب: لا يوجد سبب محدد للمرض، ولكن يمكن أن تسهم عدة عوامل في حدوثه، مثل العامل الجيني والبيئي والنفسي مثل التعرض لطفولة تعيسة جراء المعاملة السيئة من الأبوين أو الاعتداء البدني على الطفل. ومن المعروف أن هذه العوامل تؤثر بشكل عضوي على التركيب الداخلي للمخ، وعند إجراء أشعة رنين مغناطيسي للأفراد الذين يعانون من الاكتئاب تبين أن المراكز المسؤولة عن العواطف والتفكير والنوم والشهية والمزاج جميعها تعمل بشكل مختلف عن الأشخاص الطبيعيين الذين لا يعانون من مشكلات نفسية نتيجة لخلل في «الموصلات العصبية- neurotransmitters» الناقلة للإشارات في هذه المراكز، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تغيّر ردود الأفعال تجاه العديد من المواقف المختلفة سواء بالإيجاب (في حالة ثنائي القطب) أو بالسلب (الاكتئاب العدواني) بشكل مبالغ فيه، ولذلك فإن توصيف المرض بعدم التنظيم يعد وصفاً دقيقاً.
> الأعراض: يتميز المرض بنوبات مزمنة شديدة الحدة من القلق والغضب. ومثل بقية الأمراض النفسية المزمنة يمكن أن يلازم الطفل لفترات طويلة لاحقاً ويؤثر بالسلب على الأداء الدراسي. وفي الغالب يبدأ المرض قبل أن يبلغ الطفل العاشرة.
-- التشخيص والعلاج
> التشخيص: قام الأطباء بوضع مقاييس معينة لتشخيص الطفل بهذا المرض منها:
- أن يتم التعبير عن الغضب إما بشكل اضطراب في المشاعر عن طريق التوتر والقلق الدائمين بشكل لفظي مثل عبارات الغضب والتفوه بألفاظ عنيفة وجارحة للآخرين أو الصراخ، وإما عن طريق الأفعال التي تتميز بالعنف مثل الاعتداء على الأشخاص أو تحطيم الممتلكات أو كليهما (العنف اللفظي والجسدي.) وفي الأغلب يحدث هذا في معظم المرات التي يقضي فيها الطفل وقتاً مع الآخرين سواء مع الأقران أو الآباء أو المدرسين، ويكون دائم الشجار وافتعال المشكلات لأتفه الأسباب.
- تكون النوبات مبالغاً فيها جداً تبعاً للحدث، كما تكون غير مناسبة لعمر الطفل، بمعنى إمكانية أن يستخدم الطفل ألفاظاً شديدة العدوانية على من هم في مثل عمره كالتهديد بالقتل أو بالذبح أو أفعال بدنية مدمرة مثل تحطيم واجهات زجاجية أو إشعال حرائق أو استخدام أسلحة بيضاء أو ضرب الأقران بشكل يُحدث بهم جروحاً عميقة.
- في الأغلب تحدث هذه النوبات بمعدل 3 مرات أو أكثر في الأسبوع وكذلك أكثر من مرة في اليوم الواحد.
- يجب أن تحدث هذه النوبات على الأقل في 3 أماكن مختلفة تبعاً لبيئة الطفل مثل المدرسة والبيت والشارع أو النادي.
- ويجب أن يتم فحص الطفل من خلال طبيب متمرس خصوصاً أن هذه المقاييس يمكن أن تكون جزءاً من نمو الطفل الطبيعي قبل عمر السادسة، ولذلك لا يمكن تشخيص طفل بهذا المرض قبل هذا العمر أو بعد عمر 18 عاماً.
- بين هذه النوبات يكون الطفل غاضباً معظم الوقت بعكس مرض الاكتئاب ثنائي القطب.
يعتمد العلاج بشكل أساسي على التشخيص ولذلك كلما كان التشخيص مبكراً زادت فرص الشفاء بشكل كامل، ولذلك يجب العرض على طبيب أطفال في البداية ليتم استبعاد المرض العضوي، حيث إن بعض أنواع العدوى الفيروسية التي تصيب الغدة الدرقية تؤدي إلى نفس الأعراض تقريباً وأيضاً هناك بعض أنواع من الأدوية يمكنها تسبيب ذلك، وهو الأمر الذي يمكن أن يستدعي إجراء بعض التحاليل لتأكيد عدم وجود مرض عضوي، وفي هذه الحالة يتم التحويل إلى الطبيب النفسي لمعرفة التشخيص على وجه الدقة خصوصاً أن أعراض المرض يمكن أن تتشابه إلى حد كبير مع أعراض نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).
-- العلاج: في الأغلب يعتمد العلاج بشكل أساسي على المنهج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy) الذي يهدف إلى تغيير الأفكار السلبية للأطفال وتعليمهم التحكم في الغضب وضبط ردود الأفعال وفهم النيات الحقيقية للآخرين وعدم التعامل معهم بعدوانية. ويكون استخدام الأدوية في بعض الأحيان مقتصراً على معالجة الأعراض المصاحبة لمظاهر الغضب مثل المهدئات ولكن يفضّل عدم استخدامها لفترات طويلة. ويمكن أيضاً إعطاء الأدوية المحفزة للمخ (Stimulant) والتي تستعمل في علاج حالات نقص الانتباه وفرط النشاط ولكن تبعاً لاحتياطات خاصة بطبيعة الحال، حيث إن هذه الأدوية يمكن أن تؤدي إلى الإدمان إذا تم استخدامها بشكل سيئ خصوصاً للأطفال في مرحلة المراهقة.
- استشاري طب الأطفال



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.