بين الجلطات الدموية وعاصفة السيتكوين... مضاعفات «كورونا» مفاجئة ومتعددة

طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أ.ف.ب)
طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أ.ف.ب)
TT

بين الجلطات الدموية وعاصفة السيتكوين... مضاعفات «كورونا» مفاجئة ومتعددة

طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أ.ف.ب)
طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أ.ف.ب)

تطول قائمة المشاكل الصحية المرافقة لمرض «كوفيد - 19» أسبوعاً بعد آخر مع التهابات حادة ومضاعفات عصبية ووعائية - قلبية، كان آخرها حالات أطفال مصابين بأعراض قوية شبيهة نوعاً ما بداء كواساكي.
فقد أشار أطباء أطفال إلى حالات أطفال ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا المستجد تظهر عليهم التهابات «متعددة» تشير إلى نوع غير اعتيادي من مرض كواساكي.
ويصيب هذا المرض الذي شخّص للمرة الأولى في اليابان عام 1967، الأطفال الصغار خصوصاً. ولا يعرف سبب هذا المرض بالتحديد وقد يكون عائداً إلى عوامل عدوى، من جينية ومناعية، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن لم يثبت حتى الآن الرابط مع فيروس كورونا المستجد.
وقبل إصابة أطفال بهذه الأعراض، كان معروفاً أن مرض «كوفيد - 19» يؤدي في الحالات الحادة بأغراض المتلازمة التنفسية الحادة (سارس) ويصيب المسنين خصوصاً، والبالغين الذين لديهم عوامل خطر أخرى مثل السكري والضغط والوزن الزائد، فضلاً عن قصور في القلب أو في التنفس.
لكن مع مرور الوقت، تكتشف الطواقم الطبية خصائص ومضاعفات أخرى مرتبطة بهذا المرض المستجد على الإنسان والأطباء كذلك.
وقال الطبيب هارلان كرومولز من جامعة يال لمجلة «ساينس» الأميركية المتخصصة، إن «(كوفيد - 19) قد يهاجم كل شيء في الجسم مع عواقب كارثية».
وأضاف طبيب القلب المكلف جمع البيانات السريرية حول المرض في الولايات المتحدة، أن «شراسة الفيروس لافتة».
ورصد الأطباء في الحالات الخطرة أن «كوفيد - 19» قد يؤدي إلى نشاط مناعي جامح يسمى «عاصفة السيتكوين» التي قد تسبب الوفاة.
وقد وصفت هذه الظاهرة قبل نحو عشرين عاماً ورصدت في فيروسات كورونا أخرى مثل سارس في 2003، وملازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) في 2012، ويشتبه في أنها وراء الوفيات الهائلة الناجمة عن «الإنفلونزا الإسبانية» في 1918 - 1919 التي حصدت نحو 50 مليون ضحية.
وبات جزء من البحث العلاجي يركز بالتحديد على هذا الرد المناعي الجامح كما هي الحال في التجربة السريرية الواعدة الجارية في فرنسا على عقار «توسيليزوماب» الذي يضبط المناعة.
وتشكل خسارة حاسة الشم وبقدر أقل الذوق، أحد أهم مؤشرات الإصابة بالمرض.
وتظهر عمليات رصد سريرية كذلك، احتمال حدوث إصابات عصبية مرتبطة بـ«كوفيد - 19» في بعض الحالات الخطرة.
وأظهرت دراسة مراقبة أجريت في مستشفى ستراسبورغ ونشرتها في 15 أبريل (نيسان) مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف مديسين» نسبة واسعة من المرضى يعانون من هياج وتشوش بعد خروجهم من قسم الإنعاش.
لكن الدراسة أشارت إلى «نقص في البيانات لمعرفة» إن كانت هذه الاضطرابات مرتبطة بالعواصف المناعية هذه أو بالالتهاب نفسه أو هو نتيجة العناية المركزة.
في مطلع أبريل، أشار فريق ياباني إلى وجود آثار للفيروس في السائل الدماغي الشوكي لدى مريض يعاني من «كوفيد - 19» أصيب بالتهاب في السحايا والدماغ؛ ما يشير إلى احتمال أن يدخل الفيروس النظام العصبي المركزي.
تشير دراسات متزايدة تقوم على المراقبة خصوصاً حتى الآن، من دون تفسير واضح، إلى عدد كبير من المضاعفات الوعائية القلبية بين حالات «كوفيد - 19» الحادة.
في نهاية مارس (آذار)، وثقت دراسة نشرت في مجلة «جاما» إصابات في القلب لدى 20 في المائة من مجموعة ضمت أكثر من 400 مريض أدخلوا المستشفى في ووهان في الصين.
وبموازاة ذلك، رصد كذلك تشكل جلطات دموية غير طبيعية لدى قسم من المرضى. وقد أظهرت دراسة هولندية شملت مجموعة من 200 مريض أن هذا الأمر سجل لدى ثلث من بينهم.
وقد يكون لتجلطات الدم عواقب مأسوية مع جلطات دماغية أو رئوية أو أزمات قلبية.
وأفادت شاري بروسنان، طبيبة الإنعاش المتخصصة بالرئتين في مستشفى لانغون في نيويورك، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن هذا «التخثر لا يشبه التخثر الاعتيادي».
ويرى عدد متزايد من الباحثين أن هذه الجلطات الدموية تلعب دوراً أساسياً في خطورة الإصابة والوفيات.
إلا أن الرابط بين هذه الجلطات الدموية والفيروس لا يزال غامضاً. وقد يكون غير مباشر ومرتبطاً كذلك بـ«عاصفة السيتكوين».


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

انتقدت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا، بسبب تدخلهما في تحقيقات المحكمة، ووصفت التهديدات والهجمات على المحكمة بأنها «مروعة».

وقالت القاضية توموكو أكاني، في كلمتها أمام الاجتماع السنوي للمحكمة الذي بدأ اليوم (الاثنين)، إن «المحكمة تتعرض لتهديدات بعقوبات اقتصادية ضخمة من جانب عضو دائم آخر في مجلس الأمن، كما لو كانت منظمة إرهابية»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضافت: «إذا انهارت المحكمة، فإنّ هذا يعني حتماً انهيار كلّ المواقف والقضايا... والخطر على المحكمة وجودي».

وكانت أكاني تشير إلى تصريحات أدلى بها السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، الذي سيسيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي وصف المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، وحض الكونغرس على معاقبة المدعي العام للمحكمة.

القاضية توموكو أكاني رئيسة المحكمة الجنائية الدولية (موقع المحكمة)

وقال غراهام لقناة «فوكس نيوز» الأميركية: «أقول لأي دولة حليفة، سواء كانت كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا: إذا حاولت مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسوف نفرض ضدك عقوبات».

وما أثار غضب غراهام إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أن قضاة المحكمة وافقوا على طلب من المدعي العام للمحكمة كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، والقائد العسكري لحركة «حماس» بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 شهراً في غزة.

وقوبل هذا القرار بإدانة شديدة من جانب منتقدي المحكمة، ولم يحظَ إلا بتأييد فاتر من جانب كثير من مؤيديها، في تناقض صارخ مع الدعم القوي الذي حظيت به مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

كما وجهت أكاني، اليوم (الاثنين)، أيضاً انتقادات لاذعة لروسيا، قائلة: «يخضع كثير من المسؤولين المنتخبين لمذكرات توقيف من عضو دائم في مجلس الأمن».

وكانت موسكو قد أصدرت مذكرات توقيف بحق كريم خان المدعي العام للمحكمة وآخرين، رداً على التحقيق في ارتكاب بوتين جرائم حرب بأوكرانيا.