إسرائيل تعيد للأردن آخر أراضيه

جنود اسرائيليون متجمعون عند حاجز امني على الحدود الاسرائيلية الاردنية في وادي عربة امس (إ ف ب)
جنود اسرائيليون متجمعون عند حاجز امني على الحدود الاسرائيلية الاردنية في وادي عربة امس (إ ف ب)
TT

إسرائيل تعيد للأردن آخر أراضيه

جنود اسرائيليون متجمعون عند حاجز امني على الحدود الاسرائيلية الاردنية في وادي عربة امس (إ ف ب)
جنود اسرائيليون متجمعون عند حاجز امني على الحدود الاسرائيلية الاردنية في وادي عربة امس (إ ف ب)

في احتفال غير رسمي ومتواضع، أعادت إسرائيل للأردن، اليوم الخميس، منطقة الغمر، وهي جيب يقع جنوب شرقي البحر الميت، كانت قد استأجرته قبل 25 عاما، فيما أكدت الحكومة الأردنية انتهاء الفترة الإضافية التي منحتها المملكة للمزارعين الإسرائيليين لحصاد ما كانوا زرعوه من محصول في منطقة الغمر، بعد انتهاء العمل بالملحق الخاص في معاهدة السلام الذي كان سمح لإسرائيل بزراعة المنطقة وفق نظام خاص.
وأقام الحفل 35 مزارعا إسرائيليا كانوا يفلحون الأرض هناك ويزرعونها بالفلفل منذ سنة 1967. وقال رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات الإسرائيلية في غور الأردن، إيال بلوم، الذي يستأجر إحدى قطع الأرض في الغمر، إنه ورفاقه يتركون هذه الأرض بألم شديد لأن وجودهم فيها جلب لها الخيرات. ولكنه في الوقت ذاته يعرف أنه يعيد الحق لأصحابه. ولذلك، ونتيجة لبرود العلاقات الرسمية بين الأردن وإسرائيل، بادر هو ورفاقه المزارعون للاحتفال «كي نقول شكرا للجنود الأردنيين والإسرائيليين الذين وفروا لنا العمل بأمان طيلة عقود طويلة».
المعروف أن عشرات المزارعين الإسرائيليين كانوا يستخدمون منطقتين في الأراضي الأردنية، هما الباقورة (التي كانت قد احتلت سنة 1950) والغمر (التي احتلت سنة 1967). وعلى إثر توقيع اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية في العام 1994. اتفق على أن يواصل المزارعون الإسرائيليون العمل في هاتين المنطقتين 25 عاما قابلة للتمديد. ولكن التوتر في العلاقات جعل الأردن يعلن، في نهاية العام 2018، رفضه تمديد عقد التأجير. ولإعطاء القرار بعدا سياسيا، أعلنه الملك الأردني عبد الله الثاني بنفسه، في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2018، قبل انقضاء فترة التأجير بعام كامل. وقد اعتبر القرار بمثابة تعبير عن غضب الأردن من سلسلة قرارات إسرائيلية بدءا باقتحامات الأقصى وإغلاق بواباته وحتى النية لضم غور الأردن.
وكانت مصادر سياسية قد حذرت حكومة بنيامين نتنياهو من تدهور العلاقات مع الأردن، وقالت إنه يتسبب في تهديد مصالح إسرائيل مع الدولة التي يجمعها معها أطول حدود وأكثرها أمانا. وقال إيرز غيبوري، وهو أحد المزارعين الذين تم إخلاؤهم من الغمر، أمس، إنه «كان بإمكان إسرائيل التغلب على هذه الأزمة، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن مهما بالدرجة الكافية بالنسبة لصناع القرار. لقد جعلتنا حكومتنا ورقة مساومة».
وكانت الحكومة قد وعدت بمنح هؤلاء المزارعين أرضا بديلة، من الأراضي الفلسطينية المحتلة في غور الأردن، لإعادة إقامة مزارعهم. وخصصت لهم 20 مليون شيكل (6 ملايين دولار) لهذا الغرض. ولكنهم شكوا من مماطلة في تنفيذ الوعود.
وفي بيان أصدرته وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن، أمس الأربعاء، أكدت سماحها لمزارعين إسرائيليين الدخول لمنطقة الغمر لفترة إضافية لحصاد محصولهم تحت القانون الأردني بشكل كامل وبعد الحصول على تأشيرات دخول، وليس تحت النظام الخاص الذي انتهى العمل به في العاشر من أكتوبر الماضي.
وشدد الناطق باسم وزارة الخارجية السفير ضيف الله الفايز، أن الحكومة كانت أبلغت الجانب الإسرائيلي أن الفترة الإضافية تنتهي مع مساء يوم الأربعاء.
وتبلغ مساحة منطقة الغمر ٤٢٣٥ دونماً وهي أراض مملوكة لخزينة الدولة الأردنية.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».