تبادل اتهامات بين أنقرة و«الوحدات» الكردية حول تفجير عفرين

سوريون على دراجات قرب دورية عسكرية تركية في ريف إدلب (أ.ف.ب)
سوريون على دراجات قرب دورية عسكرية تركية في ريف إدلب (أ.ف.ب)
TT

تبادل اتهامات بين أنقرة و«الوحدات» الكردية حول تفجير عفرين

سوريون على دراجات قرب دورية عسكرية تركية في ريف إدلب (أ.ف.ب)
سوريون على دراجات قرب دورية عسكرية تركية في ريف إدلب (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات التركية القبض على شخص يشتبه بأنه هو من قام بجلب شاحنة الوقود المفخخة إلى موقع انفجار عفرين في ريف حلب الشمالي الذي أودى بحياة عشرات المدنيين أول من أمس، في وقت أدان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، التفجير الدموي، محملاً «سياسة الدمار» التركية المسؤولية عن هذا «العمل الإرهابي».
وكتب عبدي عبر «تويتر» اليوم (الأربعاء): «ما حدث في عفرين عمل إرهابي مدان، تسبب في إزهاق أرواح بريئة. هذا العمل الإجرامي هو نتاج سياسة الدمار التي انتهجها الاحتلال التركي ومرتزقته في مدينة السلام والزيتون». وفي وقت سابق، استنكر «مجلس سوريا الديمقراطية» هجوم عفرين، وحمّل تركيا والفصائل المتحالفة معها المسؤولية عنه.
وقالت ولاية هطاي التركية، في بيان أمس (الأربعاء)، إن فرق الأمن ألقت القبض على شخص مشتبه بجلبه المركبة التي انفجرت إلى موقع الحادث في عفرين، مشيرة إلى أن المصابين في التفجير يخضعون للعلاج في مستشفيات هطاي جنوب تركيا وعفرين.
وأدى تفجير صهريج وقود مفخخ في السوق الرئيسية في مدينة عفرين إلى سقوط 46 قتيلاً بينهم 11 طفلاً، و47 مصاباً، حسبما أعلنت وزارة الدفاع التركية. وقالت مصادر محلية إن عدد القتلى وصل إلى 53 من بينهم 8 عناصر من الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا، والباقي من المدنيين وبينهم 12 طفلاً.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن داعمي وحدات حماية الشعب الكردية والساعين لشطب اسمها من قائمة الإرهاب «مسؤولون أيضاً» عن التفجير «الدنيء» الذي شهدته مدينة عفرين من «إرهابييها». واتهم جاويش أوغلو، عبر «تويتر» الوحدات الكردية التي وصفها بذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا بقتل المدنيين الأبرياء، «غير آبهة لوجود الأطفال ودون اعتبار لشهر رمضان». وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في تغريدة على «تويتر»، إن التفجير الذي نفّذته «المنظمة الإرهابية الغادرة» لن يبقى دون رد.
وتسبب الانفجار في اندلاع نيران أدّت إلى تفحّم الجثث، وفق «المرصد» الذي أكّد وجود مدنيين في عداد الضحايا وستة مقاتلين سوريين موالين لأنقرة على الأقل.
وتعدّ حصيلة القتلى من بين الأعلى في المنطقة منذ سيطرة القوات التركية عليها قبل عامين. واتهمت وزارة الدفاع التركية التي أوردت حصيلة أكبر للقتلى، في تغريدة وحدات حماية الشعب الكردية وحلفاءها «باستهداف المدنيين الأبرياء في عفرين».
وكتبت الوزارة في تغريدة: «قام عدو الإنسانية حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب، باستهداف مدنيين أبرياء في عفرين».
وتسيطر القوات التركية مع فصائل سورية موالية لها منذ مارس (آذار) 2018، على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، والتي كانت تُعد ثالث أقاليم الإدارة الذاتية الكردية، بعد هجوم واسع شنّته على المقاتلين الأكراد الذين تعدهم أنقرة «إرهابيين».
وأدانت وزارة الخارجية الأميركية التفجير. وقالت الناطقة باسم الوزارة مورغان أورتاغوس، إن الهجوم أودى «بأرواح عشرات الأشخاص الذين كانوا يتسوقون في السوق المركزية خلال استعدادهم لإفطار رمضان». وأضافت أن «مثل هذه الأعمال الجبانة والمؤذية غير مقبولة، من أي جهة كانت في هذا النزاع». وأجبرت العمليات العسكرية، وفق الأمم المتحدة، نصف عدد سكان المنطقة البالغ 320 ألفاً، على الفرار. ولم يتمكن العدد الأكبر منهم من العودة إلى منازلهم.
وتتعرض المنطقة بين حين وآخر لتفجيرات واغتيالات تطال قياديين وعناصر من الفصائل الموالية لأنقرة، من دون أن تتبناها أي جهة، بينما تتحدّث منظمات حقوقية عن «انتهاكات» تلحق بالسكان الأكراد الذين لم ينزحوا منها.
في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 11 من عناصر الوحدات الكردية في عملية لعناصر القوات الخاصة التركية (الكوماندوز) جنوب مدينة رأس العين التابعة للمنطقة التي تسميها تركيا «نبع السلام» في شرق الفرات.
وقالت الوزارة، في بيان عبر «تويتر» إن مجموعة من عناصر الوحدات الكردية، «التي تمارس أنشطتها الإرهابية شرق نهر الفرات»، تحرشت بعناصر للجيش التركي متمركزة على مسافة 26 كيلومتراً جنوب مدينة رأس العين، عبر استهدافهم ببنادق آلية وقاذفات صاروخية محمولة، الليلة قبل الماضية، ثم حاولت المجموعة التسلل من مكان آخر، وإن عناصر الجيش المكلفة بالمراقبة رصدوا مجموعة تضم ما بين 10 و15 إرهابياً وأبلغوا جميع مراكز العمليات بذلك، وإثر إطلاق المجموعة النار عبر بنادق آلية وقاذفات صاروخية محمولة، على عناصر الجيش التركي ومحاولتهم الاقتراب من مواقع الجيش، رد الأخير عليها، ما أسفر عن مقتل 11 عنصراً من المجموعة، ولم يتعرض أي من عناصر الجيش التركي أو «القوات الصديقة» (الفصائل السورية) لأي إصابات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.