هبوط مريع لمزاج الشركات والمستهلكين الألمان

جانب من مظاهرة لعدد من وكالات السياحة والسفر في ألمانيا أمس احتجاجاً على إجراءات العزل (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة لعدد من وكالات السياحة والسفر في ألمانيا أمس احتجاجاً على إجراءات العزل (إ.ب.أ)
TT

هبوط مريع لمزاج الشركات والمستهلكين الألمان

جانب من مظاهرة لعدد من وكالات السياحة والسفر في ألمانيا أمس احتجاجاً على إجراءات العزل (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة لعدد من وكالات السياحة والسفر في ألمانيا أمس احتجاجاً على إجراءات العزل (إ.ب.أ)

بدأت ألمانيا اعتباراً من يوم 20 أبريل (نيسان) الحالي إجراءات تخفيف الحجر تدريجياً، وأعلنت عدة تواريخ متلاحقة لإعادة الحياة أو النشاط إلى بعض القطاعات الاقتصادية وغير الاقتصادية. وذلك بعد تقارير صحية أفادت بالنجاح النسبي الذي حققته البلاد لاحتواء تفشي فيروس كورونا (كوفيد - 19)، لا سيما عند المقارنة مع دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا التي شهدت موجات إصابات وضحايا عالية جداً قياساً بألمانيا التي اعتمدت إجراءات الفحوصات الكثيفة والضبط المبكر للتجول.
لكن تقارير اليومين الماضيين عادت لتحذر من التسرع في إجراءات فتح البلاد لأن منحنى الإصابات عاد ليرتفع قليلاً... بينما لا يتسرع أصحاب الاختصاص في الربط بين تخفيف الإجراءات وارتفاع الإصابات، ويدعمهم في ذلك الاقتصاديون الذين ضغطوا على الحكومة لاستئناف بعض أنشطة الاقتصاد. غير أن عالم الفيروسات كريستيان دروستن عبّر عن «قلقه» من فقدان المكتسبات التي تحققت إذا عادت موجة ثانية من تفشي الفيروس، علماً بأن دروستن هو مستشار المستشارة أنجيلا ميركل، منذ بداية الأزمة الصحية التي عادت حكومتها بسببها منذ الاثنين الماضي إلى فرض لبس الكمامات في الأماكن العامة والمتاجر والنقل العام. وبدأت الصحف الألمانية تُظهر التناقضات الحاصلة بين دعوات الاقتصاديين وتحذيرات العاملين في القطاع الصحي.
ويُذكر أن مزاج الأفراد والشركات في ألمانيا هبط في أبريل إلى أدنى مستوى تاريخي، بعدما تأكد الألمان من أن العودة السريعة إلى الحياة الاقتصادية الطبيعية أمر مستبعد حالياً، وعليهم انتظار التدرج البطيء في تلك العودة.
ولجأ ثلث الشركات على الأقل إلى تخفيض الرواتب وساعات العمل، وطالت الإجراءات القاسية حتى الآن 11% من قوة العمل، أي نحو 5 ملايين عامل وموظف.
ورغم أن ألمانيا تحظى بأوضاع اقتصادية وصحية تثير غيرة كل دول الاتحاد الأوروبي، فإن درجات التشاؤم ترتفع بين مواطنيها وشركاتها. تشاؤم يفاقمه الشك في عودة النشاط سريعاً إلى أوصال الاقتصاد وقطاعاته المختلفة. ففي نتائج استطلاع رأي أجرته المؤسسة المتخصصة «إيفو»، تبيّن أن مناخ الأعمال تدهور في أبريل الجاري من مستوى 85.9 نقطة إلى 74.3 نقطة في شهر واحد. وهذا هو الهبوط الأكبر للمؤشر منذ إطلاقه.
وبالنسبة إلى المستهلكين يبدو أن الهبوط حر. إذ وفقاً لدراسة متخصصة أصدرتها مؤسسة «جي إف كيه»، التي تُعنى بمتابعة وجسّ نبض الأسواق التجارية، هبط المؤشر إلى المنطقة السالبة لأول مرة منذ عام 2003، بعدما فقد 25.7 نقطة.
وتشير التقارير المرافقة لنتائج الاستطلاعات إلى أن اضطراب أو توقف سلاسل الإمدادات العالمية بسبب تفشي وباء «كوفيد - 19» وإجراءات احتوائه بالعزل والحجر منذ شهرين تقريباً، ثم إقفال المتاجر نهاية مارس (آذار) الماضي في ألمانيا... كل ذلك أصاب الاقتصاد بشبه شلل جزئي. ووفقاً لأقوى نقابة في البلاد التي تمثل عمال الصلب والحديد والفولاذ، فإن 77% من شركات هذا القطاع مأزومة حالياً أو مقفلة كليا أو جزئياً.
وتتعاظم الآثار السلبية على صعيد الوظائف وفقاً لوكالة العمل الفيدرالية، التي توقعت في تقرير صدر بداية الأسبوع ارتفاع معدل البطالة في الأشهر القليلة المقبلة، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى نحو 3 ملايين شخص، مقابل 2.3 ملايين كما في الشهر الماضي.
أما توقعات الأسر والأفراد على صعيد مداخيلهم، فقد هبط مؤشرها من 47.1 نقطة إلى 19.3 نقطة فقط، كما ورد في استطلاع «جي إف كيه»، الذي أكد أيضاً أن قطاع الاستهلاك الذي يشكل 55% من الناتج الألماني سيبقى «بلا عافية» رغم إعلان العودة التدريجية لبعض الأنشطة الاقتصادية في البلاد.
وستعلن الحكومة قريباً توقعات جديدة للنمو والناتج تصحح التوقعات السابقة، ويتوقع الاقتصاديون ألا تحصل العودة الاقتصادية بشكل حرف «V»، أي عودة سريعة بعد الهبوط المريع، بل بشكل حرف «U» كما أكد أيضاً تقرير لبنك «آي إن جي»... ويعني ذلك أنه لا ارتداد للتعافي سريعاً بل سيبقى فترة عند قاعات معينة بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، ثم يعود تدريجياً للصعود إذا لم تحصل مفاجآت غير سارة على صعيد الإصابات بفيروس «كورونا».
إلى ذلك، تحذر التقارير من تعاظم خوف الألمان من أعباء القروض التي ستتراكم. فبعد سنوات من الانضباط الصارم في الميزانية العامة للدولة، غيّرت الحكومة استراتيجيتها كلياً وعمدت إلى الصرف في كل اتجاه، مع توقع وزارة المالية ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج من 61% العام الماضي إلى 75% مع نهاية العام الحالي. ويترافق ذلك مع خطط إنفاق سابقة لتحديث البنية التحتية وتعزيز البرامج والمرافق الخاصة بالتحول إلى الطاقة النظيفة.



«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.