موسم زراعي قياسي في السودان

صادراته تخطت 1.5 مليار دولار

حقق السودان إنتاجاً غير مسبوق من محصول القمح خلال الموسم الشتوي (أ.ف.ب)
حقق السودان إنتاجاً غير مسبوق من محصول القمح خلال الموسم الشتوي (أ.ف.ب)
TT

موسم زراعي قياسي في السودان

حقق السودان إنتاجاً غير مسبوق من محصول القمح خلال الموسم الشتوي (أ.ف.ب)
حقق السودان إنتاجاً غير مسبوق من محصول القمح خلال الموسم الشتوي (أ.ف.ب)

أعلنت حكومة السودان تحقيق معدلات إنتاجية عالية في محصولات الموسم الزراعي لهذا العام، بلغت نحو 4 ملايين ونصف مليون طن ذرة، و700 ألف طن قمحاً، ونحو 3 ملايين طن فول سوداني، ونحو 5 ملايين ونصف مليون طن من السمسم. وأشارت إلى أن المحاصيل الزراعية حققت نسبة 38 في المائة من الصادرات السودانية بمبلغ مليار ونصف المليار دولار أميركي.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، لدى ترؤسه اجتماع «اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي»، إن الإنتاج غير المسبوق لمحصول القمح خلال الموسم الشتوي، كان نتيجة لتضافر الجهود الرسمية والشعبية بالبلاد. وأكد حمدوك أن التنمية الحقيقية تقوم على القطاع الزراعي الذي يعدّ المخرج للسودان من الأزمات الاقتصادية، مبيناً أن الموارد والإمكانات الزراعية التي يزخر بها السودان تجعله صمام أمان الأمن الغذائي بأفريقيا والعالم العربي.
وتعدّ الفجوة الغذائية من القمح هي التحدي الأكبر الذي يواجه السودان، وتلقي بالعبء على الميزانية نتيجة لعملية استيراده. وحددت الحكومة مبلغ 3.5 ألف جنيه سعراً لجوال القمح عند الشراء من المزارع لصالح المخزون الاستراتيجي، وتسعى الحكومة من خلال تحديد سعر تركيزي للقمح لتشجيع المزارعين على الاهتمام بالمحصول، كما أنها تحاول تغطية 30 في المائة من الاستهلاك المحلي من القمح المنتج محلياً، وتلزم الحكومة المزارعين ببيع محصول القمح لصالح المخزون الاستراتيجي عبر أسعار تركيزية يعدّها المزارعون ضعيفة ولا تتناسب مع تكلفة الإنتاج.
وأشار مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان (أوتشا) في تقرير «بعثة تقييم إمدادات المحاصيل والغذاء إلى السودان» الصادر في فبراير (شباط) 2020، إلى أن إنتاج القمح السوداني هذا العام يقدر بنحو 726 ألف طن، وهو ما يمثل نحو 25 في المائة من إجمالي استهلاك البلاد للقمح البالغ 2.9 مليون طن، مما يشير إلى أن السودان يحتاج هذا العام إلى استيراد نحو 2.2 مليون طن من القمح. وأوضح التقرير أن السودان يستورد ما بين 70 و80 في المائة من محاصيل القمح والذرة والأرز، لأن الإنتاج المحلي أقل من الطلب والاستهلاك.
واستورد السودان نحو 2.7 مليون طن من القمح ودقيق القمح في عام 2019، بنحو 1.1 مليار دولار، وفقاً لتقرير عن التجارة الخارجية صادر عن بنك السودان المركزي. ولتغطية الفجوة في محصول القمح؛ وقّعت الحكومة السودانية مع «برنامج الغذاء العالمي» في 13 أبريل (نيسان) الحالي اتفاقية لاستيراد 200 ألف طن متري من القمح، وتعادل هذه الكمية نحو 10 في المائة من واردات القمح المطلوبة للسودان لعام 2020، وستقوم الحكومة السودانية بالسداد بالجنيه السوداني، مما سيمكن البنك المركزي السوداني من الاحتفاظ بأكثر من 50 مليون دولار بالعملة الصعبة اللازمة لتوفير السلع الاستراتيجية.
وقال وزير الزراعة والموارد الطبيعية السوداني عيسى عثمان شريف، إن اجتماع «اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي»، استعرض معظم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي عموماً، والترتيبات التي جرت من أجل إنجاح الموسم الزراعي الصيفي المقبل بصفة خاصة، وأشار إلى أن الزراعة تمثل العمود الفقري للاقتصاد السوداني ونقطة الانطلاق لكل القطاعات الاقتصادية الأخرى، مبيناً أن الوزارة تبذل جهوداً في عملية الإرشاد الزراعي ونقل التقانة إلى جانب تنظيم المزارعين في جمعيات التعاون الزراعي، وذلك من أجل إحكام التنسيق بين جميع الجهات ذات الصلة بالعمليات الزراعية.
ويعدّ القطاع الزراعي من أكبر القطاعات الاقتصادية في البلاد، ويعتمد 80 في المائة من السودانيين على الزراعة، ويشارك القطاع الزراعي بنحو 44 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ويعدّ المحرك الرئيسي للصناعات الزراعية ومدّها بالمواد الخام. ويمتلك السودان نحو 200 مليون فدان صالحة للزراعة؛ المستغل منها لا يتجاوز 25 في المائة. وأعلنت وزارة الزراعة السودانية أنها تستهدف زراعة نحو 64 مليون فدان في العروة الصيفية هذا العام، منها 4 ملايين فدان في القطاع المروي، و60 مليون فدان في القطاع المطري.
وكانت الحكومة الانتقالية أعلنت عن مشاريع قوانين وخطط مدروسة يجري العمل عليها من أجل خلق بيئة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال العربية والأجنبية، خصوصاً في القطاع الزراعي، للاستفادة من المقومات الطبيعية التي يتمتع بها السودان لتحقيق الأمن الغذائي المحلي والعربي.
وأكد وزير الزراعة السوداني، عيسى شريف، في تصريحات سابقة، أن 6 جهات دولية أبدت رغبتها في تمويل عمليات إعادة تأهيل المشروعات الزراعية الكبرى بالبلاد والتي تعرضت لتدمير ممنهج خلال العقود الثلاثة الماضية. وقال إن الحكومة ترتب لإطلاق صندوق استثماري ضخم لتعزيز الإنتاج في المجالات التي تصب في اتجاه تحقيق الأمن الغذائي المحلي والعربي، وتوقع أن يشكل الصندوق أساساً قوياً لنهضة زراعية غير مسبوقة في السودان.



«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.