غوتيريش يشيد بـ«الخطوات الإيجابية» بين الخرطوم وجوبا حول أبيي

مجلس الأمن يباشر المداولات لتمديد مهمة «يونيسفا» 6 أشهر إضافية

غوتيريش
غوتيريش
TT

غوتيريش يشيد بـ«الخطوات الإيجابية» بين الخرطوم وجوبا حول أبيي

غوتيريش
غوتيريش

أوصى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتمديد ولاية قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي «يونيسفا» ستة أشهر إضافية تنتهي في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، مشيداً بـ«الخطوات الإيجابية» التي اتخذتها الحكومتان في السودان وجنوب السودان. بيد أنه حضهما على تجديد الجهود الرامية إلى «معالجة القضايا التي ظلت بلا حل لمدة طويلة جداً»، ومنها الاتفاق الذي وقعاه في 20 يونيو (حزيران) 2011.
وعلى أثر توصية الأمين العام التي وردت في تقرير جديد أعده حول الوضع في أبيي، باشر أعضاء مجلس الأمن مداولات لهذه الغاية الثلاثاء. وأورد غوتيريش في تقريره أنه خلال الأشهر القليلة الأخيرة اتخذت «خطوات إيجابية» في كل من الخرطوم وجوبا، معبراً عن «تفاؤل بأن ثمار السلام التي تجنى من التحولات الجارية في كلا البلدين، فضلا عن التفاعل القائم بينهما، سيكون لها أثر إيجابي على السلام والتنمية». غير أنه أبرز «الحاجة إلى ضمان التنفيذ الكامل للآليات المنشأة بموجب اتفاقات التعاون في عام 2012». وقال إن حكومتي السودان وجنوب السودان أولتا «اهتماماً محدوداً لمسؤولياتهما في ما يتعلق بأبيي»، مطالباً الطرفين بـ«تجديد الجهود الرامية إلى معالجة القضايا التي ظلت بلا حل لمدة طويلة جداً، بما في ذلك تنفيذ الاتفاق الذي وقعاه في 20 يونيو 2011». وأضاف أن القوة الأمنية المؤقتة ناقشت مع السودان ضرورة تيسير نشر ما تبقى من أفراد شرطة الأمم المتحدة ووحدات الشرطة المشكلة الإضافية المأذون بها، «كي لا يُثقل كاهل قواته، في وقت لا يزال فيه الإجرام يشكل مصدر قلق». وأشار إلى رضاه عن «نتائج اجتماع الآلية السياسية والأمنية المشتركة المعقود في 19 فبراير (شباط) 2020، الذي عرضت فيه القوة الأمنية المؤقتة خططها لإعادة تنظيم نشرها وإقامة نقاط تفتيش وإعادة تنشيط اللجنة المشتركة للمراقبين العسكريين - الأفرقة المشتركة للمراقبين العسكريين، بهدف الحد من حوادث العنف، بما في ذلك تلك التي ترتكبها الجماعات المسلحة»، مؤكداً أن «هذه التدابير ملحة بشكل خاص في ضوء إعادة تشكيل البعثة وضرورة المساعدة على كبح أعمال العنف التي لا تزال تحدث في منطقة أبيي».
وأشاد غوتيريش بالجهود التي تبذلها قيادة القوة الأمنية المؤقتة لعقد مؤتمرات سلام تجمع بين الزعماء التقليديين لكل من قبيلة دينكا نقوك والمسيرية، داعياً الطرفين إلى دعم هذه الجهود. وأوضح أن هذه المؤتمرات لها «أهمية قصوى في تخفيف حدة التوترات عند نشوئها، ولا سيما خلال فترة الترحال الرعوي السنوي»، مؤكداً أن الأمم المتحدة «ستتواصل مع سلطات السودان وجنوب السودان في ما يتعلق بإيفاد خبراء في مجال حقوق الإنسان إلى القوة الأمنية المؤقتة، وفقا لقرارات مجلس الأمن». ونتيجة لذلك، ستزوَّد البعثة بخبرات إضافية وستستفيد السلطات والمجتمعات المحلية من المساعدة التقنية التي ستساعدها على منع انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان والتصدي لها على نحو أفضل. وكشف أن الأمم المتحدة تعتزم السعي إلى نشر موظفين مدنيين رئيسيين آخرين، في حدود الموارد المتاحة، وحسبما طلبه المجلس في قراره الرقم 2497 لعام 2019 من أجل «تمكين القوة الأمنية المؤقتة من تعزيز القدرات المحلية للمساعدة في إدارة عمليات إنفاذ القانون وحفظ النظام، وضمان المعاملة الإنسانية والكريمة للمشتبه فيهم وغيرهم من المحتجزين، وتيسير المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة». وكذلك دعا أعضاء مجلس الأمن إلى «توجيه انتباه أصحاب المصلحة في أبيي إلى ضرورة الاستفادة من الزخم الإيجابي في علاقاتهم الثنائية وإحراز تقدم نحو حل قضية أبيي، لأنّ إناطة ولاية مفتوحة بالقوة الأمنية المؤقتة ليس أمرا مقبولاً أو ميسور التكلفة بالنسبة للمجتمع الدولي على المدى الطويل». وأفاد بأن تأجيل المناقشات المتعلقة بالتوصل إلى تسوية نهائية بشأن وضع أبيي «يحرم القوة الأمنية المؤقتة من تحديد إطار زمني لخروجها، ويلقي عليها عبء معالجة المسائل التي ينبغي مناقشتها لولا ذلك داخل لجنة الرقابة المشتركة في أبيي. ويؤدي غياب إدارة متفق عليها لأبيي، بما في ذلك دائرة شرطة أبيي، إلى إطالة أمد محنة سكان منطقة أبيي، المحرومين من الخدمات الإدارية والعامة، فضلا عن الفرص الاقتصادية والإنمائية».
وعبر كبير الموظفين الدوليين عن «الأمل» في التوصل إلى حل لمسألة أبيي، مشدداً على أن القوة الأمنية المؤقتة «لا تزال ملتزمة التزاما تاما بدعم كل الجهود التي يبذلها فريق الاتحاد الأفريقي الرفيع المستوى المعني بالتنفيذ بغية تيسير التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بشأن مستقبل أبيي». وعبر عن تطلعه إلى قيام الاتحاد الأفريقي بـ«تعزيز مشاركته والاضطلاع بدوره كاملاً كوسيط سياسي رئيسي». وإذ شجع الطرفين على مواصلة التواصل بشأن مسألة أبيي، عبر عن «القلق» لأنه «مع انتشار جائحة (كوفيد 19)، قد يلزم أن يتخذ هذا التواصل في المستقبل المنظور صيغاً جديدة»، مذكراً بندائه من أجل وقف إطلاق النار على الصعيد العالمي، ليولي «أهمية خاصة لحل الخلافات القائمة بغية تكريس جميع الجهود للحد من انتشار مرض فيروس (كورونا)». وأكد أن القوة الأمنية المؤقتة «لم تسجل أي حالة إصابة بـ(كوفيد 19) حتى الآن». وأوضح أنه في ضوء التأخيرات التي طالت نشر وحدات الشرطة المشكلة الثلاث، والحالة الأمنية الهشة السائدة في أعقاب الهجمات التي وقعت في يومي 19 يناير (كانون الثاني) 2020 و22 منه في منطقة كولوم، والقيود الشديدة التي فرضتها جائحة «كوفيد 19» في الآونة الأخيرة «قُمت بتعليق سحب القوات» البالغ قوامها 295 فرداً المقرر إجراؤه في 15 مايو (أيار)، حتى نهاية يونيو. وأوصى أخيراً بـ«تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي لفترة ستة أشهر أخرى، حتى 15 أكتوبر 2020».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.