في آخر موقف لها من رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، اشترطت الكتل الشيعية أن يكون هناك تفويض سني - كردي له لاختيار وزراء مستقلين. جاء ذلك في سياق ما باتت تعبر عنه القوى السياسية الشيعية الرئيسية بالمسطرة الواحدة التي يتعين على الكاظمي التحرك بموجبها، وذلك خلال الاجتماعات الخاصة بهذه الكتل التي لديها حصة الأسد من الكابينة (12 حقيبة وزارية).
وفيما لا توجد خلافات على القسمة العددية للوزارات (السنة 6 حقائب والكرد 3 وحقيبة واحدة لكل من التركمان والمسيحيين)، فإن المشكلة تكاد تنحصر في طبيعة الوزارات (سيادية وغير سيادية) و(خدمية درجة أولى وخدمية بدون توصيف). وبينما لا يزال الكاظمي يحظى بتأييد الجميع برغم ما تبديه بعض الأطراف الشيعية من «تحفظات» مؤجلة يبدو أنه لم يحن وقت الإفصاح عنها، فإن الخلافات بين الجميع بدأت حين قدم أسماء الوزراء الذين اختارهم دون التشاور مع الكتل السياسية.
فالشيعة اعترضوا أولاً على آلية تقسيم الوزارات بين ما هو سيادي وما هو خدمي مثل الإصرار على أن تكون الداخلية من حصتهم بينما يريد السنة وزارة الدفاع والكرد وزارة المالية. وبينما لم ينتقل الخلاف السني - الشيعي من الوزارات إلى الأشخاص فإن الخلاف الشيعي - الكردي انتقل إلى المرشحين لبعض الوزارات وبالذات المالية التي يصر الكرد على أن يبقى وزيرها الحالي فؤاد حسين على رأسها.
الأقليات هي الأخرى شملت هذه المرة بالخلافات بين الاعتراض على الوزارة والوزير مثل التركمان الذين اعترضوا على استحداث وزارة هامشية مثل وزارة المرأة وترشيح وزيرة لها لا تمثلهم في حين نشب خلاف مسيحي - مسيحي حول من يشغل وزارة الهجرة والمهجرين التي منحت لهم.
الكتل الشيعية تواصل اجتماعاتها تحت ضغوط كبيرة بسبب اشتداد الأزمة الاقتصادية والأوضاع الصحية التي بدأت تتفاقم في ظل عدم وجود بدائل لتجاوز الأزمة التي وصلت إلى حد تهديد بعدم قدرة الحكومة على تسديد رواتب الموظفين. وبينما تسير المباحثات بين الكاظمي والكرد والسنة بانسيابية عالية، فإن الكتل الشيعية بدأت تنظر إلى التفاهم بين الكاظمي من جهة والسنة والكرد من جهة أخرى على أنه مرونة من قبله حيالهم لا العكس، الأمر الذي جعلها تنتقده لما تعتبره معايير مزدوجة في التعامل وهو ما جعلها تشترط تفويضاً سنياً - كردياً له لكي تقدم هي من جهتها على خطوة مماثلة وهي تخويله باختيار وزرائه بحرية.
وفي هذا السياق، يقول عضو البرلمان العراقي عن تحالف الفتح الدكتور نعيم العبودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشيعة لن يمانعوا في منح الكاظمي حرية اختيار وزرائه لكنهم ينتظرون تفويضاً سنياً - كردياً بهذا الشأن، حيث لا بد أن تكون هناك مسطرة لجهة التعامل مع الجميع».
وأضاف العبودي أن «التفويض سواء من قبل الكتل الشيعية أو السنية والكردية لا يعني عدم إبداء ملاحظات من قبل أي طرف من هذه الأطراف على أي وزارة من الوزارات طبقاً للشروط التي وضعها رئيس الوزراء المكلف نفسه وهي الكفاءة والنزاهة»، مشيراً إلى أنه «في حال وجود ملاحظات على الوزارة أو الوزير، فإن البرلمان سوف يكون له رأي في ذلك عند التصويت».
في السياق نفسه، أكد القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي السابق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المباحثات ما زالت جارية بين رئيس الوزراء المكلف والكتل الشيعية، حيث تم رفض أغلبية أسماء الوزراء الذين اقترحهم المكلف نفسه دون التشاور مع القوى الشيعية الرئيسية». وأضاف الزاملي: «في الوقت الذي رضخ فيه الكاظمي لمطالب السنة والكرد بقبول مرشحيهم للحقائب الوزارية، فإنه تجاهل الكتل الشيعية ما أثار غضبهم». وأوضح الزاملي أن «على المكلف بتشكيل الحكومة أن يختار حكومة مهنية قوية في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية والصحية وقادرة على تجاوز الأزمة، وبالتالي يحتاج إلى دعم الكتل والأحزاب لكي ينجح»، مشيراً إلى أنه «لا يمكنه النجاح في حال أعطى كتلاً وأحزاباً ما تريد وتجاهل أخرى، وهو ما يعني أنه سيواجه مشاكل قد تؤدي إلى عدم تمرير حكومته حاله في ذلك حال محمد توفيق علاوي».
وبالنسبة لشرط الشيعة منح تفويض سني - كردي للكاظمي، يقول عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر في البرلمان) يحيى المحمدي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموقف السني يقوم على أساس منح رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي المرونة الكافية في اختيار الكابينة الوزارية»، مبيناً أن «هذه المرونة لا تتناقض مع إمكانية التفاهم بين كل الأطراف من أجل تمشية الحكومة لقناعتنا بأنه في حال لم تمر هذه الحكومة فإننا وفقاً للظروف التي نعيشها سوف نكون أمام كارثة حقيقية».
بدوره، قال القيادي الكردي والنائب السابق في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الكرد عبروا عن دعمهم الكامل للمكلف حتى قبيل تكليفه رسمياً، وبالتالي لا يمكنهم الوقوف حجر عثرة سواء أمام جهوده هو بتشكيل الحكومة أو عبر حواراتهم مع الأطراف الأخرى». وأوضح أن «رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني عبر عن ذلك بوضوح ما يؤكد أن الموقف الكردي مؤيد وداعم وتهمه المصلحة العليا للبلاد في ظل الظروف المعقدة الحالية، حيث إن صافي ما يحصل عليه العراق الآن من مبيعات النفط دولاران للبرميل الواحد، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية ما لم يرتفع الجميع إلى مستوى المسؤولية». وأشار إلى أن «الكاظمي قد لا يكون هو الأفضل بين الموجودين، لكن حكومته حكومة أزمة وأهم ما يجب أن تتسم به النزاهة أولاً وقبل كل شيء».
الكتل الشيعية العراقية تشترط «تفويضاً» سنياً ـ كردياً للكاظمي
مقابل تخفيف شروطها بخصوص الحقائب الحكومية
الكتل الشيعية العراقية تشترط «تفويضاً» سنياً ـ كردياً للكاظمي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة