المعارضة التونسية تكشف عن «تعيينات مشبوهة» لصالح «النهضة»

TT

المعارضة التونسية تكشف عن «تعيينات مشبوهة» لصالح «النهضة»

انتقدت أحزاب تونسية معارضة بشدة تعيين قياديين من «حركة النهضة» في الفريق الحكومي، واتهمت الحزب الذي يرأسه راشد الغنوشي بمواصلة إنجاز برامجه «بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، عبر فرض أعضائه في مراكز القرار العليا بالحكومة». وجاءت هذه الانتقادات الحادة بعد تعيين عماد الحمامي مستشاراً لدى رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ برتبة وزير، وتعيين القيادي في «حركة النهضة» أسامة بن سالم في منصب مستشار لدى رئيس الحكومة، برتبة كاتب دولة.
يذكر أن الحمامي شارك مرات عدة في مفاوضات أجراها باسم «حركة النهضة» مع إلياس الفخفاخ خلال فترة تشكيل الحكومة قبل منحها الثقة، وكان مرشحاً بارزاً لتولي حقيبة وزارة النقل.
وفي هذا السياق؛ أكدت مصادر معارضة أن تعيين الحمامي مستشاراً لدى رئيس الحكومة «كان شرطاً من شروط (النهضة) لمنح الثقة لحكومة الفخفاخ، وهي الآن تسعى للوفاء بوعدها».
وسبق للغنوشي أن عيّن الحبيب خضر، المقرر العام السابق للدستور، رئيس ديوان له، علاوة على موظفين آخرين، وهو ما عدّته المعارضة «تعيينات مشبوهة». غير أن «حركة النهضة» أكدت أن النظام الداخلي للبرلمان يسمح لرئيسه بتعيين معاونيه من الموظفين. وأعلنت الرئاسات الثلاث خلال الأشهر الماضية عن مجموعة من التعيينات برتبة «مستشار»، أو «مكلف بمأمورية»، أو «مكلف بمهمة»، وهو ما خلف جدلاً واسعاً وانتقادات عديدة حول مدى قانونية هذه القرارات، وجدوى تنفيذها في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة؛ إذ عدّها البعض «تعيينات في غير وقتها، وإهداراً للمال العام. كما أنها تسميات تقوم على الولاءات والترضيات، ولا تعتمد مبدأ الكفاءة بالنسبة لكثير منها».
وفي هذا الشأن، قال أيمن العلوي، القيادي في «الجبهة الشعبية اليسارية» المعارضة، إن حكومة الفخفاخ «تناقض نفسها، ولم تتمسك بمبادئ الدقة والوضوح ومكافحة الفساد، التي قالت إنها ستعتمدها في تسيير دواليب الدولة»، مؤكدا أن «حركة النهضة» «تسعى إلى حل مشاكلها الداخلية وتوازناتها، من خلال الاتكاء على الحكومة وفرض تعديلات عليها». وعدّ أن هذه التعيينات «تمثل ترضية ومحاصصة جديدة تصب في مصلحة (حركة النهضة)، فقد انطلقت الحكومة بشكل محدود، ثم سرعان ما تسربت لها تعيينات غامضة، معظمها يعود إلى (حزب النهضة)»
ولم تقتصر هذه التعيينات على البرلمان فحسب؛ بل شملت أيضاً رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. وبهذا الخصوص أوضح عدد من الخبراء في القانون الدستوري أن أعلى هرم السلطة «يحق له الاستفادة من بعض الخبرات التي يثق بها، ومن حقه قانوناً أن يحدد الكفاءات التي سيعمل معها، على غرار رئيس الديوان والمستشارين في المجالات الحساسة، مثل الأمن والاقتصاد».
لكن الناشطة السياسية رجاء بن سلامة رأت في هذه الخطوة أن «حركة النهضة» «تبحث عن فرص شغل رفيعة المستوى لقيادييها»، مبرزة أن الغنوشي «مكّن من لم يسعفهم الحظ من دخول البرلمان، أو الانضمام إلى التشكيلة الحكومية، والاستفادة من امتيازات ورتب ورواتب، لا تقل قيمة عمن فازوا بمقاعد برلمانية أو حقائب وزارية».
على صعيد آخر، كشفت مصالح الوزير لدى رئيس الحكومة، المكلف الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، عن نتائج المهمة الرقابية، التي كلفت بها الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية فيما باتت تعرف في تونس بـ«الصفقة المشبوهة لتصنيع مليوني كمامة طبية».
وأكد التقرير الحكومي وجود ما سماها «قرائن جدية» حول شبهة فساد، مردها إلى عملية التفاوض التي كانت موضوع مكالمة هاتفية دارت بين وزير الصناعة صالح بن يوسف، والنائب البرلماني جلال الزياتي صاحب المصنع، حيث تمكن قبل غيره من رجال الصناعة من التعرف على المقاييس الفنية والأسعار، وذلك قبل 3 أيام من تحديدها من قبل لجنة فنية حكومية، وهو ما يؤكد أنه استفاد من منصبه، ويطرح شبهة «تضارب المصالح».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».