يرى محللون اقتصاديون أن المشهد الراهن لتهاوي الطلب على النفط يدعو بالضرورة لتحرك أميركي، لتخفيض إنتاجهم بشكل كبير هذا العام، بما لا يقل عن 3 ملايين برميل، يومياً، عما كان عليه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مرجحين أن تلعب نتائج اجتماع «أوبك بلس» الأخير دوراً إيجابياً على الوضع الذي أحدثته حادثة العقود الآجلة، لكنهم رهنوا استعادة الوضع الطبيعي لاستقرار السوق العالمية والسعر العادل والتوازن بين العرض والطلب بجلاء جائحة «كورونا».
وقال الأكاديمي الدكتور محمد القحطاني، أستاذ الإدارة الدولية بجامعة الملك فيصل، لـ«الشرق الأوسط»، إن اختلاف معايير التخزين ساهم في حالة التدهور الحالية، مشيراً إلى أن تخزين نفط الولايات المتحدة محدود، وكذلك غير ساحلي، ما يجعل النقل أكثر صعوبة نسبياً، بخلاف تخزين خام «برنت» في منتصف بحر الشمال، حيث يكون النقل وافراً، ويمكن الوصول إليه بسهولة، متوقعاً أن تشهد أسعار النفط ضغوطاً حقيقية بسبب ضبابية المشهد النفطي، وأزمة التخزين، وانهيار الطلب حتى نهاية مايو (أيار) المقبل.
ويرجع القحطاني سبب حالة التدهور السعرية الحادة، في الأساس، للتعنت الروسي، منذ أن دعت «أوبك بلس» لتخفيض الإنتاج، فجاءت حرب الأسعار التي استمرت أسابيع، لتتدمر سوق النفط، وسط تراجع كبير في الطلب بسبب فيروس كورونا، موضحاً بالقول: «من هنا يجب أن يقوم المنتج الأميركي بتخفيض إنتاجه، بشكل كبير، هذا العام، بما لا يقل عن 3 ملايين برميل يوميًا عما كان عليه ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
وحسب القحطاني، فإنه من الضروري رجوع الاقتصاد العالمي حتى تتحرك عجلة الإنتاج، وتعود الحياة إلى جزء من طبيعتها السابقة، إذ إن 60 في المائة من استهلاك النفط يذهب للنقل والمواصلات.
من جهته، أوضح المحلل الاقتصادي الدكتور خالد رمضان لـ«الشرق الأوسط»، أن انهيار سعر العقود الآجلة المستقبلية لبرميل نفط غرب تكساس الأميركي الوسيط، مؤخراً، يبقى حدثاً مؤقتاً لسببين: الأول، انتهاء صلاحية عقود شهر مايو، حيث يبدأ تداول عقود شهر يونيو (حزيران) المقبل بسعر 20 دولاراً للبرميل، ما أشعل السلوك المضاربي، حيث إن المستثمرين الذين اشتروا الخام الأميركي في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) ومارس، وجدوا أنفسهم بدون سعة تخزينية تسمح لهم بإبقاء الخام في حوزتهم بعد توقف الطلب، وبسبب ضيق الوقت قرروا المضاربة وحرق الأسعار، للتخلص من كل العقود الخاصة بشهر مايو. أما السبب الثاني، وفقاً لرمضان، يتعلق بتراجع الطلب النفطي واستمرار تخمة المعروض، خصوصاً مع توقف حركة الطيران العالمية، وعزل المدن، وتوقف النشاط الاقتصادي مع تفشي الفيروس، ما يؤكد أن الحل في عودة الإنتاج والاستهلاك العالمي، مشيراً إلى أن عدد العقود التي بيعت يوم الاثنين الأسود في أسواق النفط الأميركية تمثّل ثُمن الكمّية التي يجري تداولها عادة في السوق.
أميركا «مضطرة» لخفض 3 ملايين برميل يومياً
أميركا «مضطرة» لخفض 3 ملايين برميل يومياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة