الحوثيون يتفنّنون في اصطياد ضحاياهم المدنيين بالألغام

جانب من عمليات المسح التي ينفذها البرنامج السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)
جانب من عمليات المسح التي ينفذها البرنامج السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)
TT

الحوثيون يتفنّنون في اصطياد ضحاياهم المدنيين بالألغام

جانب من عمليات المسح التي ينفذها البرنامج السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)
جانب من عمليات المسح التي ينفذها البرنامج السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)

من منزله المصنوع من القَشّ وسعف النخيل، خرج الصياد وهيب محمد حسن البحر، من ساحل الطور التابع لمديرية بيت الفقيه في محافظة الحديدة غرب اليمن، واعداً أبناءه الخمسة وزوجته بعودة سريعة، ورزق وفير، لكنه عاد جثة قذفت بها الأمواج بعد أن انفجر بقاربه لغم بحري زرعه الحوثيون.
كان وهيب قد استكمل تجهيز قاربه واستعدّ للإبحار بعيداً عن الساحل بحثاً عن رزقه، وفيما هو يلقي بشباكه لاصطياد ما أمكن من الأسماك؛ كان لغم بحري قد زرعته الميليشيا أسرع منه؛ فاصطاد حياته، حيث انفجر اللغم بالقارب ودمره.
يقول شقيقه: «ذهبنا للبحث عن أخي بعد أن تأخر في العودة إلى المنزل، ووجدناه جثته قذفت بها الأمواج إلى شاطئ البحر؛ فيما تطفو على الماء بقايا حطام قاربه». ويضيف: «كان أخي يكابد لأجل أن يعول أطفاله، ولكنهم اليوم فقدوه وأصبحوا أيتاماً، والزوجة المكلومة وأبناؤها الخمسة أصبحوا بلا سند ولا من يتولى توفير لقمة العيش لهم، وحتى البيت (العِشّة) المصنوع من سعف النخيل لا يحميهم من الرياح والحرارة المرتفعة».
وإذ يتفنن الحوثيون في تشكيل الألغام والعبوات الناسفة وتمويهها، لجعلها غير مرئية وتسهل اصطياد المدنيين خصوصاً في مناطق المواجهات المحتدمة، فإنهم لم يتركوا براً ولا بحراً وصلوا إليه إلا ونثروا فيه الألغام والمتفجرات متعددة الأشكال والاحجام.
ففي منطقة الجاح التي تتبع أيضاً مديرية بيت الفقيه، انفجرت عبوة ناسفة كان الحوثيون قد زرعوها قبل طردهم من المنطقة، في حافلة ركاب فقتل أحد الركاب وأصيب 8 آخرون واحترقت الحافلة التي كانت تُقلّهم في بلدة الصفارية بمنطقة الجاح.
ولأن هذه المديريات أهم المناطق الزراعية في سهل تهامة وتوجد بها أكبر مزارع النخيل، فقد حولها الحوثيون إلى أماكن لتخزين الأسلحة، أو التسلل بين الأشجار لعمل الكمائن لقوات الحكومة، فقد تعمّد الحوثيون نشر الألغام والمتفجرات في الطرقات وبين المزارع بأشكال مختلفة، فبعضها على شكل جذوع نخل، وأخرى على شكل صخرة، وهو ما أدى إلى مقتل العشرات من المزارعين أو المسافرين، وتعرض آخرين لإعاقات مستدامة.
وفي محافظة البيضاء، كانت أسرة بأكملها ضحية لعبوة ناسفة مموهة وضعها الحوثيون على الطريق العامة، حيث أثارت فضول الأسرة التي كانت تعبر بسيارتها في الطريق العامة قبل أن تنفجر فيها.
ووفق سكان في المنطقة، فإن العائلة التي كانت تستقل السيارة قرب قرية المسمق بمديرية الطفة، شاهدت جسماً غريباً على جانب الطريق؛ فشكّت في أمره بداية، فأطلقت عليه النار للتأكد مما إذا كان عبوة أم لا، ولما لم ينفجر دفعهم الفضول لحمله إلى السيارة حيث انفجر بعد وقت قصير وتسبب في مقتل كل من كان على متن السيارة من عائلة العبدلي.
ووسط هذه المعاناة، يواصل «المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)»، مهمته في نزع عشرات الآلاف من الألغام؛ حيث بلغ إجمالي ما تم نزعه منذ بداية المشروع في 2018 حتى منتصف شهر أبريل (نيسان) الحالي 161 ألفاً و238 لغماً، وذخيرة غير منفجرة، وعبوة ناسفة، زرعتها الميليشيا في الأراضي والمدارس والبيوت وحاولت إخفاءها بأشكال وألوان وطرق مختلفة.
ورغم مخاطر انتشار فيروس «كورونا» المستجدّ، فإن المشروع واصل مهمته؛ حيث أتلف (السبت) 2360 لغماً وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة زرعتها ميليشيا الحوثي في مديرية المخا التابعة لمحافظة تعز.
وقال المدير العام المشروع أسامة القصيبي، إن عملية الإتلاف شملت 1020 لغماً مضاداً للدبابات، و500 قذيفة غير منفجرة، و590 فيوزاً منوعاً، بالإضافة إلى 150 عبوة ناسفة، و100 لغم مضاد للأفراد، وإن العملية التي نفذها الفريق رقم «30» الخاص بجمع القذائف تُعد العملية رقم «17» في الساحل الغربي، ليصل إجمالي عمليات الإتلاف التي نفذها المشروع إلى 61 عملية إتلاف وتفجير في اليمن.
وأشار إلى أن مساحة الأراضي التي جرى تطهيرها منذ انطلاق المشروع في منتصف 2018 بلغت 9 ملايين و917 ألفاً و384 متراً مربعاً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.